رقاقة كمومية بتقنية ضوئية معقدة للغاية

في خطوة تعد الأولى من نوعها، قام الباحثون بابتكار رقاقة كمومية تحتوي على أربعة جزئيات ضوئية متشابكة، معروفة باسم الفوتونات، وهي قادرة على أداء أعمال على مئات القنوات في وقت واحد.


أو لنكون دقيقين أكثر، لقد اقتربوا أكثر من صناعة رقاقة تشبه تلك الموجودة في حواسيبنا وهواتفنا الذكية، إلا أنها ستكون قادرة على أداء أضعاف كميات العمليات الحسابية، كما أنه يمكن بواسطتها معالجة البيانات بسرعة تماثل سرعة الضوء. يبدو ذلك جيداً، أليس كذلك؟

وقد علق ديفيد موس David Moss أحد قادة فريق الباحثين من جامعة سوينبرن للتكنولوجيا في أستراليا Swinburne University of Technology، على الموضوع قائلاً: "إن هذا يمثل مستوىً غير مسبوق من التطور في توليد فوتونات متشابكة على رقاقة".


و أضاف موس "لا يقتصر الأمر على قدرتنا على إنشاء أزواج الفوتونات المتشابكة على مئات القنوات في وقت واحد ولكننا، وللمرة الأولى، نجحنا في توليد أربعة فوتونات متشابكة على رقاقة".

الحوسبة الكمومية هي نظام قوي للغاية يعتمد على الجزيئات المتشابكة. عندما يتم التشابك بين جزيئين، يصبح بينهما ارتباط وثيق، فإن حدث لواحدة يأثر على الفور بشريكتها، حتى وإن كانت تفصلهما الأميال.


وهذا مفيد في مجال الحوسبة - الذي يخضع لكل من الحالة 1 أو الحالة 0 - لأن الجسيمات المتشابكة ليس من الضروري أن تكون في الحالة 1 أو الحالة 0 فمن الممكن أن تكون في حالة تسمى التراكب (superposition)، والتي تعطيها قوة معالجة أكبر - نحن هنا نتحدث عن أجهزة الكمبيوتر التي يمكن أن تجمع كل بيانات العالم لمحاولة فهم مسألة وحلها خلال بضع ساعات.

تستخدم رقاقات الكمبيوتر الحالية حالات إلكترون مختلفة للرمزين 0 و 1، وتركز الكثير من بحوث الحوسبة الكمومية حتى الآن على الإلكترونات المتشابكة لإيصال الكمبيوتر إلى مراحل متقدمة. لكن عوضاً عن ذلك هناك اهتمام متزايد باستخدام الفوتونات لأن لديها قدرة مفيدة، وهي التحرك بسرعة الضوء.


إن هذا الأمر مهم، لأننا نقوم باستخدام الفوتونات لإرسال المعلومات بسرعة خطيرة عبر كابلات ألياف بصرية، لكن الآن يجب إبطاء هذه المعلومات وتحويلها مجدداً إلى إلكترونات كي يستطيع الكمبيوتر الخاص بك استلامها. إنه لأمر مؤسف أليس كذلك؟

و لكن عوضاً عن ذلك، تخيل جهاز كمبيوتر ليس فقط قادراً على معالجة الفوتونات، وإنما يمكنه أيضاً القيام بذلك على مستوى الكم، مع قوة معالجة غير مسبوقة. وهذا هو ما فعله فريق جامعة سوينبرن ليقربنا خطوة نحو تحقيق رقم قياسي جديد عن طريق رقاقتهم الكمومية.


ويوضح الفريق أن الرقاقة تم إنشاؤها باستخدام ما يسمى "أمشاط التردد البصري" (optical frequency combs) والتي تعمل عكس الأمشاط، التي نستخدمها لفك تشابكات الشعر، حيث تساعد الفوتونات على التشابك على رقاقة الكمبيوتر.


وهذا ما سمح لهم بخلق حالات فوتون متشابكة أكثر تعقيداً مما مضى، فوق عدة قنوات متوازية، والتي تعطي الرقاقة كفاءة أفضل. واللافت للنظر أنه تم إنشاء الرقاقة وفق العمليات التي تتوافق مع رقائق الكمبيوتر التي نستخدمها اليوم - وهذا يعني أنه من الممكن يوماً ما إعادة تكبيرها ودمجها مباشرةً مع الكمبيوترات المحمولة والهواتف الذكية.


وصرح روبرتو موراندوتي Roberto Morandotti، أحد الباحثين المشرفين، من المعهد الوطني للبحث العلمي في مونتريال- كندا بأن : "من خلال تحقيق هذا على شريحة تم تصنيعها بعمليات مشابهة لصناعة رقاقات الكمبيوتر نكون قد فتحنا الباب إلى إمكانية صناعة أجهزة كمبيوتر كمومية بصرية للاستخدام اليومي أكثر من قبل".


ولا يزال هناك الكثير من العمل للقيام به لأنه وعلى الرغم من أن هذه الرقاقة هي الأكثر تعقيداً من نوعها فإنها ما تزال بسيطة جداً مقارنة بالرقاقات التي نستخدمها حالياً. ويشير الباحثون إلى أن التركيبة التي توصلوا إليها قابلة للتطوير، مما يعني أنها ستبدأ بالتطور من هنا للوصول إلى حقبة جديدة في الحوسبة.


تم نشر البحث على مجلة Science

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات