طريقة جديدة لصنع الفوتونات الفردية

طريقةٌ جديدة لصُنع الفوتونات الفردية

 

حقوق الصورة: Leiden Institute of Physics
حقوق الصورة: Leiden Institute of Physics

 

تكمن أهمية الفوتونات الفردية في أنها تلعب دورًا هامًا في التقنيات الكميّة المستقبلية من مثل التشفير الكميّ والحواسيب الكمومية. ومؤخرًا، أظهر علماء الفيزياء من معهد ليدن Leiden Institute of Physics تجريبيًا طريقة إنتاج جديدة.

فعندما نتحدث مع بعضنا نستخدم مجموعة واسعة من أدوات التواصل، فنصرخ أو نهمس، نستخدم صوتًا عاليًا أو منخفضًا ونتحدث ببطء أو بسرعة. والضوء أيضًا مصدرٌ غني بالمعلومات. إذ يمكن أن يختلف في اللون أو الشدة أو الاستقطاب أو طول الومضات، فهي قصيرة أو طويلة. ويتكون الضوء عادةً من جسيمات لا تُعدُّ ولا تُحصى تُسمى الفوتونات، ولكن إذا استخدمت فوتونًا فرديًا، فستتمكن من الوصول إلى مستوى مخفي من المعلومات، وهو المستوى الذي تحدث فيه الظواهر الكمومية، مثل اللف المغزلي والتشابك الكميّ، ما يجعل من الممكن التواصل بين طرفين في سريةٍ تامة، أو حتى لحل مشاكل رياضية معقدة مع الحواسيب الكميّة. ومع ذلك، فإنّ عملية إنتاج الفوتونات الفردية ليست بتلك السهولة. لغاية هذه اللحظة، يبحث العلماء عن طرق للقيام بذلك بأسهل ما يمكن. وقد أثبتت مجموعة البصريات الكمومية في جامعة ليدن تجريبًيا طريقة جديدة تبدو فعالة!

ولإنشاء فوتونات مفردة طبقًا للطريقة المُعتادة، يقوم الفيزيائيون بالخطوات التالية: إضاءة ليزر على ذرة صناعية كبيرة - نقطة كمومية - داخل المرنان الضوئي، ويجذب التجويف ضوء الليزر، الذي يستمر في الارتداد داخله حتى يصل إلى النقطة الكمومية ويسقط بداخلها، ما يُثير الإلكترونات في الذرة لتنتقل إلى مستوى طاقة أعلى، ثم لا يتسنى إلا أن تعود إلى مستوى طاقتها الأصلية والذي يجعل الذرة تشع فوتونًا واحدًا، انتهت المهمة. ولكن صنع مثل هذا الجهاز الذي يُولّد سلسلة من الفوتونات المفردة والذي يُسمى "حصار الفوتون photon blockade " صعب للغاية، لأنّ أي ضوء ليزر متبقٍ داخل التجويف سيفسد الفوتونات الفردية.

وقد قدّم باحثو جامعة ليدن مؤخرًا أدلة تجريبية على طريقة مختلفة لإنتاج فوتونات مفردة. وتوصل المؤلفان المشتركان فينتشينزو سافونا Vincenzo Savona وهيوغو فلاياك Hugo Flayac من مدرسة لوزان الاتحادية للفنون التطبيقية EPFL Lausanne إلى الجانب النظري الخاص بتلك الطريقة. وفي هذه الطريقة، المسماة حصار الفوتون غير التقليدي، تُثار النقطة الكميَة داخل التجويف بواسطة ضوء مستقطب بشكلٍ محدد. عندئذ يُنتج التداخل الكمي للضوء حزمة من الفوتونات الفردية.

إذ يقول المؤلف الرئيس للدراسة هينك سنيهيرس Henk Snijders: "إنّ طريقتنا تعمل من خلال آلية فيزيائية مختلفة جوهريًا، ما يجعلها اكتشافًا مثيرًا للاهتمام".

نُشرت هذه الدراسة في مجلة Physical Review Letters في 23 تمّوز/يوليو.

المصطلح وتعريفه


التشفير الكميّ quantum cryptography: وهو استعمال مبادئ ميكانيكا الكم، وبالأخص علوم الاتصالات والحوسبة الكموميتين، في تشفير الأعمال أو لتفكيك أنظمة مشفرة.

الحواسيب الكمومية quantum computers: هي تسخير الظواهر الغريبة التي تحدث للجسيمات في المستويات الصغيرة جدًا لمعالجة المعلومات بطريقة واعدة.

الفوتونات photons: هو جسيم أولي متناهي الصغر (بالتحديد بوزون)، وهو المسؤول عن الظاهرة الكهرومغناطيسية، وهو حامل الإشعاع الكهرومغناطيسي لكل أطوال الموجات.

اللف المغزلي spin: هو دوران الجسيم الأولي حول نفسه وهو خاصية جوهرية في كافة الجسيمات الأولية وتمثل ظاهرة ميكانيكية كمومية أصيلة. يمكن تقريب اللف المغزلي للإلكترون للأذهان عن طريق تشبيهها بدوران الأرض حول نفسها إضافة لدورانها حول الشمس.

التشابك الكميّ quantum entanglement: هي ظاهرة كَمّية ترتبط فيها الجسيمات الكميّة من مثل الفوتونات والإلكترونات والجزيئات ببعضها رغم وجود مسافات كبيرة تفصل بينها مما يقود إلى ارتباطات في الخواص الفيزيائية المقاسة لهذه الجسيمات الكمّية.

نقطة كمومية quantum dot: هي جسيم شبه موصل صغير جدًا، تبلغ من الحجم عدة نانومترات فقط، صغيرة جدًا لدرجة أنّ خواصها البصرية والإلكترونية تختلف عن تلك الخاصة بالجسيمات الأكبر. مما يجعلها تسلك خواص ميكانيكا الكم.

المرنان الضوئي Optical cavity: أحد المكونات الأساسية في الليزر ومقاييس التداخل والمضخات الضوئية. وهو مجموعة من المرايا المرصوصة داخل الوسط الليزري ليزود الليزر بـتغذية ضوئية خلفية. تقوم المرايا بعكس الفوتونات المتولدة في الوسط لتنعكس ملايين المرات في الثانية ذهابًا وإيابًا بين المرآة الخلفية والمرآة الأمامية. وتعمل حركة الفوتونات داخل المرنان على تداخلها وتوحيد طورها الموجي فتتضاعف.

الاستقطاب Polarization: من أهم خصائص الموجات الكهرومغناطيسية أنها موجة مستعرضة بالنسبة لاتجاه انتشارها، حيث يتموج مجال كهربائي عموديًا على مجال مغناطيسي، وكلاهما يتموج عموديًا على اتجاه انتشار الموجة الكهرومغناطيسية، والضوء هو أحد أنواع الموجات الكهرومغناطيسية. ويمكن لمواد بلورية خاصة استقطاب الموجة الكهرومغناطيسية إلى مُركّبتيها، فهي تسمح مثلًا بنفاذ مُركّبة المجال الكهربائي وتمنع مُركّبة المجال المغناطيسي.

التداخل الكمي Quantum inference: يُعرف التداخل بأنه ظاهرة فيزيائية تحدث بين الموجات المقترنة. فيحدث بين هذه الموجات تراكب أو تداخل نتيجة صدورهما من مصدر واحد أو تقاربهما في قيمة التردد. ويكون هذا التداخل إما تداخلًا هدّامًا أو بناءً. ولكن في تجربة شَقّي يونغ التي اُعيد تنفيذها لمعرفة أي طبيعة يتصف بها الضوء (جسيم أم موجة)، لُوحظ أنّ عملية مراقبة الفوتونات تهدم الحالة الموجية وتجعلها تتصرف وكأنها جسيمات، وتُسمى هذه الظاهرة بالتداخل الكميّ.
 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • التشابك الكمومي (quantum entanglement): التشابك الكمومي: ظاهرة كَمّية ترتبط فيها الجسيمات الكميّة ببعضها، رغم وجود مسافات كبيرة تفصل بينها. مما يقود إلى ارتباطات في الخواص الفيزيائية المقيسة لهذه الجسيمات الكمّية. المصدر: العلوم الأمريكية.
  • الحواسيب الكمومية (Quantum computers): هي الحواسيب التي تعتمد على مبادئ ميكانيك الكم وظواهره مثل التراكب الكمي والتشابك الكمي لمعالجة البيانات. تُقاس البيانات في الحواسيب التقليدية بواحدة البت، أما في الحواسيب الكمومية فتقاس بالكيوبت Qubit

اترك تعليقاً () تعليقات