لوسيد يرسم خارطة الأشعة الكونية والرياح الشمسية

كانت مسارات الجسيمات في البيانات الأولى التي حصل عليها لوسيد متقطعةً عادةً، مما جعل التعرف الأوتوماتيكي على هذه المسارات أمراً صعباً، وقد وجد فريق مركز لانغتون ستار أن هذا الأمر ناجم عن عملية التّقنيع، التي تم اتِّباعها للحد من التيار الكهربائي الذي تستهلكه الأجهزة المستخدمة في التجربة، ولحماية المعدّات عندما لا يتم تحديد الإعدادات المثالية. تبدو هذه المسارات بلون أبيض منقط على خلفية سوداء (في الصورة الوسطى)، وعندما تم وضع البيكسلات المُقنَّعة (الظاهرة في الصورة اليسرى) فوق المسارات (الظاهرة في الصورة اليمنى)، أصبح من الواضح أن الفراغات الموجودة بين الخطوط ناجمةٌ عن تأثيرات التّقنيع.

المصدر: Langton Star Centre.
 


بدأت إحدى الدراسات الجديدة مؤخراً بجمع البيانات في الفضاء بواسطة أحد الأقمار الصناعية، والهدف من هذه التجربة هو دراسة الأشعة الكونية والرياح الشمسية، مع العلم أنها صُمِّمت من قِبَل طلاب إحدى المدارس.


يعتمد القمر الصناعي لوسيد (LUCID) -وهو اختصار لعبارة "كاشف لانغتون النهائي لشدّة الأشعة الكونية" (Langton Ultimate Cosmic ray Intensity Detector)- على استخدام كواشف للجسيمات من مركز CERN لدراسة البيئة الإشعاعية في المدارات الأرضية المنخفضة، وقد تم تقديم أول النتائج التي حصل عليها لوسيد في اللقاء الفلكي الوطني لعام 2015 في لاندودنو في السادس من شهر تموز/يوليو، وذلك من قِبَل كال هِوِت (Cal Hewitt) الذي يبلغ عمره 16 عاماً فقط من مركز لانغتون ستار (Langton Star Center).



يقوم لوسيد بتتبّع مسارات الأشعة الكونية وجسيمات الرياح الشمسية بالأبعاد الثلاثة، كما يحدد نوع الجسيم، والطاقة التي يحملها، والجرعة الإشعاعية الناتجة عنه. تُعتبر مراقبة هذه الجسيمات المحمّلة بالطاقة مُهمةً لفهم المناخ الفضائي وحماية رواد الفضاء من التعرض لمستويات مرتفعة من الإشعاع، وقد التقط لوسيد حتى الآن حوالي نصف مليون إطار من البيانات، وسيتم التقاط 250 ألف صورة إضافية خلال الصيف بهدف الحصول على خريطة للبيئة الإشعاعية في الفضاء.



تم إطلاق لوسيد في الثامن من تموز/يوليو 2014 على متن الصاروخ المُبتكر (TechDemoSat-1)، المُموَّل من قِبَل المملكة المتحدة، حيث ينقل الحمولة من عدد من المعاهد الأكاديمية والحكومية التابعة لها، وقد تم وضع التصورات الأوّليّة لهذا المشروع من قِبَلِ طلاب في عام 2008، وتم تصنيعه من قبل شركة (Surrey Satellite Technology Ltd)، وهو واحد من المشاريع البحثية التي تم تطويرها في مركز لانغتون ستار، وهو مركز الأبحاث الموجود في مركز (Simon Langton Grammar School) في مدينة كنْتْ.



يقول هِوِت: "تسيطر الرياح الشمسية على الإشارات التي يلتقطها لوسيد حين يدور حول جهة الأرض المقابلة للشمس، مما يسمح له بمعرفة عددِ وقياس طاقةِ البروتونات والإلكترونات في وحدتي المساحة والزمن، أما حين يختبئ لوسيد من الشمس ويواجه النصف الليلي من الأرض، فيمكنه عندئذٍ قياس الأشعة الكونية".

وقد عمل هِوِت، الذي أنهى للتو امتحانات الشهادة الثانوية العامة، مع فريق من الطلاب لإعداد لوسيد لاستقبال الوابل القادم من البيانات. وحتى تتم إتاحة الفرصة لهِوِت ليتمكن من الوصول إلى القوة الحاسوبية اللازمة لتحليل بيانات لوسيد، فقد أصبح أصغر طالب يحصل على رخصة لاستخدام نظام (GridPP)، وهو الجزء الذي ساهمت فيه بريطانيا من شبكة الحواسب العالمية التي تقوم بمعالجة بيانات المصادم الهايدروني الكبير، والذي يُعتبر بدوره أكبر مسَرّع للجسيمات في العالم.

مسارات الجسيمات كما يُظهرها لوسيد.
مسارات الجسيمات كما يُظهرها لوسيد.


يقول هِوِت: "تم تطوير لوسيد من الكواشف البيكسلية المستخدمة في المُصادم الهايدروني الكبير، والتي تم تصميمها أصلاً لغايات التصوير الطبي، ولم يُستخدم هذا النمط من الكواشف من قَبلُ على الإطلاق في الفضاء المفتوح، حيث كانت بياناتنا الأولى مشوّشةً للغاية، ولكننا قمنا بتحسين إعدادات الكاشف بحيث يصبح ملائماً لالتقاط الإشارات في النهار والليل، وقد تم تصميم آلية أوتوماتيكية للمعالجة الأوّليّة للبيانات ولتقنيع البيكسلات (pixels masking)، وذلك بهدف تحسين نوعية الأرصاد المُجرَاة".



إن مفهوم إقحام طلاب المدارس في المراحل النهائية من الأبحاث بوساطة مركز لانغتون ستار هو في الأصل فكرة البروفيسورة بيكي باركر Becky Parker، وقد تم الآن تمرير هذا البرنامج إلى أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية من خلال تأسيس معهد الأبحاث في المدارس Institute for Research in Schools.

كاشف لانغتون النهائي لشدّة الأشعة الكونية على القمر الصناعي لوسيد.
كاشف لانغتون النهائي لشدّة الأشعة الكونية على القمر الصناعي لوسيد.


توضح باركر هذا الموضوع بقولها: "هناك مزايا كبيرة لدعم الأبحاث الحقيقية في المدارس، منها تعزيز مشاركة الطلاب، واستقطاب الطلاب المتميزين في العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، وإنعاش مهنة التدريس، وتحسين الفترة الانتقالية بين المدرسة والجامعة، وزيادة الحماس تجاه الفيزياء والهندسة بين الفتيات على وجه الخصوص"، وأنهت كلامها قائلة: "ينطبق ذلك بالتأكيد على مدرستنا، كما نتمنى رؤية المدارس في جميع أنحاء البلاد وهي تستفيد من نفس الفرص من خلال معهد الأبحاث في المدارس".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات