وداعاً للاختراق: الاقتراب أكثر من الوصول للإنترنت الكمومي

قد تتمكن قريباً من استخدام الإنترنت دون أن يتمكن أحد من اختراق جهازك أو تعقبك. وحتى إن حاول أحدهم ملاحقتك فإنك ستكتشف ذلك في الحال، وبالطبع لن يعرف أي شيء، والفضل كله في ذلك يعود إلى ميكانيك الكم.

يدرس العلماء كيفية خلق إنترنت كمومي (quantum Internet) بحيث يكون آمناً بشكلٍ مطلق وغير قابل للاختراق. في الحقيقة هذا الإنترنت آمن إلى درجة أنه لو أراد شخص ما الاستماع إلى اتصالاتك الشخصية، فإنك ستعرف ذلك في الحال.

تنتج هذه القدرة عن تخزين الإنترنت الكمومي للبيانات في جسيمات مفردة هي الفوتونات عوضاً عن أشعة الضوء المستخدمة حالياً لنقل المعلومات على طول شبكات الألياف الضوئية. في الوقت الذي يُمكن فيه اعتراض وقراءة المعلومات المنتقلة بالاعتماد على الضوء الكلاسيكي، فإنه لا يُمكن سبر الفوتونات دون تدميرها، ولذلك فإن أي نوع من الاختراق سيكون مستحيلاً.

لسوء الحظ، إن الوصول إلى الإنترنت الكمومي ليس بالأمر السهل، وقد ناضل العلماء لسنوات عديدة سعياً وراء اكتشاف طريقة فعالة لصنع تدفق مكوّن من فوتونات مفردة، أي ضوء كمومي. والآن، ربما اقترب فريق من جامعة ستانفورد من تحقيق ذلك عبر صناعة مصدر ضوء كمومي يُمكن أن يُصبح أساساً للاتصالات الكمومية؛ وهذا المصدر عبارة عن ليزر نانوي (nanoscale laser) يُركز الضوء داخل رقاقة من الغاليون كما هو موضح في الصورة التالية، وتلعب هذه الرقاقة دور المرشح لتسمح للضوء الكلاسيكي (الوردي) بالمرور عبرها وتنتج في الوقت نفسه ضوءاً كمومياً (الأزرق).

تصورٌ فني لرقاقة الغاليوم. يُمثل الشعاع الوردي ضوءاً ليزرياً يدخل الرقاقة، في حين يُوضح اللون الأزرق الموجود في المركز وجود الإنديوم. تلعب هذه المادة دور مرشح خاص يسمح بعبور الضوء الكلاسيكي ويولد في الوقت نفسه ضوءاً كمومياً مبيناً بالأزرق، وتقدم هذه الطريقة وسيلة آمنة لنقل البيانات.  المصدر: Yousif Kelaita
تصورٌ فني لرقاقة الغاليوم. يُمثل الشعاع الوردي ضوءاً ليزرياً يدخل الرقاقة، في حين يُوضح اللون الأزرق الموجود في المركز وجود الإنديوم. تلعب هذه المادة دور مرشح خاص يسمح بعبور الضوء الكلاسيكي ويولد في الوقت نفسه ضوءاً كمومياً مبيناً بالأزرق، وتقدم هذه الطريقة وسيلة آمنة لنقل البيانات. المصدر: Yousif Kelaita


هذا العمل جيد، لكن عندما يُرسل العلماء الإشارة يواجهون المشاكل في استقبالها؛ وتقول جيلينا فوكوفيتش Jelena Vukovic الباحثة الرئيسية في الدراسة: "تكمن المشكلة في أن الضوء الكمومي أضعف بكثير من بقية الضوء القادم من مثل هذا الليزر المعدل- من الصعب جداً التقاطه. ولذلك، ابتكرنا طريقة لترشيح الضوء غير المرغوب به، مما يسمح لنا بقراءة الإشارة الكمومية بشكل أفضل".

يعمل هذا الترشيح بطريقة مشابهة لعمل السمّاعات المُلغية للضجيج، التي تقوم بتشغيل تردد مشابه للأصوات المحيطة، كما الزحام أو صوت الطائرات. لكن في هذه الحالة، يكون الضوء هو الخلفية المُلغاة بدلاً عن الصوت.

يقول كيفن فيشر Kevin Fischer أحد الباحثين في الدراسة: "ينعكس بعض الضوء من الليزر المعدل على شكل ضجيج، مما يمنعنا من رؤية الضوء الكمومي. قُمنا بإلغاء ذلك الضوء لاكتشاف الإشارة الكمومية الموجودة خلفه وتأكيدها".

ولفعل ذلك، عملوا على معرفة شكل ضوء الخلفية، ومن ثمّ أطلقوا نمطاً مشابهاً على مصدر الضوء. وعبر تغيير طريقة تداخل المصادر الضوئية، تمكنوا من إلغاء ضوء الخلفية، والكشف عن الضوء الكمومي. تقول فوكوفيتش: "إنه تطور واعد جداً، ويُقدم لنا مساراً عملياً للحصول على اتصالات كمومية آمنة".

يبني الفريق الآن جهازاً أولياً يُمكن استخدامه للتأسيس للإنترنت الكمومي. وبالأخذ بعين الاعتبار نجاح باحثين من الولايات المتحدة في معرفة كيفية نقل المعلومات الكمومية لمسافة 100 كيلومتر عبر ليف ضوئي، فهذا البحث لا يُشكل البحث الوحيد الذي يُحرز تقدماً في هذا المجال.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات