اختبرت الدراسة ثلاث حالات، حيث كان الناس يراقبون لقطات لامرأتين في غرفة الانتظار، وقد كان هناك ثلاث مجموعات، حيث أخبر الباحثون المجموعتين الأوليين بأنهم كانوا يشاهدون كاميرا تبث بثًا مباشرًا، ثم أخبروا الأولى أنهم سيقابلون المرأة بعدها، وأخبروا الثانية أنهم لن يقابلوا المرأة بعدها. أما المجموعة الثالثة فقد أُخبِروا أن هذا فيديو مسجل مسبقًا. (كما طلبوا من مجموعة من الأشخاص الممثلين أن يمثلوا دور "الأشخاص الآخرين" والذين سيُعرضون على المتطوعين كفيديو، وطلبوا منهم أن ينظروا في أوقات معينة إلى اتجاهات معينة، ثم يقارنوا نسبة تتبع المشتركين لاتجاه نظر الممثلين - المترجم).
قال د.غريغوري Gregory شارحًا ما كانوا قد توقعوا رؤيته: ”فكرنا بأنه حين صدق المشتركون بأنهم قد يقابلون الناس الذين في المشهد، فقد ينجذبُ انتباههم نحو وجوه هؤلاء الناس بسهولة أكثر، وسينظرون إلى مكان نظر هؤلاء الناس بنسبة أكبر من المجموعتين الأخريين، بما أن الناس سيكونون مترابطين اجتماعيًا أكثر مع هؤلاء المشتركين“.
وأردف قائلًا: ”كما توقعنا أن الناس الذين اعتقدوا أن المشهد مصور مسبقًا، وهي الحالة التي كانت الأقل تشابهًا مع الحياة الواقعية، فإنهم سينظرون بشكل أقل إلى وجوه الممثلين وإلى نفس الأماكن بنسبة أقل من الآخرين“.
ويضيف: ”وبالرغم من ذلك، فقد وجدنا العكس تمامًا. بغض النظر عما إذا كانوا قد اعتقدوا أنهم سيقابلون الناس في المشهد أم لا، فعندما اعتقد المشاركون بأنهم يشاهدون كاميرا تبث بثًا مباشرًا ظهر بأنهم يتجنبون النظر إلى وجوه الناس، وبالكاد اتبعوا اتجاه نظرهم بالرغم من أن الناس في المشهد لم يروا المشاركين. وعندما اعتقد المشاركون أن المشهد كان مسجلًا، قاموا بالنظر نحو الوجوه واتبعوا اتجاه نظرات الممثلين أكثر بكثير“.
”لربما يكون ما نعتقد بأننا نعرفه حول طريقتنا في فحص الآخرين خاطئًا. فحالما يتم قياس سلوك الفحص حسب سياق اجتماعي حقيقي، فالطريقة التي ننظر فيها إلى الناس تتغير، وبدلًا من أن نجد اهتمامنا منجذبًا نحوهم، فنحن في الواقع نتحاشى النظر إلى وجوههم“.
”ومن المحتمل أن هذا يعكس تفاعلًا معقدًا للعوامل المتوفرة في سيناريو اجتماعي حقيقي، والذي يكون غائبًا في أغلب الدراسات التجريبية، كالالتزام بالقواعد الاجتماعية والمبادئ، أو التفكير في عدة أشياء مرة واحدة، ما يجعلنا ننظر أقل إلى الناس من أن نعرض صورًا لهم في مختبر“.
”يحتاج علماء النفس إلى أن يبدأوا بأخذ هذا الأمر بالاعتبار في أبحاثهم، وهو أمر نادر جدًا في هذا الوقت، من أجل أن يضمنوا أن ما اكتشفناه من اختباراتنا يُمكن حقًا أن يُطبق على سلوك الحياة الحقيقية. وإن لم يستطيعوا فيجب إذن أن يُعاد تقييم نتائجها“.
تمد دراسة نيكولاس غريغوري حقل البحث هذا بإيضاح جديد، بأن تقع في سياق اجتماعي وطبيعي بخلاف الدراسات القديمة. وأيضا تدحض الدراسات السابقة التي تقترح بأن الناس ينظرون غالبًا نحو الوجوه ويحولون أنظارهم آليًا نحو الاتجاه الذي ينظر إليه الناس الآخرون.
نشرت الدراسة على الإنترنت في مجلة العلوم والطب PLOS ONE، المنظمة غير الربحية للعلماء والأطباء التي تعهدت بجعل الثقافة العلمية المفيدة متوفرة مجانًا.