الحاسوب الكمومي المستقبلي سيكون ذا قدرة على إنجاز عمليات حوسبة تتجاوز بشكل كبير قدرة حواسيب اليوم. حقوق الصورة: TU Delft.
أظهر العلماء بأن المعلومات الكمومية الناتجة عن خاصية دوران "غزل" الإلكترون يمكن نقلها إلى فوتون داخل شرائح السيليكون الكمومية، وهذا مهم لارتباط البتات الكمومية بالشريحة سامحةً برفع مستوى العدد الكلي للكيوبت qubits.
إن السباق العالمي لإنشاء معالجاتٍ كموميةٍ بشكلٍ أفضل وأكثر موثوقية يسير بسرعةٍ، وهذا ما يحفز فريق العلماء التابعين لجامعة دلفت للتكنولوجيا TU Delft بقيادة البروفيسور فاندرسايبن Vandersypen.
بالتوازي مع منافسيهم في ذلك السباق، تمكن الفريق من إثبات أن المعلومات الكمومية الناتجة عن خاصية دوران "غزل" الإلكترون يمكن نقلها إلى فوتون في شرائح السليكون الكمومية، وهذا مهمٌ لارتباط البتات الكمومية بالشريحة سامحةً برفع مستوى العدد الكلي للكيوبت qubits. نُشِر عملهم في مجلة Science.
الحاسوب الكمومي المستقبلي سيكون ذا قدرةٍ على إنجاز عمليات حوسبةٍ تتجاوز بشكلٍ كبيرٍ قدرة حواسيب اليوم، حيث سيكون من الممكن إنجاز عمليات الحوسبة التفرعية بفضل التطابق الكمومي و التشابك في البتات الكمومية (أو مايعرف بالكيوبت qubits). تعمل الشركات والعلماء على مستوى العالم على إنشاء شرائح كمومية أفضل بشكل متزايد وتحوي على كميات أكثر من البتات الكمومية، وتعمل كلية التكنولوجيا الكمومية كيوتك QuTech في جامعة دلفت بجهدٍ كبيرٍ على تطوير عدة أنواعٍ من الشرائح الكمومية.
المواد المألوفة
نواة الشرائح الكمومية المصنوعة من مادة السليكون، ويشرح البروفيسور فاندرسايبن من كلية كيوتك ومعهد كافلي للعلوم النانوية Kavli Institute of Nanoscience في جامعة دلفت: "المواد التي نستخدمها هي مواد مألوفةٌ جدًا لنا، حيث يُستخدم السليكون بشكلٍ واسعٍ في الترانزستورات، وبالتالي يمكن إيجاده في جميع الأجهزة الإلكترونية".
والسليكون هو من المواد الواعدة في التكنولوجيا الكمومية، حيث يقول طالب الدكتوراه جوجي زينغ Guoji Zheng: "نستطيع استخدام الحقول الكهربائية لالتقاط كلّ إلكترونٍ على حدة في السيليكون لتستخدم كبتات كمومية (كيوبت). وتُمكّن هذه المادة الجاذبة من ضمان تخرين المعلومات في الكيوبت لمدة طويلة".
الأنظمة الكبيرة
يتطلب إحداث حساباتٍ فعالةٍ أعدادًا هائلةً من الكيوبت وهذا الرفع الكبير في الأعداد يشكل تحديات عالمية. ويوضح الباحث نضار سامخارادزي Nodar Samkharadze: "يتطلب استخدام الكثير من الكيوبت في نفس الوقت اتصالها ببعضها، أي من الضروري وجود اتصالٍ جيدٍ".
في الوقت الحاضر، يمكن للإلكترونات التي تُلتَقط ككيوبت في السليكون إنشاء اتصالٍ مباشرٍ مع جيرانها المباشرين فقط، يقول نضار: "هذا يشكل عقبةً في وجه رفع الأعداد الكلية للكيوبت".
سباق محتدم
هناك أنظمةٌ كموميةٌ أخرى تستخدم الفوتونات لإحداث تفاعلاتٍ طويلةٍ المدى، ولعدة سنواتٍ كان هذا أيضًا من الأهداف الأساسية للسيليكون، ولكن حديثًا فقط تمكن العديد من العلماء من إحداث تقدمٍ في هذا المجال. وحاليًا، أثبت علماء جامعة دلفت أنه يمكن اقتران إلكترونٍ واحدٍ ذي خاصية دوران "غزل" وفوتونٍ واحدٍ مع بعضهما في شريحة السيليكون، فيصبح من الممكن (نظريًا) نقل المعلومات الكمومية بين الإلكترون والفوتون. يقول جوجي: "هذا مهمٌ لإنشاء اتصالٍ بين البتات الكمومية البعيدة عن بعضها في شريحة السليكون، وذلك يمهد الطريق لعملية رفع العدد الكلي للكيوبت في شرائح السليكون".
إلى الخطوة التالية
يتحدث فاندرسايبن بفخرٍ عن فريقه قائلًا: "أنجز فريقي هذه النتيجة بوقتٍ قصيرٍ نسبيًا وتحت ضغطٍ كبيرٍ نتيجة المنافسة العالمية". يضيف نضار: "هذا تقدمٌ حقيقيٌّ في دلفت، حيث صُنع الأساس في دلفت، وصُنعت الشريحة في مخابر دلفت، وأُجريت جميع الاختبارات في كيوتك".
ويعمل العلماء الآن على الخطوة التالية كما يوضح فاندرسايبن: "الهدف الآن هو نقل المعلومات بواسطة الفوتون من إلكترونٍ إلى آخر". هذا البحث مموَّل من قبل منحة ERC التعاونية ERC Synergy Grant, NWO من خلال برنامج نانوفرونت Nanofront Program، وشركة إنتل Intel.
وفي دراسةٍ منفصلةٍ نُشرت في نفس الإصدار من مجلة Science، وجد باحثون آخرون من معهد كافلي للعلوم النانوية في دلفت أيضًا طريقةً لنقل المعلومات الناتجة عن دوران الإلكترون إلى الفوتونات.