علماء يشاهدون للمرة الأولى ولادة رابطة كيميائية

استخدم علماء، من قسم الطاقة في مختبر المسرع الوطني SLAC، ليزر الأشعة السينية للحصول على اللمحة الأولى لحالة انتقالية تبدأ فيها ذرتين بتشكيل رابطة ضعيفة على طريقها لتُصبح جزيء.


لهذا التطور الجوهري، المنشور في عدد 12 فبراير/شباط من مجلة Science Express ، والذي اُعتقد باستحالته سابقاً، عواقب عميقة على فهمنا لكيفية حصول التفاعلات الكيميائية، وعلى جهود تصميم تفاعلات مولدة للطاقة، وعلى صناعة منتجات جديدة وتخصيب المحاصيل بفعالية أكبر.

 

يقول اندير نيلسون (Anders Nilsson)، وهو برفسور في مركز SUNCAT لعلوم التداخل والتحفيز الكيميائي في جامعة ستوكهولم والمؤلف الرئيسي للبحث: "إنه الجوهر الحقيقي للكيمياء. إنه ما نعتبره كأساً مقدسة لأنه يتحكم بالتفاعلية الكيميائية. لكن بسبب وجود بضعة جزيئات فقط خلال هذه الحالة الانتقالية عند أي لحظة زمنية، لم يعتقد أحد سابقاً بقدرتنا على رؤيتها".

 

• نبضات ليزرية سريعة ولامعة تُنجز المستحيل 


حصلت التجربة في منشأة المصدر الضوئي المتماسك Linac (أو اختصاراً LCLS)، الموجود في SLAC. كانت نبضات ليزر الأشعة السينية قصيرة إلى درجة كافية لإضاءة الذرات والجزيئات، كما أنها كانت سريعة كفاية لمراقبة التفاعلات الكيميائية وهي تتكشف أمامنا بطريقة لم تكن متاحة أبداً في السابق.

 

استخدم الباحثون LCLS لدراسة التفاعل نفسه، الذي يُحيد أول أكسيد الكربون من عوادم السيارات في المحولات المحفزة. حصل التفاعل على سطح مُحفز، حيث قام الأخير بانتزاع ذرات الأكسجين وأحادي أكسيد الكربون وأبقاهما قريبين من بعضهما البعض، بحيث يُمكنهما الاقتران بسهولة أكبر وتشكيل ثنائي أكسيد الكربون.

 

في تجارب SLAC، وصل الباحثون ذرات الأكسجين واحادي أكسيد الكربون مع سطح محفز الروثينيوم، وسمحوا بحصول التفاعل عبر إطلاق نبضة ليزر بصري. سخنت النبضة المُحفز إلى درجة حرارة 2000 كلفن –أكثر من 3000 درجة فهرنهايت –وتسببوا في اهتزاز المواد الكيميائية المتصلة، ليزيدوا بذلك وبشكلٍ كبير جداً فرصة تصادم تلك المواد مع بعضها ومن ثمَّ الترابط.

 

كان الفريق قادراً على رصد هذه العملية باستخدام نبضات ليزر الأشعة السينية القادمة من LCLS، والتي كشفت عن التغيرات الحاصلة في ترتيب الكترونات الذرات، والتي حصلت خلال فمتوثانية –يُعتبر التغير الحاصل في ترتيب الالكترونات إشارة قوية على تشكل الرابطة.

 

يقول نيلسون: "في البداية، نُشطت ذرات الاكسجين، وبعد ذلك بوقتٍ قليل، تم تنشيط أحادي أكسيد الكربون. بدأت هذه المركبات بالاهتزاز والتحرك قليلاً؛ وبعد ذلك بحوالي جزء من تريليون من الثانية، بدأت بالتصادم وتشكيل حالاتها الانتقالية".

 

• دفع الكرات الزجاجية نحو أعلى التل 


كان الباحثون متفاجئين برؤية العديد من المواد الداخلة في التفاعل وهي تدخل حالة انتقالية، وأيضاً تفاجؤوا بالقدر نفسه عند اكتشاف قيام قسم صغير فقط منها بتشكيل أحادي أكسيد كربون مستقر، أما البقية فتحطمت من جديد.

 

يقول نيلسون: "يُشابه الأمر دفع كرات زجاجية إلى أعلى تل، لتُشاهد معظمها يقوم بالسقوط من جديد نحو الأسفل. ما نراه هنا هو إجراء العديد من المحاولات، لكن القليل جداً من التفاعلات استمر ليُعطي الناتج النهائي. لدينا الكثير من الأشياء التي علينا القيام بها من أجل فهم تفاصيل ما رصدناه هنا".

 

لعبت النظرية دوراً رئيسياً في التجارب، مما سمح للفريق التنبؤ بما يحدث والحصول على أفكار جيدة حول الأشياء، التي عليهم البحث عنها. يقول فرانك ابيلد-بيدرسون (Frank Abild-Pedersen)، من SLAC وSUNCAT وهو مؤلف مشارك في الدراسة: "إنه طريق غاية في الأهمية بالنسبة لعلماء الكيمياء النظرية، إذ سيقوم بفتح الباب أمام حقل جديد بالكامل".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات