كانت السّماء قبل ملايين السنين مليئة بطيور تختلف بشكل غريب عن الطيور التي نعرفها اليوم، فكيفَ سيطرت الطيور الحديثة على زمام الأمور؟
ضاع كل من خوان كارلوس ليَل JUAN CARLOS LEAL وخوسيه بونابرت José Bonaparte في غابة لأشجار الأكاسيا الشوكية الكثيفة في شمال غرب الأرجنتين عندما تعثّر ليَل بالعظام. وتبيّن إنّ العظام الكبيرة تعود لنوع جديد من صنف الديناصور ذات الرقبة الطويلة، لكنّ الـ 60 عظمة صغيرة الحجم التي وجدوها بجانب العظام الكبيرة كانت محيّرة، فهي كانت أصغر بكثير من أن تعود للديناصورات.
وأثارت العظام الصغيرة فضول بونابرت، فسافر بها إلى لندن ليريها لخبير الأحافير في متحف التاريخ الطبيعي، حيث ميّز سيرْل ووكر Cyril Walker مباشرةً بأنّ العظام ما هي إلاً اكتشاف نادر وهي بقايا عظمية للطيور القديمة. إذ وحتى هذا الوقت في سبعينيات القرن العشرين ظنّ بعض علماء الأحافير بأنّ جميع الطيور قد تطوّرت من الديناصورات الطائرة، بيد إنّ الفكرة لم تكن سائدة.
إكتشف وولكر بالنظر عن كثب بأنّ أجنحة وأرجل الأحافير قد نمت بشكل مختلف تمامًا بالمقارنة مع طيور هذا اليوم، إذ أنّ مفصل (الكرة والجراب) كان معكوسًا، لذلك عُدّ هذا فئة جديدة من الطيور وليست فقط نوعًا جديدًا. وسميَ جنس الأحفورات هذا بإنانتيورنيس ليلي Enantiornis leali: طيور ليَل المُخالفة، وذلك في ورقة صغيرة نشرت في عام 1981.
نحن نعرف الآن أنّ جنس إينانتيورنيس لم يكن حالة تطوّرية شاذة، فقد كانت السماء قبل ملايين السنين مليئة بهذه المخلوقات، وقبل قرابة 65 مليون سنة ضَرب كويكبٌ الأرضَ وحينها هبطت الطيور المخالفة إلى كتب التاريخ جنبًا إلى جنب مع الغالبية العظمى من الديناصورات، فالناجون الوحيدون أعطوا الازدهار لكلّ طير على قيد الحياة اليوم.
وهناك يكمُن الغُموض، فكيف تملّصت الطُيور الحديثة من الفناء الكُلي؟ بالرغم من التشابه الكبير مع أبناء عمومتهم الطيور المخالفة.