هل سيجعلنا اصطفاف الكواكب أقلَّ وزناً

 

هل سيجعلنا اصطفاف الكواكب في يوم 4 كانون الثاني/يناير أقل وزنًا؟ بالطبع لا!

 

فكرة أن وزننا سينعدم بل وحتى تجربة الإحساس بالطفو بسبب اصطفاف الكَواكب يوم 4 كانون الثاني/يناير 2015 (وهو ما أنشأ له البعض وسمًا hashtag خاصًا #يوم_الصفر، # zeroday) هي فكرةٌ زائفةٌ تمامًا.

يا إلهي! ما إن بدأت شائعة "الظلام الدامس الذي سيدوم لمدة 3-6 أيام في كانون الأول/ديسمبر" بالانحسار حتى ظهرت شائعاتٌ أخرى مجنونة طافت مجتمع الويب.

 

هل سيحدث اصطفافٌ للكواكب في يوم 4 كانون الثاني/يناير عام 2015، الأمر الذي سيتسبب في "ضعف الجاذبية" مما سيؤدي إلى تقليل أوزاننا جميعًا، بل سيؤدي حتى إلى الطفو؟ بالطبع لا. هيا يا شباب، اهدؤوا.

 

لكل خدعةٍ أصلٌ ما، وهذه الخدعة هي إحياءٌ لنكتةِ كذبةِ نيسان أطلقها السير باتريك مور Patrick Moore في 1 نيسان/أبريل 1976، ويمكنك ايجاد نسخةٍ مُعدلةٍ قليلاً لها على موقع Mogel تحمل الوسم (#zeroday).

 

"فقد نشر الفلكي البريطاني باتريك مور أنه في صباح يوم 4 تموز/يوليو 2014 سيقع حدثٌ فلكي غير اعتيادي. ففي الساعة 9:47 بالضبط سيمرّ كوكب بلوتو مباشرةً وراء كوكب المشتري، بالنسبة للراصد من الأرض. يعني هذا الاصطفاف النادر أن قوة الجاذبية للكوكبين معًا ستفوق قوة جاذبية الأرض وتعاكسها لفترةٍ قصيرة وستجعل وزن الناس أقل. يدعو مور هذا الحدث تأثير المشتري-بلوتو الجاذِبيّ. وأبلغ مور العلماءَ أن بإمكانهم تجربةُ ظاهرةِ القفزِ في الهواء في لحظة وقوع الاصطفاف. ووعدهم بأنهم إذا قاموا بذلك، سيجرّبون إحساسًا غريبًا بالطُفو".

 

حسناً، دعونا نتجاهل حقيقة أن السير باتريك مور توفي في عام 2012. وعليه فمن المؤكد أنه لم يتوقع أي شيء.

 

دعونا نذهب مباشرةً إلى حقيقة الموقف. بلوتو لن يمر وراء كوكب المشتري. وحتى لو فعل ذلك، ماذا في الأمر؟ إن إضافة جاذبية بلوتو إلى جاذبية المشتري هي بالضبط كإضافة الصفر لوزننا ولقدرتنا على الطفو.

 

في الواقع، كان لخدعة مور جذورٌ سابقةٌ في إشاعةٍ أصبحت معروفة باسم تأثير المشتري، وردت في كتاب كان من الكتب الأكثر مبيعًا لجون جريبين (John Gribbin) وستيفن بليجمان (Stephen Plagemann) نُشر عام 1974. وصارت هذه الخدعة أحدث صيحةٍ بين مروجي الشائعات في السبعينيات من القرن الماضي (طبعًا، لم يكن هناك وجودٌ للشابكة (الإنترنت)، لذلك لم تنتشر الشائعات بسرعة الضوء كما يحدث اليوم). توقع الكتاب أن اصطفاف الكواكب في 10 مارس عام 1982 سيخلق العديد من الكوارث، مثل حدوثِ زلزالٍ كبيرٍ على صدع سان أندرياس San Andreas. ولم يحدث هذا بالطبع.

 

بالمناسبة، 4 كانون الثاني/يناير 2015 هو عيد ميلاد بريطانيٍ آخرَ شهير، وهو السير إسحق نيوتن (ولد في 4 يناير 1643). هو واضع ما يسمى قانونَ الجذب العام. أي أن نيوتن أدرك بأن قوة الجاذبية (المُتسببة في سقوط التفاحة الى الأرض) تمتد إلى ما هو أبعدَ من سطحِ الأرض، إلى القمر على سبيل المثال. ثم جاء بالقلم والورق، ووضع وصفاً رياضيَّا للكيفية التي ستؤثر بها جاذبيةُ الأرض على حركة القمر ومداره. وبذلك أرسى أساس عمله العلمي الخالد الذي جعل منه واحداً من العلماء الأكثر تأثيراً على مر العصور.

لو أن نيوتن ينظر إلينا اليوم من بانتيون العلماء العظماء الخالدين، لا بد وأنه سيكون حزينًا جدًا جدًا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات