يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
حقائق عن قمر المريخ فوبوس

التَقطت المركبةُ المدارية مستكشف المريخ Mars Reconnaissance هذه الصورة للقمر فوبوس أكبر قمري المريخ، على بُعد 6800 كيلومتر (حوالي 4200 ميل). ملكية الصورة: ناسا، مختبر الدفع النفّاث، أريزونا.
 

يدور قمر المريخ فوبوس على بعد بضعة آلافٍ من الأميال فقط فوق سطح المريخ، ويُعدّ قُربه من كوكبه من الأسباب التي جعلت علماء الفلك يجدون صعوبةً في رؤية القمر حتى أواخر القرن التاسع عشر. وفي الحقيقة، على مدار القرون الماضية فالقمر آخذٌ في الاقتراب من المريخ وفي النهاية إما أن يتحطّم أو يصطدم بسطح المريخ.
 
يمكن للمسبار الفضائي روبتك Robotic الموجود على المريخ رؤية مرور القمر فوبوس.
 
 

الاكتشاف والاسم


في وقتٍ مبكرٍ من القرن السابع عشر، اقترح عالم الفلك يوهانس كيبلر Johannes Kepler أنه قد يكون للمريخ قمران نظرًا لوقوعه بين الأرض والمشتري (حيث كان من المعروف أن للأرض قمر واحد وللمشتري أربعة أقمار) ولم يكن هناك أيُّ دليلٍ على وجود مثل هذه الأقمار.
 
وعلى الرغم من اعتقاد معظم الناس بأنه ليس للمريخ أقمارٌ، فقد أجرى الفلكي الأمريكي أساف هول Asaph Hall دراسةً منهجيةً من المرصد البحري الأمريكي في واشنطن العاصمة، باحثًا بقربٍ أكثر إلى الكوكب من الدراسات السابقة.
 
وإثر البحث الخالي من النجاح كان أساف هول المحبط على وشك الاستسلام، غير أن زوجته أنجلينا حثّته على المثابرة، وفي الليلة التالية أي في الثاني عشر من آب/أغسطس من عام 1877، اكتشف أساف القمر هول Hall الذي عُرِف لاحقًا باسم ديموس، وبعد ستة أيامٍ اكتشف فوبوس أيضًا.
 
ويقع القمران بالقرب من الكوكب حيث يجعلهما وهج المريخ بمنأىً عن الأنظار. حجمهما مثل حجم الكويكب إذ إنهما من أصغر أقمار المجموعة الشمسية، مع قمر فوبوس الأكبر سبع مراتٍ من حيث الضخامة من رفيقه ديموس.
 
ووفقا لناسا فإن فوبوس في الميثولوجيا الإغريقية كان واحدًا من أبناء إله الحرب آريس (المريخ بالنسبة للرومان) ورافق الابنان التوأم والدهما أثناء المعركة.
 
فوبوس يعني الخوف (كما هو الحال في كلمة phobia التي تعني الرهاب)، في حين أن ديموس يعني الطيران (وخاصةً بمعنى الفرار بعد الهزيمة).
 
 

اكتشاف الأقمار


استغرق الأمر قرنًا آخرَ كي يبدأ العلماء في فَهْم قمري المريخ الصغيرين. ففي عام 1971 أصبح المسبار مارينر9 أول قمرٍ صناعيٍّ من صنع الإنسان يدور حول كوكبٍ آخر. وتُظهِر الصور وعورة كِلا القمرين فوبوس وديموس بشكلٍ يشبه البطاطا بدلًا من الشكل الكروي الذي تحمله معظم الأقمار. وكانت الأرصاد التي أُخِذت للقمر فوبوس محدودةً بسبب قفل مد وجزر القمر للكوكب، مما يفضي دائمًا إلى نفس الجانب تجاه الخارج.
 
ومع استمرار الاستكشافات، كان للعلماء القدرة على تعلُّم الكثير عن دوران قمري المريخ. وفي أواخر السبعينيات وفّرت بعثة فوبوس 2 السوفييتية، وماسح المريخ العالمي Mars Global Surveyor التابع لناسا، ومارس أكسبريس الأوروبي European Mars Express المزيد من الأدلة حول هذين القمرين الغريبين. وفّرت المركبات التي اشتركت في هذا العمل من على سطح الكوكب بدءًا من سبيريت روفر Spirit Rover وكيوريوسيتي روفر Curiosity rover حتى أبورتيونيتي روفر opportunity Rover صورًا لسطح المريخ. وقد صَوّر مسبار مافن MAVEN التابع لناسا القمر فوبوس أيضًا في محاولةٍ لمعرفة المزيد عن تكوينه.
 
وفي عام 2011 حاولت روسيا إرسال بعثةٍ للمريخ تُدعى فوبوس-غرنت Fobos-Grunt التي كان من المفترض أن تعود إلى الأرض عام 2014 حاملةً عينةً صغيرةً من القمر. غير أن المركبة الفضائية هُجِرت في مدارٍ حول الأرض بسبب مشاكل تتعلق بصاروخها. سقطت فوبوس-غرنت إلى الأرض في أوائل عام 2012 وتحطّمت في المحيط الهادئ.
 
ربما لم تنته ناسا من فوبوس بعد، إذ تنظر وكالة الفضاء في مهمة فوبوس سيرفير Phobos Surveyor والتي ستقوم بنشر مسباراتٍ صغيرةٍ تشبه القنفذ على سطح القمر، وتُموَّل البعثة في إطار برنامج ناسا المبتكر للمفاهيم المتقدمة Innovative Advanced Concepts، الذي ينظر في المفاهيم التي من الممكن أن تكون على بُعد عقودٍ من الطيران.
 
واحدةٌ من المفاهيم المنافسة لناسا في المرحلة القادمة المنخفضة التكلفة هي اختيار مهمة ديسكفري كلاس Discovery-class والتي ستستكشف كِلا القمرين، ستُسمّى المركبة باسم بادمي PADME اختصارًا لـ (فوبوس وديموس والبيئة المريخية Phobos And Deimos and Mars Environment)، وفي حال اختيرت فمن المقرر لها الانطلاق في 2020 والوصول في 2021.
 
وستحاول المركبة اكتشاف من أين جاء هذان القمران؟ هل جاءا من خلال حزام الكويكبات حيث تشكَّلا حول الكوكب أم أن هناك سيناريوهات أخرى؟
 
وكما اقترح بعض مؤيدي رحلات الفضاء البشرية أن تقوم ناسا بإنزال الناس على فوبوس قبل الهبوط على المريخ، وتأمل ناسا في إرسال بعثةٍ بشريةٍ إلى هناك بحلول عام 2030.
 
 

التكوين والتشكيل


كشف فحص القمر فوبوس ورفيقه عن أشياءَ أكثر من شكلهما الغريب غير الكروي. فلون القمرين رماديٌّ داكنٌ وتكثر فيهما الحفر. والقمران هما الأعتم وبالتالي هما الجُرمان الأقل انعكاسًا في المجموعة الشمسية. وبعد ملاحظة العلماء القمرين، استنتجوا أن كليهما مصنوعٌ من النوع الأول أو الثاني من كوندريت الكربون carbonaceous chondrites، وهي المادة التي شكّلت النيازك والكواكب القزمة.
 
وأوصل هذا الشكل والتركيب الغريب بعض العلماء إلى استنتاج أن أصل القمرين هو حزام الكويكبات، حيث عملت جاذبية المشتري منذ قديم الأزل إلى دفعهما للدوران حول المريخ. ومع ذلك، فإن العلماء ليسوا متأكدين من أن حزام الكويكبات هو مصدر ولادة هذه الأقمار. فكلاهما له مدارٌ دائريٌّ تقريبًا غير عاديٍّ للأشياء التي أُسِرت من خلاله. وسيواجه الغلاف الجوي الرقيق في المريخ صعوبةً في توفير الكبح اللازم لإبقاء القمرين في مداراتهما الحالية. وبالمثل، فإن القمرين ليسا كثيفين مثل الأشياء الموجودة في حزام الكويكبات.
 
بدلًا من ذلك، ربما يكون القمران كتابعٍ حول المريخ، بالإضافة إلى الغبار والصخور التي التصقت معًا بفعل الجاذبية.
 
وربما حدثت تلك الولادة بفعل الاصطدام، وذلك بارتطام جسمٍ كبيرٍ في الكوكب الأحمر نتجت عنه قطعٌ متطايرةٌ في الهواء ثم التصقت معًا بفعل الجاذبية. وربما يكون القمر الموجود حينها قد تحطّم مخلفًا الأنقاض التي شكّلت لاحقًا فوبوس وديموس.
 
بالسفر على مسافة 3700 ميل (6000 كيلومتر) فوق سطح المريخ يدور القمر فوبوس حول الكوكب الأحمر ثلاث مراتٍ في اليوم. ويظهر القمر عابرًا السماء في حوالي أربع ساعات، ليشرق في الغرب ويغرب في الشرق.
 
تتميز العديد من أفلام الخيال العلمي بأقمارٍ كبيرةٍ تسيطر على السماء الغريبة، ولكن على الرغم من قربها من كوكبها فإن فوبوس لا يبلغ من السعة سوى الثلث كسعة القمر الكامل عندما يُرى من الأرض. من ناحية أخرى، يسيطر المريخ على أفق فوبوس، ليحتل ربع السماء.
 
 

الدمار المحقق


القمر فوبوس لن يستمر في التحرك سريعًا حول المريخ، إذ إنه يتحرك بطريقة حلزونية نحو الداخل بمعدل 1.8 سنتيمترًا في السنة أو 1.8 مترًا (حوالي 6 أقدام) كلَّ قرنٍ. في غضون 50 مليون سنة، فالقمر إما أن يصطدم في كوكبه الأم أو أن يتمزق إلى أنقاض ومن ثم يتبعثر على هيئة حلقةٍ حول المريخ.
 
وقد جعلت الخصائص غير العادية لفوبوس، بما في ذلك مداره المتدهور بعض العلماء في الخمسينيات والستينيات يستنتجون أن القمر كان اصطناعيًّا، وكان أحد هؤلاء العلماء البارزين د. إيزنهاور المستشار العلمي للرئيس دوايت.
 
وكشفت دراسة أخرى أن القمر يحمل تشابهًا أقوى مع كومة الأنقاض أكثر من الأقمار الاصطناعية، والصور التي يتم إرسالها من المركبة المدارية تبيّن أنها شُكِّلت في الطبيعة.
 
 

على السطح


تبلغ أبعاد فوبوس (أكبر القمرين) 10× 14× 11 ميلًا (17× 22×18 كم) ويُغطَّى السطح بمسحوق غبارٍ مساحته 3 أقدام (متر واحد)، ويرجع ذلك على الأرجح إلى قصفٍ نيزكيٍّ.
 
وهناك حفرة لها أثر كبير تسيطر على القمر تمتد حوالي 6 أميال (9.5 كم)، وتسمى حفرة ستيتشني وتغطي معظم السطح، ومن المحتمل أن الأثر الذي تشكِّلُه يسبب العديد من الآثار الثانوية، كتحليق الصخور ورجوعها مرةً أخرى إلى فوبوس، وتحمل الحفرة الاسم الأول لزوجة هول المشجِّعة له.
 
والقمر مشوب بالأخاديد الطويلة، وفي عام 2015 اقترحت دراسةٌ تقودها ناسا أن الأخاديد على فوبوس هي في الواقع علاماتٌ مبكرةٌ لقمرٍ تَفكّك بسبب ضغوط المد والجزر الناجمة عن جاذبية المريخ.
 
وذكرت نظريةٌ أخرى أن الأخاديد يمكن أن تكون بقايا اصطدامٍ كبيرٍ خلّف وراءه حفرة ستيتشني ولكن الأخاديد لا تتمركز على هذه الحفرة.
 
تفسير آخر تبنته الجامعة المفتوحة Open University في دراسة نُشرت عام 2014 وهو أن أخاديد القمر يمكن أن تأتي من المواد النازحة من المريخ والتي تضرب سطح فوبوس.
 
أما درجات الحرارة على سطح فوبوس فهي متفاوتةٌ، إذ تصل إلى أعلى مستوياتها خلال النهار بواقع 25 درجة فهرنهايت (سالب 4 درجات مئوية)، بينما تصل في الليالي باردةً لتكون سالب 170 درجة فهرنهايت (سالب 112 درجة مئوية).
 
القمر صغيرٌ جدًا بحيث لو أن شخصًا يزن 150 رطلًا وقف على سطحه فلن يزن سوى أوقيتين.
 
 

حقائق عن فوبوس


يبلغ نصف قطر القمر: 6.9 ميل (11.1 كم)
 
المحور شبه الرئيسي حول المريخ (المسافة من منتصف الكوكب): 5826 ميل (9376 كم)
 
الحضيض: 5738 ميل (9234 كم)
 
الأوج: 5914 ميل (9518 كم)
 
الشذوذ المداري: 0.0151
 
زاوية الميلان: 1.075 درجة
 
الوقت الذي يأخذه القمر لدورانٍ واحدٍ: 7.65 ساعة
 
الكتلة: 1.0659 × 10 ^ 16 كجم
 
الكثافة: 1.872 جم/سم^3
 
جاذبية السطح: 0.0057 متر/ثانية^2
 
سرعة الإفلات: 25 ميلًا في الساعة (41 كم/ساعة)
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات