غبار الصحارى يزيد احتمال العدوى ببكتيريا فبريو

 

التقط مقياس الإشعاع الطيفي spectroradiometer، ذو دقة التصوير المعتدلة على القمر الصناعي تيرا Terra التابع لوكالة ناسا، هذه الصورة بالألوان الطبيعية لرمال تندفع عبر ساحل الصحراء الغربية والمغرب في 7 آب/أغسطس 2015.
حقوق الصورة: جيف شمالتز Jeff Schmaltz ، LANCE/EOSDIS MODIS فريق التدخل السريع في مركز غودارد للطيران الفضائي التابع لوكالة ناسا Rapid Response Team at NASA GSFC



ربما كان من الصعب العثور على الحديد - وهو عنصرٌ هامٌ جدًا للكائنات الحية- في عرض البحار، إلا في الصيف حين يقوم الغبار المنقول جوًا من الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا بتزويد مياه المحيط الاستوائية في منطقة الكاريبي وجنوب شرق الولايات المتحدة بكمياتٍ من العناصر الغذائية الهامة حيويًا بما فيها الحديد.

وفي دراسةٍ نشرت في مجلة مداولات الأكاديمية الوطنية للعلوم Proceedings of the National Academy of Sciences، وجد باحثون من جامعة جورجيا University of Georgia أنَّ بكتريا "فبريو" Vibrio تستجيب سريعًا لهذا التدفق من غبار الصحارى الغني بالحديد، ما يؤدي إلى ازدهارٍ كبيرٍ في أعداد هذه البكتيريا، ذات الخطورة المحتملة، في المياه السطحية للمحيط. 

ربما أكثر ما تشتهر به بكتيريا "فبريو" الشائعة في مياه المحيطات عبر العالم، هو قدرتها على إصابة البشر والأحياء البحرية الأخرى بأمراض خطيرة، كما أنها تتصف بقدرتها على التكاثر سريعًا والاستجابة للموارد حديثة التوافر.

وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة، إيرين ليب Erin Lipp، وهي أستاذة في علم الصحة البيئية في كلية جورجيا للصحة العامة UGA College of Public Health: "جزءٌ مما يجعل هذه البكتيريا البحرية العادية عاملًا مرضيًا محتملًا، أيضًا، هو قدرتها على النمو السريع عندما تكون الظروف مواتية، سواءً في مضيف أو في البيئة، وفي حين أنَّنا مهتمون بكيف تسبُّب ديناميكيات تعداد بكتريا "فبريو" المرض، أردنا لهذه الدراسة أن تستخدم السلوك الانتهازي لهذه البكتيريا كنموذجٍ لكيفية ستغلال البكتيريا لتوافر العناصر الغذائية الجديدة، وتحديدًا الحديد الذي يحمله الغبار".

وفي المختبر، تمكن الباحثون من إظهار أن الحديد الذي يحمله الغبار قد يؤدي إلى نمو مستنبتات بكتيريا الفبريو التجريبية، ولتأكيد هذه النتائج، سافر الفريق إلى مواقع في الجزر الرملية الصغيرة في فلوريدا Florida Keys والبرابادوس Barbados، لقياس نمو بكتيريا الفبريو خلال فترات هبوب غبار الصحارى بشكلٍ طبيعي، فلاحظوا، ليس فقط أن الحديد المنحل يزداد في مياه المحيط السطحية لدى وصول الغبار، بل ولاحظوا أيضاً أنَّ بكتيريا الفبريو نمت من مستواها الأساسي، الذي لا يتجاوز 1 بالمئة، إلى نحو 20 بالمئة من مجموع المجتمع البكتيري خلال 24 ساعةً من التعرض للغبار.

 

تمَّ إنتاج هذا الرسم التصويري للهباء الجوي العالمي من قبل نموذج غودارد لنظام مراقبة الأرض Goddard Earth Observing System Model، الإصدار الخامس؛ محاكة بدقة 10 كيلومتر. يُرمز للغبار الذي يُحمل من السطح (باللون الأحمر)، وللملح البحري الذي يدور داخل أعاصير (باللون الأزرق)، وللدخان الذي يتصاعد من الحرائق (باللون الأخضر)، ووأخيرًا رُمِزَ لذرات الكبريت التي تتدفق من انبعاثات البراكين والوقود الأحفوري (باللون الأبيض.) تقدِّم النمذجة الجوية العالمية ذات الدقة العالية ــ والتي تُنفّذ على الحاسوب الفائق "ديسكفور Discover" في مركز ناسا لمحاكة المناخ في مركز غودارد للطيران الفضائي في غرينبلت في ميريلاند ــ أداةً فريدة لدراسة دور الطقس في نظام الأرض المناخي. حقوق الصورة: وليام بتمان William Putman، NASA/Goddard
تمَّ إنتاج هذا الرسم التصويري للهباء الجوي العالمي من قبل نموذج غودارد لنظام مراقبة الأرض Goddard Earth Observing System Model، الإصدار الخامس؛ محاكة بدقة 10 كيلومتر. يُرمز للغبار الذي يُحمل من السطح (باللون الأحمر)، وللملح البحري الذي يدور داخل أعاصير (باللون الأزرق)، وللدخان الذي يتصاعد من الحرائق (باللون الأخضر)، ووأخيرًا رُمِزَ لذرات الكبريت التي تتدفق من انبعاثات البراكين والوقود الأحفوري (باللون الأبيض.) تقدِّم النمذجة الجوية العالمية ذات الدقة العالية ــ والتي تُنفّذ على الحاسوب الفائق "ديسكفور Discover" في مركز ناسا لمحاكة المناخ في مركز غودارد للطيران الفضائي في غرينبلت في ميريلاند ــ أداةً فريدة لدراسة دور الطقس في نظام الأرض المناخي. حقوق الصورة: وليام بتمان William Putman، NASA/Goddard


يلعب غبار الصحارى دور المصدر الرئيسي لعنصر الحديد في محيطات العالم. والحديد هام جدًا للإنتاج الحيوي، حيث تمّ تحرّي تزويد المناطق المحيطية بعنصر الحديد كطريقةٍ لتحفيز نمو العوالق النباتية phytoplankton، وهي أحياء دقيقة تشبه النباتات وتشكل قاعدة للشبكة الغذائية في المحيط، وتلعب دورًا هامًا في مناخ الأرض.

يمكن أن تؤدي العوالق النباتية دور الإسفنج الماص لغاز ثاني أكسيد الكربون، ومن المحتمل أن تخفّف التغير المناخي من خلال منع الغازات الحابسة للحرارة من الدخول مجددًا إلى الغلاف الجوي. ولكن هذا المفهوم مرتكز على افتراض أن العوالق النباتية هي أوَّل المستجيبين لتدفق العناصر الغذائية. إلَّا أنَّ قدرة بكتيريا الفبريو على الاستجابة السريعة لتلك العناصر الغذائية بمعدل أسرع من الطحالب الدقيقة، تفند هذه النظرية، وتكشف أنَّ الفبريو يمكن أن تكون وسيطًا هامًا في الدورة الحيوية الجيوكيميائية لعنصر الحديد، والتي تلعب دورًا حاسمًا في كثير من العمليات على الكوكب.

قال مؤلف الدراسة الرئيسي جايسون ويستريك Jason Westrich، وهو أستاذ مساعد في بحوث ما بعد الدكتوراه في كلية الصحة العامة College of Public Health : "ركزت الدراسات السابقة بشكلٍ أساسيٍّ على الاستجابة الحيوية للعوالق النباتية والطحالب لمخلفات غبار الصحارى، لذا فقد تمَّ التغاضي إلى حدٍّ بعيدٍ عن الدور الذي تلعبه البكتيريا".


مؤلفا الدراسة جايسون ويستريك Jason Westrich، إلى اليسار، وبيل لاندنغ Bill Landing، في الوسط، يجمعان الماء مع نيل وايت Neil Wyatt في جزر فلوريدا. حقوق الصورة: إيرين ليب Erin Lipp/ جامعة جورجيا University of Georgia
مؤلفا الدراسة جايسون ويستريك Jason Westrich، إلى اليسار، وبيل لاندنغ Bill Landing، في الوسط، يجمعان الماء مع نيل وايت Neil Wyatt في جزر فلوريدا. حقوق الصورة: إيرين ليب Erin Lipp/ جامعة جورجيا University of Georgia


وعلى الرغم من أن ويستريك وليب لم يدرُسا التأثيرات الصحية في هذه الدراسة، إلا أنَّهما يعتقدان أنَّ ازدهار بكتيريا "فبريو" المتعلق بالغبار، قد يؤثر على صحة من يتعرض لها من البشر.

تزداد حالات الإصابة بالأمراض الناجمة عن بكتيريا الفبريو بمعدلٍ أعلى من كثير من العوامل المرضية البكتيرية الأخرى في الولايات المتحدة، والتي قد تعود جزئيًا لتضاعف أعداد بكتيريا الفبريو في المياه الساحلية مع ارتفاع درجات حرارة سطح البحر، وفقًا لما قالته ليب. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الجفاف المتزايد في الصحارى إلى مزيد من هبات الغبار، وبذلك إلى مزيد من ازدهار بكتيريا فبريو الضارة غالبًا.

وقد قال ويستريك: "إنَّ معرفة الصلة بين هبوب غبار الصحارى وفترات ازدهار تعداد الفبريو، هو أمرٌ هامٌ من حيث أنَّنا نستطيع تعقب هذه الأحداث الغبارية باستخدام الأقمار الصناعية لحظة حصولها، وهذا ما يمنحنا بعض القدرة التنبؤية لفهم متى يكون هناك خطر مضاعف لحصول عدوى فبريو، لدى كلٍّ من البشر أو الأحياء البحرية".
 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • مركز غودارد لرحلات الفضاء (GSFC): هو واحد من المراكز العلمية التي تقوم ناسا بتشغيلها. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات