الكشف عن الموجات الثقالية للمرة الثانية!

 

لعل أعظم اللحظات التاريخية في الذاكرة الحديثة هي إعلان فريق دولي من علماء الفيزياء عن تمكنهم لأول مرة من رصد الموجات الثقالية (gravitational waves) بشكل مباشر منذ طرحِ أينشتاين للنظرية منذ قرنٍ من الزمان.

 

لكن الآن، وبعد أربعة أشهر فقط من اكتشاف الموجات الثقالية، أعلن فريق أسترالي عن تحقيق إنجاز ثانٍ، إذ تمكّنوا فعلياً من رصد موجاتٍ ثقالية بشكل مباشر حيث أفادوا أن هذه الموجات نتجت عن اصطدام ثقبين أسودين يفوق حجمهما حجم شمسنا بحوالي 14 مرة.

 

وفي هذا الصدد قالت سوزان سكوت Susan Scott، عضو الفريق وعالمة الفيزياء الفلكية في الجامعة الوطنية الأسترالية (ANU) في كانبيرا: "بهذا الاكتشاف الجديد ينطلق عصر علم الموجات الثقالية الفلكية، ما يعني أننا سنتمكن من جمع قدر أكبر من البيانات التي ستساعدنا على رسم خريطة كونية أدق من أي وقت مضى".

 

هذا وقد حلّلت سكوت وفريقها بياناتٍ جُمِعت من مُستكشِفين ليزريين خاصّين في مُنشأة رصد وقياس تداخل الموجات الثقالية  (LIGO)  في الولايات المتحدة، وهما نفس المستكشفين اللذين تمكّنا من التقاط إشارة الموجات الثقالية التاريخية سابقاً في الرابع عشر من أيلول/سبتمبر 2015، قبل تحليلها والإعلان عنها في شباط/فبراير، 2016.

 

وفي 26 كانون أول/ديسمبر 2015، تمكّن باحثون أستراليون من إلقاء نظرة خاطفة على دوران ثقبين أسودين حول بعضهما 27 مرة في الثانية الأخيرة لهما قبل اصطدامهما ببعضهما، وقد كانت الإشارة الناتجة عن الانفجار أطول بعشرِ مراتٍ من إشارة الموجة الثقالية الأولى التي رُصدت سابقاً، الأمر الذي مكّن الفريق أخيراً من تحليلها.

 

أظهرت التحليلات أن هذا الاصطدام حدث فعلياً قبل 1.4 مليار سنة، في مجرة بعيدة جداً، ولكن موجات الصدمة الناجمة عنه وصلتنا للتوّ!

 

تنبأ آينشتاين بالموجات الثقالية منذ عام 1916. هذه الموجات عبارة عن تموجات في انحناء الزمكان (نسيج الزمان والمكان)،وتنتج عن أكثر الأحداث قوة وعنفاً في الكون، مثل انفجارات النجوم أو اندماج الثقوب السوداء.

 

تنتشر هذه التموجات عبر الفضاء مثل التموجات التي تحدث في البركة بعد رمي حجرٍ فيها -وفي المرتين التين رصد فيهما العلماء هذه الموجات، لاحظوا أن الموجات وصلت إلينا ضعيفة منذ انطلاقها من مصدرها، وأفادوا أن تأثيرها لم يتجاوز جزءاً من المليار من قطر الذرة.

 

تنبأ آينشتاين بأن البشر لن يتمكّنوا من رصد هذه الموجات نظرا لضآلة حجمها. وقبل اختراع مستكشفات لايغو LIGO كان العلماء يعتمدون في فهم الكون والإحساس به على المشاهدات الكهرومغناطيسية التي تستطيع الأجهزة رصدها، مثل انبعاثات الضوء المرئي، والموجات الراديوية، والأشعة السينية.

 

هذه القدرة على الكشف عن الموجات الثقالية تعني أننا أصبحنا ننظر للكون ونقيس الأشياء والأحداث فيه بطريقة جديدة كلياً.

 

وفي تعليقه على هذا الموضوع يقول روب وارد Rob Ward، أحد أعضاء الفريق: "دائماً ما كنت أعتقد أننا سنعثر على نظائر كهرومغناطيسية في اكتشافاتنا الأولى، ولكن بدلاً من ذلك تمكنا من رصد ومشاهدة اصطداماتٍ غير مرئية بين الثقوب السوداء من خلال رصد الموجات الثقالية المنبعثة منها، من دون أي نظائر كهرومغناطيسية". ويضيف:"سوف يُحدِثُ علم الموجات الثقالية ثورة في فهمنا للكون".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأمواج الثقالية (gravitational waves): عبارة عن تموجات في الزمكان، نشأت عن حركة الأجسام في الكون. أكثر المصادر التي تُنتج مثل هذه الأمواج، هي النجوم النترونية الدوارة، والثقوب السوداء الموجودة خلال عمليات الاندماج، والنجوم المنهارة. يُعتقد أيضاً بأن الأمواج الثقالية نتجت أيضاً عن الانفجار العظيم. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات