النباتات ليست بحاجة إلى الهندسة الوراثية لجعل قطنها متوهجاً في الظلام، فيمكنها فعل ذلك بنفسها.
كنت قد سمعت عن الهواتف الذكية والمنازل الذكية، ولكن العلماء أيضاً يصممون الملابس الذكية التي تتكون من منسوجات يمكنها أن تحصد الطاقة وأن تضيء وأن تكشف عن التلوث، وحتى أن تتواصل مع شبكة الإنترنت.
المشكلة؟ حتى عندما تعمل، هذه الأقمشة المعالجة كيميائياً في كثير من الأحيان تبلى بسرعة مع مرور الوقت. أما الآن فقد اكتشف الباحثون وسيلةً تجعل هذه الوظائف تنمو مباشرةً في ألياف القطن، مما يؤدي إلى إنتاج منسوجات أقوى وأخف وزناً وأكثر إشراقاً ولا تبلى.
ومع ذلك، بعد أن نشر البحث الجديد في الصحافة اليوم في مجلة Science، وقد تم إعلام المحررين في المجلة بالأخطاء في المواد التكميلية والتي دفعتهم لإصدار نسخة محررة تتعلق بالموضوع، على الأقل حتى يحصلوا على توضيحات من المؤلفين. يقول فيليب ناتاليو Filipe Natalio، المؤلف الرئيسي والصيدلي في معهد فايزمان Weizmann Institute للعلوم في ريهوفوت Rehovot، إن الأخطاء كانت في أسماء الأصباغ المستخدمة في تجارب التحكم، وهو يعمل مع المحررين لإصلاحها.
إلا أن ما حصل لم يضعف الحماس لهذا العمل. يقول مايكل سترانو Michael Strano، مهندس كيميائي في معهد ماساتشوستس Massachusetts للتكنولوجيا في كامبريدج: "أحب هذه الورقة كثيرا". تضع الدراسة -كما يقول- طريقة جديدة لإضافة وظائف جديدة في النباتات دون تغيير جيناتها من خلال الهندسة الوراثية. وتواجُهُ هذه المقاربات عقبات تنظيمية حادة من أجل الاستخدام واسع النطاق. يقول سترانو: "على افتراض أن الطرق المطبقة صحيحة، فهذه ميزة كبيرة".
إن النهج الجديد لتعديل القطن هو نهج واضح. يقوم ناتاليو وزملاؤه في ريهوفوت وألمانيا بربط الجزيئات بالوظائف المرغوبة، مثل الفلورسنت أو المركبات المغناطيسية، إلى جزيئات السكر التي تمتصها النباتات القطنية من خلال بنتيها الوعائية واستخدامها لبناء خلاياها.
بدأ الباحثون بنباتات القطن المزروعة المائية التي تنمو في المختبر بدلاً من حقل، وقد حصدوا بويضات النباتات، وهي الجزء الذي ما أن يلقّح ينتج ثماراً، وهي في هذه الحالة ألياف القطن. ثم زرعوا هذه البويضات بشكل منفصل، مما يسمح لهم بتجاوز النهج الطبيعي للنبتة لاستخدام التمثيل الضوئي photosynthesis لصنع السكريات التي تحتاج إلى النمو. ثم غذَّوا النبات بمياه غنية بجزيئات الغلوكوز (السكر) المرتبطة بجزيئات وظيفية أخرى، والتي تم امتصاصها من قبل الأوعية الناقلة للغذاء وتمريرها إلى الخلايا المشكلة للألياف، حيث تستخدم لبناء ألياف القطن في النبات.
في أحد الأمثلة، ربط الباحثون جزيئات الفلورسنت بالسكريات. بعد 20 يوماً من النمو، حوالي 5٪ من مادة الفلورسنت وصلت من الألياف، والتي تظهر صفراء تحت الضوء الطبيعي ولكنها تتوهج بلون أخضر لامع عندما تتعرض للأشعة فوق البنفسجية، وفقاً للباحثين اليوم في مجلة Science.
ليس هناك ما يدل على مدة بقاء ألياف الفلورسنت تلك. ولكن ناتاليو لاحظ أنه نظراً لأن مركبات الفلورسنت مربوطة كيميائياً بالسكريات في الألياف، فإنها لا يمكن أن تزول. كما ربط الباحثون المركبات المغناطيسية بالسكريات وأظهروا أنها أيضاً قد اندمجت في ألياف القطن. في المستقبل، قد يمكّن ذلك صناع الملابس من إضافة إمكانيات تخزين للبيانات في ملابسنا.
ولكن ناتاليو يخشى أنه من أجل أن تنجح هذه التطبيقات وغيرها في المستقبل، قد يحتاج الباحثون إلى إيجاد طرق لزيادة كمية الجزيئات الوظيفية التي تمتصها النباتات. ويضيف أنه ولأن العديد من النباتات والكائنات الحية الأخرى يمكن أن تنمو في أوساط زرع، قد يكون من الممكن توسيع هذا النهج لتعديل كل شيء من البكتيريا إلى الخيزران. لن يجعل هذا الأمر الملابس أكثر إشراقاً فقط، ولكن أيضاً سيسمح للباحثين بإضافة وظائف جديدة لمجموعة واسعة من المواد.