يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
الكشف عن ملوِّثاتٍ إشعاعيّة في رماد فحمٍ حجريّ

بحيرة هايكو Hyco Lake في مدينة نيويورك مكبٌّ لرماد الفحم الحجري.


حقوق الصورة: جامعة دوك Duke University


كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة دوك وجود ملوِّثاتٍ إشعاعيةٍ في رماد الفحم الحجري coal ash الناتج عن جميع الأحواض الرئيسية الثلاثة المنتِجة للفحم في الولايات المتحدة.

وجدت الدّراسة أنَّ مستويات النشاط الإشعاعي في الرماد كانت أعلى بنحو خمسة أضعاف منها في التربة العادية، وعشرة أضعاف منها في الفحم الأصلي نفسه بسبب طريقة تكثيف الاحتراق للإشعاع.

يثير هذا الكشف مخاوف تتعلق بالمخاطر البيئية والصحية التي يشكلها رماد الفحم غير المنظَّمِ حاليًا والمُخزَّن في البرك والمكبَّات التابعة لمحطات الطاقة التي تُدار بالفحم الحجري في جميع أنحاء البلاد.

قال البرفيسور آفنر فانغوش Avner Vengosh، أستاذ الجيوكيمياء وخصائص المياه في كلية نيكولاس لعلم البيئة التابعة لِجامعة دوك Duke’s Nicholas School of the Environment:" إلى الآن تُشكِّل المعادن والملوِّثات مثل السيلينيوم والزرنيخ أبرز الملوِّثات التي تثير القلق في رماد الفحم، وتزيد هذه الدراسة من احتمال أن يكون البحث عن عناصر مشعَّة أمرًا ضروريًا مثل نظائر الرديوم والرصاص-210، ومن ضرورة إدخالها ضمن قائمة الأشياء التي ينبغي مراقبتها بانتظام".

توجد نظائر الرديوم والرصاص-210 بشكل طبيعي في الفحم الحجري كنواتج كيميائية ثانوية لمحتوياته من اليورانيوم والثوريوم. كشف فريق فانغوش البحثي أنَّه عندما يحترق الفحم الحجري تتكثَّف نظائر الرديوم في بقايا رماد الفحم الحجري، ويصبح الرصاص-210 غير مستقرٍ كيميائيًا ويتّحد مع ذرّات الرماد المتطاير متناهية الصغر، وهذا يسبب تخصيـبًا إضافيًا للنشاط الإشعاعي في الرماد المتطاير.

قالت نانسي لوير Nancy Lauer، وهي طالبة دكتوراه في مختبر فانغوش والمؤلفة الرئيسية لهذه الدراسة: "ينتهي المطاف بالرديوم المشع والرصاص-210 متكثِّفين في هذه الذرات بالغة الصغر من الرماد المتطاير، وبالرَّغم من كون هذه الذرات صغيرة الحجم عندما تكون منفردةً إلَّا أنَّها بمجموعها تشكِّل أكبر كمية من مخلفات رماد الفحم الحجري التي تصبُّ في البرك ومكبات النفايات".

وتأتي هذه الدراسة التي نشرتها مجلة العلوم البيئية والتكنولوجيا Environmental science & Technology في الوقت الذي قامت فيه الوكالة الأمريكية لحماية البيئة بوضع أوّل القوانين الناظمة لآلية التخلص من رماد الفحم الحجري والتي تدخل حيّز التنفيذ بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2015.

وأشار فانغوش إلى أنَّه في الوقت الراهن لا تخضع مكبَّات رماد الفحم الحجري لمراقبة نشاطها الإشعاعي، وأضاف قائلًا: "لذلك لا نعلم كمية الملوِّثات الإشعاعية التي تُطلَق في البيئة، وكيف يمكن لها أن تأثر على صحة الإنسان في المناطق التي قد يحدث تسريبٌ ما في البرك ومكبَّات رماد الفحم الحجري. تأتي دراستنا لتفتح الباب للتقييم المستقبلي لهذا الخطر المحتمل".

كما شدَّد على أنَّ أجهزة تنظيف المداخن المركبَّة في مصانع الطاقة الأميركية تمنع هذه الملوِّثات من التسرّب إلى الهواء عندما يُحرَق الفحم الحجري، ولكن إذا ما تناثر رماد الفحم الحجري الملوَّث أو إذا تسرَّبت المياه الملوَّثة به من البرك أو المكبَّات يمكن لذلك أن يشكِّل خطرًا كبيرًا.

وأضافت لوير قائلة: "لأنَّ حجم ذرات الرماد المتطاير صغيرٌ جدًا فمن المرجَّح أن تبقى معلَّقةً في الهواء إذا تمَّ التخلص منها بطرقٍ جافّة، وبهذا يمكن أن يواجه الأشخاص الذين يتنفسون هذا الهواء مخاطر متزايدة خصوصًاً أنَّ الذرات الصغيرة جدًا تكون عادةً أكثر تخصيبًا إشعاعيًا".

وقال فانغوش أنَّ هذه الدراسة هي أوّل دراسة مُمنهجة لمقارنة النشاط الإشعاعي في الفحم الحجري ورماد الفحم الحجري في أحواض كل من أنهار إلينوي Illinois، والآبلاتشي Appalachian، وباودر Powder.

حيث قام الباحثون بجمع عينات متعددة من الفحم الحجري ورماد الفحم الحجري من الأحواض الثلاثة جميعها، ثم قاسوا العناصر المشعَّة في كل عينة. وقد أظهرت اختباراتهم أنَّ عينات الفحم الحجري ورماد الفحم الحجري المأخوذة من تلك الأحواض أبدت تفاوتًا في مستويات النشاط الإشعاعي حيث كان أعلاها تلك المأخوذة من إلينوي، يليها الآبلاتشي، ومن ثُمَّ نهر باودر الموجود في ياومنغ ومونتانا Wyoming and Montana. كما أظهرت الاختبارات أنَّ نسبة الراديوم إلى اليورانيوم في الفحم الحجري الأصلي كانت متوافقة مع تلك التي وجدت في مخلَّفاته من الرماد.

ويتابع فانغوش موضحًا: "هذا يعني أنه بإمكاننا توقع كمية النشاط الإشعاعي المحتمل أن يحصل في رماد الفحم الحجري عن طريق قياس محتوى اليورانيوم في الفحم الحجري الأصلي. هذا التحليل يمكن تطبيقه على كل رماد الفحم الحجري في جميع أنحاء العالم، وهو يقدم معلوماتٍ هامةً لكلٍّ من المنظِّمين والصناعيين والعلماء على حدٍّ سواء".

وبما أنَّ نسب النظائر المشعَّة في الفحم الحجري ورماد الفحم الحجري تباينت بين الأحواض ولكن كانت متناسبة ضمن الحوض الواحد، لذا كما تشير لوير إلى إمكانية استخدام هذه النسب من قِبل الباحثين لتحديد مصدر التلوّث البيئي، فهي لا تسمح فقط بالتمييز بين الأحواض الثلاثة بل تسمح أيضًا في تحديد ما أن كانت الملوِّثات تأتي من رماد الفحم الحجري أو من بعض المصادرٍ الطبيعية الآخرى في البيئة المحلية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات