يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
طيور ذكية؟! إنها الحمائم

أظهرت دراساتٌ جديدةٌ أنه بإمكان الحَمَام تمييز المفاهيم المجرّدة لكُلٍّ من المكان والزمان، ويبدو أنها تستخدم منطقةً دماغيّةً مختلفةً عن تلك التي يستخدمها الناس والقرود غير البشرية لإدراك ذلك. حقوق الصورة: كاثرين غامبل Kathryn Gamble.


أكدت دراسة جديدة أن طيور الحَمَام أضحت مشهداً عامّاً وشائعاً على أرصفة المدن حول العالم، ولأن الناس اعتادوا رؤيتها لم يعودوا يخصّونها بنظرة أخرى. ولكن حقيقة الأمر أن هذه الطيور المدنيّة لم تعد خبيرةً فقط بالتكيف مع الحياة الحضريّة أو المدنيّة فحسب، بل هي قادرة على إدراك المفاهيم المجرّدة كالمكان والزمان أيضاً.

كما اكتشف الباحثون مؤخراً أن بإمكان طيور الحَمَام تقدير كم يشغل الشيء أو الجسم من مكان وما هو مدى رؤيته، وهذه المهمـة ينجزها الناس من خلال منطقة دماغية تعرف بقشرة الدماغ cortex.

بيد أن هذه القشرة ليست متطورة عند الحَمَام، وباقي الطيور الأخرى، ولكن وجد العلماء أنها تستخدم منطقة دماغية مختلفة لإدراك المكان والزمان، ومع ذلك فهي تعالج هذه المعلومات بطريقةٍ وأسلوبٍ شبيهَين للناس والقرود.

وحسب ما تقوله الدراسة: "تُعرف الطيور بإنجازها الجيد بشكلٍ استثنائي لمهامٍ محدّدة مرتبطة بوظائف القشرة عند الثديَّات، وأضحت قادرة مجدداً على القيام بشكلٍ نموذجيّ بإنجازاتٍ إدراكيّةٍ مرتبطة بأدمغة الثديات الأكثر تعقيداً". حيث وفي دراسة سابقة في تقريرٍ آنفٍ أعدَّتهُ Live Science، أظهرت قُدرة الحَمَام على إدراك وجوه البشر، وحل المسائل الإحصائية، وحتى أنه بإمكانها التمييز بين الكلمات الإنكليزيّة الحقيقية وبين الثرثرة الغبيّة غير المفهومة.

أما وبما يخص الدراسة الحديثة: فقد أجرى العلماء على الحَمَام بعض التجارب التي اختبرت قدرة كل من الناس والقرود على إدراك المكان والزمان، حيث دُرِّبَت هذه الطيور على اختيار رموزٍ بصريةٍ ومرئيةٍ على شاشة الحاسوب كاستجابةٍ لرؤية خطوطٍ بأطوالٍ مختلفة (٢ إنش أو ٩ إنش / أي ٦ أو ٢٤ سم) وخطوطٍ بذات الطول لكن مداها مختلف إما ٢ثانية أو ٨ ثانية. وأخيراً حاز الحَمَام على الطعام كجائزةٍ لها لقدرتها على التمييز بين الخط (القصير أو الطويل) في الطول والمدى وبشكلٍ صحيح.

إذاً؛ لا يتمتع الحَمَام بقدرةٍ على تحديد صور الخطوط بشكلٍ صحيحٍ ودقيقٍ فحسب، بل قدّم أداؤها أيضاً خلال الاختبارات المتغيّرة والمعدّلة رؤىً وإدراكاتٍ إضافية حول قدرة الأدمغة لدى الطيور في معالجة المعلومات المجرّدة كالمكان والزمان (المساحة والوقت). فعندما أدخل العلماء اختلافات في الاختبارات حيث أجروا اختباراتٍ متفاوتة، كأطوالٍ ومدىً للخطوط لم تكن موجودة في تدريبات الطيور، لاحظوا أن أبصَار طيور الحَمَام متصلة في كلا الحالتين. بعبارةٍ أخرى: إن التغير المُجرى على أطوال الخطوط أثّر في إبصارهم وإدراكهم للمُدّة، وهذه الظاهرة ملحوظة وموجودة لدى القرود أيضاً، كما أعلن كُتّابُ الدراسة.

وتوحي النتائج إلى أن هذا النوع من الإبصار لا يتطلب القشرة أو اللحاء بالضرورة فقط؛ بل إنّ النمو والتطور قد يُشَكّل ويُصْقَل في هذه المنطقة الدماغية المتشابهة عند الطيور (الرداء pallium) لمُعالجة المعلومات بأسلوبٍ مشابهٍ للقشرة، على الرغم من اختلافها الشديد من الناحية الهيكليّة.

وأفادت الأبحاث أنه ومن المرجح أيضاً أن تكون هذه القُدرة أكثر شيوعاً بين الحيوانات ممّا كان مُتوقَعًا سابقاً.

حيثُ قال المؤلف المُشارك في الدراسة إدوارد واسيرمان Edward Wasserman، وهو بروفيسور علم النفس التجريبي في قسم العلوم الدماغية والسيكولوجية النفسية في جامعة آيوا Iowa: "إن تلك الأنظمة العصبية لدى الطيور قادرة على أداء إنجازاتٍ أعظم بكثير من مجرّد إطلاق اللفظ الانتقاصي عليها، والذي يقلل من قيمتها (أدمغة الطيور). وفي الحقيقة، المهارة الإدراكيّة العالية لدى الطيور تُعتبر الآن أقرب ما يمكن لتلك المهارة الموجودة عند البشر والرئيسيات غير البشرية".

نُشرت هذه النتائج اليوم في تاريخ 4 كانون الأول/ديسمبر مباشرةً في مجلة Journal Current Biology.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات