يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
آلة كمومية واعدة للبحوث البيولوجية

حقوق الصورة: CC0 Public Domain

قيل الكثير حتى الآن حول وعد الحوسبة الكمومية بعدد كبير من التطبيقات، ولكن لم يكن هناك سوى أمثلة قليلة عن ميزات كمومية لمشاكل العالم الحقيقي ذات أهمية عملية، وهذا قد يتغير مع دراسة جديدة من مركز جامعة كاليفورنيا لعلوم وتكنولوجيا المعلومات الكمومية في مدرسة فيتربي (School Viterbi) للهندسة ومركز دانا في جامعة كاليفورنيا وكلية ديفيد دورنسيف (College David Dornsife) للفنون والآداب والعلوم.

وبرهن الباحثون ريتشارد لي Richard Li، وروزا دي فيليس Rosa Di Felice، ورمو روس Remo Rohs، ودانييل ليدار Daniel Lidar كيفية استخدام معالج كمومي كأداة تنبُّئية لتقييم عملية أساسية في علم الأحياء من خلال ربط البروتينات التنظيمية الجينية بالجينوم. وهي واحدة من الأمثلة الموثقة الأولى التي طُبِّق فيها معالج كمومي فيزيائي على بيانات بيولوجية حقيقية، وأُجري البحث بالملدن الكمومي D-Wave Two X في كلية جامعة كاليفورنيا لعلوم المعلومات (USC Information Sciences Institute).

تُشكِل تسلسلات معينة من الـ DNA الجينات التي هي "تعليمات" لصنع البروتينات التي تقوم بمعظم الأعمال الشاقة داخل الخلية، ولكنها قد تحتاج الخلية استجابة لبيئتها الجزيئية إلى مقدار أكثر أو أقل من بروتين معين للقيام بوظائفها. وتُعرَف هذه العملية المُعقَّدة للتحكم بإنتاج البروتينات باسم تنظيم الجينات (gene regulation)، وتُعرَف البروتينات التي تُنظِّم التعبير عن الجينات باسم عوامل النسخ (TFs" (transcription factors"، ومن أجل القيام بوظيفتها، يجب أن تكون عوامل النسخ "TFs" قادرة على العثور على مواقع محددة من الجينوم والارتباط بها. 

وعمومًا، ليس من الواضح تمامًا بعد كيفية تعرف عوامل النسخ "TFs" على الجزء الصغير من مواقع الارتباط الوظيفي في الجينوم من بين العديد من المواقع المتشابهة تقريبًا غير الوظيفية، وتُعتَبَر المعرفة الأكثر شموليةً لنسخ الـ DNA وتشكيل البروتين ذات أهمية كبيرة بالنسبة للعلماء لتحقيق فهم مُتزايد لكيفية حدوث الطفرات في البروتينات التي تشكل اللبنات الأساسية لأجسامنا، وتلك التي تؤدي إلى المرض.

ويقول المؤلف المشارك في الدراسة دانييل ليدار: "قد تساعد الحواسيب الكمومية في تسليط الضوء على هذه العملية. اخترنا العمل على المشكلة باستخدام التعلّم الآلي الذي نُفِّذَ على الملدن الكمومي D-Wave quantum، وذلك من أجل اختبار قدرتنا على ترجمة المشكلات البيولوجية المعقدة في الحياة الواقعية لإعدادات تعليم آلي كمومي، والبحث عن أي مزايا قد تُقدِّمها هذه الطريقة متفوقة على ما هو تقليدي من تقنيات التعليم الآلي التقليدي المتطور، والذي هو بحد ذاته مثال رائع عن الفن".

الخطوة الرئيسية في نسخ الـDNA هي ربط بروتين، ولكن حدث الربط لن يحدث إلا عند استيفاء شروط معينة وهي: تسلسل معين لحروف أبجدية الـ DNA (الأدينين، والتيمين، والغوانين، والسيتوزين) وفقط عند الموقع الصحيح على شريط الـ DNA المعروف باسم موقع الربط (binding site). 

ويقول مؤلف الدراسة المعقب الآخر روس أستاذ في العلوم البيولوجية والكيمياء والفيزياء وعلوم الحاسب، وهو أيضًا عضو هيئة التدريس في مركز ميشيلسن الجديد لعلوم الأحياء المتقاربة في جامعة كاليفورنيا: "إن موقع الربط المحتمل يكون وظيفيًا في أقل من واحد بالمئة من الظروف".

سعى كلٌّ من المرشح لشهادة الدكتوراه ريتشارد لي، وعالمة الفيزياء الحاسوبية النانو/بيولوجية روزا دي فيليس، وخبير الحوسبة الكمومية والأستاذ في مدرسة فيتربي للهندسة دانييل ليدار مع عالم الأحياء الحاسوبي ريمو روس، سعوا إلى تطبيق التعلم الآلي لاشتقاق نماذج من البيانات البيولوجية للتنبؤ فيما إذا كانت تسلسلات معينة من الـ DNA تمثل مواقع ربط قوية أو ضعيفة لربط مجموعة معينة من عوامل النسخ، ثم طُبِقَت الأنماط والنماذج التي حصلوا عليها من المعالج الكمومي لتقدير قوة الارتباط لسلسلة من التسلسلات التي كانت من غير المعروف ما إذا كان البروتين سيرتبط بها. وكانت الخوارزمية المبتكرة خصيصًا للملدن الكمي الموجي D-Wave Two X قد أدت إلى تنبؤات كانت متوافقة مع بيانات تجريبية من العالم الحقيقي.

ترسيم مشكلة بيولوجية حقيقية في حاسوب كمومي


بالنسبة لهذه الدراسة، يبدو أن معالج التلدين الكمي D-Wave Two X لديه القدرة على تصنيف مواقع الارتباط على أنها قوية أو ضعيفة.

أحد ابتكارات الدراسة هو التخطيط لمشكلة بيولوجية باستخدام بيانات ربط حقيقية للـ DNA بالبروتينات برسمها على رقاقة كمومية، وكانت الآلة الكمومية قادرة أيضًا على خلق استنتاجات تتسق مع فهم علماء البيولوجيا الحالي لتنظيم الجينات، وفي هذه الحالة أدى الترسيم الكمومي إلى موقع الربط الصحيح للبروتينات المختارة.

يقول روس: "إن القدرة على القيام بهذا العمل على حاسوب كمومي تُعَدُّ خطوة هامة إلى الأمام وتوحي بتطبيقات مستقبلية تلتقي فيها البيولوجيا بالمعلومات الكمومية".

ويؤكد الباحثون أن الدراسة في شكلها الحالي تستخدم نسخة مبسطة من البيانات البيولوجية ولها "برهان ذو طبيعة مبدئية"، ويعتقدون أنه وبمجرد أن تتراكم المعالجات الكمومية المعروفة بالملدنات (Annealers) الكيوبتات وبزيادة قوة المعالجة يمكن ترميز المحددات الخلوية الأكثر تعقيداً لتنظيم الجينات التي يدرسها روس حاليًا في نماذج جديدة تستخدم الحواسيب الكمومية.

كما يشير إلى المستقبل الذي قد تتقارب فيه المعلومات الكمومية مع تخصصات أخرى تعتمد بشدة على الاستراتيجيات الحاسوبية، من مثل علم المواد وتكنولوجيا النانو.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات