تثبيت بوابات كمومية بنجاح في السيليكون

هناك حدث هام في الطريق نحو الحاسب الكمومي؛ فقد طوّر علماء من جامعة كونستانز وجامعة برينستون وجامعة ميريلاند بوابة كمومية مستقرة لأنظمة من كيوبتين اثنين (two-quantum bit systems) مصنّعة من السيليكون.

وبإمكان البوابة الكمومية أداء جميع العمليات الأساسية الضرورية للحاسب الكمومي. ويُستخدم اللف المغزلي للإلكترونات الفردية في السيليكون كوحدة التخزين الأساسية بتات كميّة (quantum bits). وقد نشرت نتائج البحث قبل الطباعة في دورية (Science) في عددها الصادر في 7 كانون الأول/ديسمبر 2017.

ولكن الأمر قد يستغرق بعض السنين لإنتاج حواسيب كمومية على المستوى التجاري، وستكون هذه الحواسيب أكثر كفاءة، وقادرة على حل مشاكل يستحيل حلها بالنسبة للحواسيب الحالية.

لكنّ الحاسب الكميّ يتفاعل بحساسية أكبر تجاه التشويشات الخارجية من الأجهزة التقليدية، وبالتالي فإن الهدف الأساسي هو إنشاء بوابات كمية (quantum gates) مستقرة، وهي تُعد اللبنة الأساسية للحاسوب الكمومي.

وقد نجح علماء من جامعة كونستانز وجامعة برينستون وجامعة ميريلاند في إنشاء بوابات كمومية مستقرة لأنظمة كمومية ذات بتين، تستخدم بواباتها الكمومية إلكترونات فردية في السيليكون لتخزين البتات الكمومية، ويمكن التحكم بها بدقة وقراءة التفاعل الناتج بين اثنين من البتات الكمومية. وستشمل التجربة في هذه الطريقة جميع العمليات الأساسية اللازمة للحاسوب الكميّ.

من الإلكترون إلى البت الكمومي


و كما يستخدم الحاسوب الرقمي الكلاسيكي بتات تأخذ القيمة صفر أو الواحد كوحدات أساسية لجميع عمليات الحساب؛ فإن الحاسوب الكمومي يستخدم البتات الكمومية، والفرق بينهما هو أن البت الكمومي لا يقتصر على حالتين فقط (صفر وواحد) بل يمكن أن يتواجد في عدة حالات في وقت واحد، لذا سيكون أكثر تعقيداً عند تنفيذه من نظام رقمي بسيط.

ولقد توصل الباحثون إلى عدة أفكار ليحققوا تقنياً بت كمومي؛ فعلى سبيل المثال يمكن استخدام أيونات أو أنظمة فائقة الموصلية، بيد أن الباحثين من كونستانز وبرينستون وميريلاند يستخدمون اللف المغزلي (الزخم الزاوي الداخلي) لإلكترون مفرد كأساس للبتات الكمومية، فيوازي اتجاه دوران الإلكترون قيم الصفر أو الواحد للبت الرقمي؛ لكن الحالة الكمومية للإلكترون تمكنه من الاحتفاظ بمعلومات أكثر من مجرد صفر أو واحد.

لذلك؛ فقد كان أول إنجاز للباحثين هو استخراج إلكترون مفرد من مليارات الذرات المؤلفة لقطعة سليكون، ويقول البروفيسور جيدو بوركارد (Guido Burkard) وهو من نسّق البحث النظري في كونستانز: "كان هذا إنجازاً فريداً من نوعه قام به زملاؤنا من جامعة برينستون". وقد استخدم الباحثون مزيجاً من الجذب والتنافر الكهرومغناطيسي لفصل إلكترون مفرد من مجموعة الإلكترونات.

ثم بعد ذلك تنظَّم الإلكترونات المنفصلة في صف دقيق، وتُثبت كل منها في مكان من قبيل (التجويف) حيث يجري الاحتفاظ بها في حالة عائمة.

وكان التحدي التالي هو تطوير نظام للتحكم في الزخم الزاوي للإلكترونات الفردية، إلا أن عالمي الفيزياء جيدو بوركارد (Guido Burkard) وماكسيميليان روس (Maximilian Russ) من جامعة كونستانز كانا قد طورا الطريقة التالية: إضافة قطب كهربائي نانويّ على كل إلكترون، وباستخدام تدرج لمجال مغناطيسي، يمكن للفيزيائيين إنشاء حقل مغناطيسي يعتمد على الموضع الذي يمكن من خلاله الوصول إلى الإلكترونات الفردية، وبالتالي يمكّن الباحثين من التحكم في الزخم الزاوي للإلكترونات. وبهذه الطريقة، قاما بإنشاء أنظمة كميّة مستقرة ذات بت واحد لقراءة المعلومات وتخزينها على شكل دوران الإلكترون.
 

البوابات الكمومية لاثنين من إلكترونات السليكون. يتحكم اثنان من أقطاب النانو الكهربائية (VL و VR) بالزخم الزاوي لكل من الإلكترونين ويُنسق قطب كهربائي نانويّ ثالث (VM) تفاعل الإلكترونين. حقوق الصورة: (University of Konstanz)
البوابات الكمومية لاثنين من إلكترونات السليكون. يتحكم اثنان من أقطاب النانو الكهربائية (VL و VR) بالزخم الزاوي لكل من الإلكترونين ويُنسق قطب كهربائي نانويّ ثالث (VM) تفاعل الإلكترونين. حقوق الصورة: (University of Konstanz)


الخطوة نحو أنظمة كميّة ذات بتين


إلا أنّ بتاً كمومياً واحداً لا يكفي لتوليد نظام التبديل الأساسي لجهاز الحاسوب الكمومي. وللقيام بذلك يتطلب الأمر بتين كموميين. فكانت الخطوة الكبيرة التي خطاها باحثو كونستانز نحو نظام من بتين وهي بربط حالات إلكترونين، فيمكّن هذا الربط من إنشاء أنظمة تبديل أساسية يمكن من خلالها تنفيذ جميع العمليات الأساسية للحاسوب الكمومي.

على سبيل المثال؛ يمكن برمجة النظام بطريقة تجعل الإلكترون يدور فقط عندما يكون للإلكترون المجاور دوران في اتجاه محدد مسبقاً. وهذا يعني أنه كان على باحثي كونستانز إنشاء نظام مستقر لربط اللف المغزلي لإلكترونين فرديين، ويقول جيدو بوركارد (Guido Burkar) وهو من قام بإعداد وتصميم الخطة مع عضو الفريق ماكسيميليان روس (Maximilian Russ): "كان هذا الجزء الأكثر أهمية وصعوبة في عملنا".

فطورا نظام تبديل ينسق الزخم الزاوي لإلكترونين معتمدين على بعضهما البعض، كما يتم وضع قطب كهربائي نانوي إضافي بين (التجويفين) حيث يطفو فيهما إلكترونا السليكون، ويتحكم هذا القطب بدوره في ربط اللف المغزلي الخاص بالإلكترونين مع بعضهما البعض. وبهذه الطريقة؛ حقق الفيزيائيون وحدة معالجة أساسية مستقرة ووظيفيّة لحاسوب كمومي. وتزيد نسبة الدقة للبتات الكمومية المفردة عن 99%، ونحو 80% بالنسبة لبتين كموميين متفاعلين؛ أي أنها وبشكل كبير أكثر استقراراً ودقة من المحاولات السابقة.

السيليكون (مادة صامتة)


المادة الأساسية للبوابة الكمومية هي السيليكون. ويقول جيدو بوركارد ملخصاً مزاياه: "عبارة عن مادة شديدة الهدوء مغناطيسياً لها عدد قليل من اللفات المغزلية النووية الخاصة بها". فمن المهم ألّا يكون للنوى الذرية للمواد المختارة الكثير من اللفات المغزلية -أي الزخم الزاوي الداخلي- والتي يمكنها التداخل مع البتات الكمومية.

وينخفض نشاط اللف المغزلي لذرات السيلكون بحوالي خمسة في المئة فقط، لذا فهو يُعد مادة مناسبة خصيصاً. ومن الجدير بالذكر أن للسليكون ميزة أخرى: فهو المادة القياسية لتكنولوجيا أنصاف النواقل ويعد مادة مدروسة بشكل جيد، بالتالي يمكن للعلماء الاستفادة من العديد من سنوات الخبرة في هذه المادة.
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات