إيقاف فعالية داء هنتنغتون عند الفئران: نتائج واعدة لمرض لا علاج له

لقد تمكن علاج جديد لداء هنتنغتون Huntington’s disease من كبح فعالية الطفرة الوراثية المسؤولة عن المشكلات العضلية الحادة والارتعاشات اللاإرادية لعدة أشهر، من خلال تجربة أجريت على الفئران.

 

يُعطى هذا العلاج المعتمِد على البروتين للجسم عن طريق حقنة واحدة، ويطمح الباحثون في تجربة العلاج على البشر خلال السنوات الخمس القادمة، وذلك إذا استمر بإظهار نتائج واعدة في الدراسات اللاحقة.

داء هنتنغتون هو اضطراب دماغي متزايد الحدة يصيب واحدًا من كل عشرة آلاف شخص 1 / 10,000 حول العالم.


وهو ناتج عن طفرة في جين واحد يدعى هنتنغتين Huntingtin، مما يؤدي إلى التسبب بأذية الخلايا العصبية في الدماغ، ومع مرور الوقت، فإنه يسبب مشاكل عصبية شديدة مثل الارتعاشات أو النفضات اللاإرادية وصعوبة في المشي والكلام والبلع، وتراجع بالتفكير والقدرات التحليلية.

يميل المرضى المُشخَّصون بداء هنتنغتون خلال البلوغ ألا يعيشوا أكثر من 15 – 20 سنة بعد بداية ظهور الأعراض، كما أن احتمالية توريث الداء لأبنائهم هي 50%، وليس هناك أي علاج معروف يبطئ من تقدم المرض. لعلاج ذلك قام فريق من كلية لندن الإمبراطورية Imperial College London في المملكة المتحدة بتطوير علاج جديد معتمد على بروتين مصمم يُدعى "إصبع الزنك".

صُممت أصابع الزنك هذه لترتبط بالـ DNA الخاص بنُسَخ مورثات الهنتنغتين المصابة بالطفرة، ولتكبح بشكل فعال قدرتها على التعبير الجيني وعلى إنتاج بروتينات مؤذية تتراكم في الدماغ.

لم يثبُت شيء حتى الآن بشكل نهائي، ولكنَّ الباحثين يتوقعون أن تراكم هذه البروتينات هو السبب وراء تزايد حدة المرض.

يقول الباحث الرئيسي مارك إيزالان Mark Isalan: "نحن لا نعلم بالضبط كيف تسبب طفرة هنتنغتين المرض، وبالتالي فإن الفكرة هي باستهداف تعبير الجين وإيقاف المشكلة من مصدرها بمنع هذه المورثة حتى من احتمالية التعبير".

قام الباحثون بتجربة أصابع الزنك كعلاج لداء هنتنغتون لمدة أكثر من عقد حتى الآن، ومن خلال تعديل تركيب البروتين أطالوا فترة تأثير هذا العلاج من عدة أسابيع في 2012 إلى عدة أشهر.

قام الباحثون في آخر تجربة بعلاج اثني عشر فأرًا لديهم داء هنتنغتون بإعطائهم حَقنة واحدة من إصبع الزنك.


واستُخدِمت صور مسح الدماغ لتحديد تقدم المرض بعد إعطاء العلاج، حيث وجد الفريق أن العلاج كبح ما متوسطه 77%‏ من تعبير الجين المصاب بالطفرة بعد ثلاثة أسابيع فقط.

بعد ستة أسابيع، استمر كبح 61%‏ من تعبير المورثة غير المرغوب به، وبعد 12 أسبوعًا استمر كبح 48%. وفي الأسبوع الـ 24 استمر كبح 23%‏، وأعلن الباحثون أنه في بعض الفئران استمرت ملاحظة التأثيرات بعد ستة أشهر من إعطاء أول حقنة.


هناك عدة تحذيرات كبيرة بهذا الخصوص. أولاً: هذه التجارب أُجريت فقط على الفئران وليس هناك أي ضمانات فيما يخص مضاعفاتها ونتائجها على الإنسان. ثانياً: من أكبر الألغاز التي تحيط بداء هنتنغتون هو اعتقادنا أن تراكم البروتين الناتج عن تعبير طفرة هنتنغتين هو سبب المرض دون أن يتم إثبات ذلك. ثالثاً: بينما كان الباحثون يثبتون قدرتهم على كبح تعبير هذا الجين، حقق فريق آخر نتائج واعدة بتجربة علاج مختلف على الفئران والقردة، وحتى الآن يحاولون معرفة ما إذا كان بإمكانه إيقاف أعراض المرض (في إشارة إلى بلير ليافيت وفريقه من كندا، والذين يعملون على علاج جديد يجربونه على الفئران والقردة).


ولكن، وكما أثبتت تجربتهم سنة 2012، فإن الفئران المعالجة بهذه الطريقة تمكنت من السيطرة على حركاتها أكثر من الفئران غير المعالجة، مما يشير إلى وجود ارتباط بين الدراستين.

يقول إيزالان: "في هذه الدراسة، لم نكن نبحث عن معرفة كيفية تأثير كبح تعبير الجين على أعراض المرض، رغم أنه سؤال حرج. لكن لدينا سبب مقنع من دراساتنا السابقة يجعلنا واثقين أن كبح المورثة قلل بشكل ملحوظ من الأعراض.

الخطوة القادمة للفريق هي التحقق من هذه الأسئلة من خلال التجارب اللاحقة على الفئران، وإذا أظهرت بشكل مقنع أن العلاج باستطاعته إيقاف الأعراض عند المرضى لفترة مديدة، فإنه سيتم الانتقال لتجربتها على الإنسان.

ويضيف إيزالان: "إذا استمر كل شيء على ما يرام وحصلنا على مزيد من النتائج الإيجابية، سنتوجه إلى البدء بالتجارب السريرية خلال خمس سنوات لمعرفة ما إذا كان العلاج آمنًا وفعالًا عند البشر".

نُشرت هذه النتائج في دورية Molecular Neurodegenration.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات