عندما غيرت الصواريخ العاملة بالوقود السائل مستقبل السفر في الفضاء إلى الأبد

رائد علم الصواريخ روبرت جودارد، يقف بجوار أول صاروخٍ يعمل بالوقود السائل من تصميمه قبل إطلاقه يوم 15 مارس عام 1926.


المصدر: أرشيف روبرت جودارد في جامعة "كلارك" Clark.


ربما يعد إطلاق صاروخٍ عاملٍ بالوقود السائل أمراً عادياً هذه الأيام، لكن قبل 90 سنة، كان يعتبر تقنيةً حديثة، في الحقيقة، أول صاروخٍ يعمل بالوقود السائل تم إطلاقه في 16 مارس عام 1926 تحت إشراف الرائد في علم الصواريخ "روبرت جودارد" Robert Goddard.


وقد صدر فيديو جديد يظهر موظفي ناسا يحتفلون بإطلاق صاروخ جودارد الصغير أثناء احتفال عام 1976 (والتي صادفت الذكرى الخمسين لاختبار التحليق التاريخي).

 

يظهر الفيديو مجموعةً من الموظفين وقد تجمعوا أمام حافلة مدرسة عند مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا، والذي سمي بالنسبة لـ "روبرت جودارد" Robert Goddard، يشاهدون إقلاع نسخةٍ طبق الأصل عن الصاروخ، يستعمل الوقود السائل في أغلب عمليات الإطلاق اليوم، من رحلات البشر إلى بعثات ما بين الكواكب.

 

كان أول صاروخٍ مزودٍ بوقودٍ سائلٍ لجودارد صغير الحجم، ولم يصل لارتفاعٍ عالٍ، لكنه شكل اختلافاً جذرياً في طريقة صنع الصواريخ، فسابقاً كانت كل الصواريخ تطلق باستعمال مواد صلبة، وترجع تلك الطريقة للقرن الثالث عشر، عندما استعمل المهندسون الصينيون بودرة البنادق (gunpowder) عندما كانوا يصدون الأعداء.

 

إعادة تمثيل إطلاق صاروخ روبرت جودارد الأول العامل بالوقود السائل عام 1976، احتفالاً بالذكرى الخمسين للإطلاق الأول في 16 مارس عام 1926. المصدر: ناسا / مركز جودارد لرحلات الطيران.
إعادة تمثيل إطلاق صاروخ روبرت جودارد الأول العامل بالوقود السائل عام 1976، احتفالاً بالذكرى الخمسين للإطلاق الأول في 16 مارس عام 1926. المصدر: ناسا / مركز جودارد لرحلات الطيران.


بالرغم من ذلك، اعتقد جودارد أن الوقود السائل سيوفر ميزاتٍ أكثر من الميزات التي يوفرها الوقود الصلب، وتوفر الصواريخ العاملة بالوقود السائل دفعاً أكبر للوحدة الواحدة من الوقود، وتسمح للمهندسين بتحديد مدة اشتعال الصاروخ. وقد استغرق الأمر مع جودارد 17 سنةً من العمل ليقوم بأول إطلاق.

حسب تصريح ناسا، يقول جودارد في مذكراته في اليوم التالي بعد الإقلاع: "بدا الصاروخ ساحراً عندما أقلع، دون أي زيادةٍ ملحوظةٍ في الضجة أو اللهب، كما لو أن الصاروخ يقول لي: "لقد بقيت هنا لوقتٍ كافٍ، اعتقد أنني سأذهب لمكانٍ آخر، إن كنت لا تمانع".

حلم جودارد برؤية اليوم الذي سيصبح فيه السفر بين الكواكب ممكناً، لكن ذلك اليوم لم يأتِ عندما كان حياً -توفي عام 1945- لكن الصواريخ المزودة بوقودٍ سائلٍ أصبحت مهمةً جداً في تاريخ الفضاء.

أطلق أول قمر صناعي "سبوتنك" Sputnik عام 1957، باستخدام صاروخٍ يستعمل الوقود السائل بشكلٍ جزئي، استُخدم أيضاً الوقود السائل في إطلاق صاروخ "ساترن 5" Saturn V الضخم، الذي أخذ رواد الفضاء إلى القمر في الستينات والسبعينات من القرن الماضي. 


لا زال الوقود السائل هو نوع الوقود المختار للبعثات المأهولة في هذه الأيام، لأنه أكثر أماناً من الصواريخ العاملة بالوقود الصلب، بسبب إمكانية التحكم بالاحتراق عند استعماله.

ومن الصواريخ الأخرى التي استخدمت الوقود السائل في مرحلة واحدة أو عدة مراحل: صاروخ "أريان 5" Ariane 5 الأوروبي (الذي سيطلق تيليسكوب جيمس ويب James Webb التابع لناسا)، ومعززات (boosters) مركبة سويوز الروسية، وAtlas V "أطلسv"   التابع لشركة United Launch Alliance، وعائلة معززات دلتا Delta booster family، و"صاروخ فالكون9" Falcon 9 التابع لشركة سبيس أكس SpaceX، والعديد أيضاً.


حصل جودارد على أكثر من 200 براءة اختراعٍ في حياته وبعد موته، وكان أحد أكبر أعماله اختراع الصاروخ متعدد المراحل، والذي هو أساس كل رحلة فضاء في الوقت الحاضر، يزود الصاروخ بعدة محركاتٍ وخزاناتٍ للوقود، والتي تنفصل أثناء ارتفاع الصاروخ في الغلاف الجوي.

تقول ناسا في تصريحٍ صحفي: "لم تدرك الولايات المتحدة قيمة أعمال جودارد إلا بعد وفاته، في الحقيقة وأثناء حياته، تمت السخرية من بعض أفكاره المتعلقة بالوصول للفضاء الخارجي". وتضيف: "لكن أول رحلةٍ لصاروخٍ مزودٍ بالوقود السائل، كانت أهميتها في مجال استكشاف الفضاء مثل أهمية تحليق "الأخوين رايت" Wright brothers الأول في الهواء، وبعد 90 سنة، لا زالت براءات اختراعاته متكاملةً مع تقنيات السفر الفضائي".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات