اكتشافُ دور جديد للمهاد


يبدو أنّ المهاد أعقد مما كنا نظن! 


المهاد هو منطقة صغيرة تقع في منتصف دماغنا، ويُعتقد أنّه ينقل إشاراتٍ من الأذنين والعينين والفم والجلد إلى أجزاء أخرى من الدماغ من أجل معالجتها. ولكن في الوقت الحالي أشارت دراسةٌ جديدة إلى أنَّ المهاد لا ينقل المعلومات فقط، بل يلعب دورًا في السلوكيات الإدراكية؛ كاتخاذ القرارات والتركيز.

 

إذا استطعنا الوصول إلى أعماق القدرات الحقيقية للمهاد، فهذا قد يساعدنا في معالجة المشاكل الصحية المتعلقة بالدماغ كالفصام والقلق.



وجد باحثو المركز الطبي لجامعة نيويورك لانغون (New York University Langone Medical Center) الذين يقومون بتجاربهم على الفئران والمحاكيات الحاسوبية بأنَّ المهاد لا ينقُل الإشارات الحسية في الدماغ فقط، بل يعزّز الاتصالات العصبية في نفس الوقت.


يساعد هذا الأمر دماغنا على تحديد الأمور التي يجب الانتباه لها عند اتخاذ القرارات، مما يعني أنَّ المهاد ممكن أن يلعب دورًا في بعض سلوكيات الإنسان أكبر مما كان يُنسب إليه.



يقول أحد الباحثين مايكل هالاسا (Michael Halassa) : "توفّرُ دراستنا أوضح إثباتٍ حتى الآن على أنّ المهاد الظهراني الإنسي أو ما يطلق عليه اختصارا (MD) هو نقطة للاتصال بين الدّارات عندما يُحضَّر الدماغ سابقًا بتعلم قواعد واتخاذ قرارات بالوقت الحقيقي".



عمل فريق البحث على الفئران لمعرفة كيفية التفاعل بين جزئين: القشرة الدماغية أمام الجبهية (PFC) المسؤولة عن الذاكرة قصيرة الأمد واتخاذ القرار، والمهاد الظهراني الإنسي MD وهو عبارة عن مجموعة من النُوى الكبيرة داخل المهاد.



دُرِّبت الفئران على الاستجابة لومضاتٍ من الضوء والصوت حتى تحصل على الطعام كمكافأة، وبعدها تذكّرُ ما تعلمته. حُقنت بروتينات خاصة حساسة للضوء في القشرة الدماغية أمام الجبهيّة والمهاد الظهراني الإنسي حيث تمكن الباحثون بهذه الطريقة من تحفيزهما صناعيًا.



وجد الباحثون أن تعزيز نشاط المهاد الظهراني الإنسي دعم قدرة الحيوانات على اتخاذ القرار الصحيح اعتمادًا على التدريب السابق؛ فقد ارتكبت الفئران أخطاءً أقل بنسبة 25% في التعرف على المُنبه الصحيح المتبوع بطعام، متعلمةً من القواعد التي اكتسبتها عن طريق التجربة.



في حين أنّه عندما زِيْدَ نشاط القشرة الدماغية أمام الجبهية بدل المهاد الظهراني الإنسي، هبطت قدرة الفئران على الاختيار السليم بنسبة تصل إلى 50% في بعض الحالات.



هذا يشير إلى أن الاتصالات بين الخلايا العصبية كانت ترسل إشارات متضاربة حول القواعد التي يجب على الفئران اتباعها في نفس الوقت، وتداخلت مع بعضها البعض بطريقة جعلت الفئران تتخذ قرارها بصعوبة.



وهو ما يعني أنّ زيادة فعالية المهاد الظهراني الإنسي يساعد عقل الثدييات على اختيار الخلية العصبية الصحيحة من أجل اتخاذ قرار معين بالاعتماد على الحالة المفروضة، وهذا يرفع دور المهاد من مجرد كونه بوابة تحدد خط سير المعلومات.



وبالطبع، لوحظت نتائج هذا الدراسة على الفئران فقط إلى الآن، ولن نتأكد من صحتها عند البشر حتى يُعاد تجربتها عندهم .


ولكن إذا وُجدت نفس النتائج في البشر، فهذا سوف يؤثر على كيفية علاج الأمراض المتعلقة بالانتباه مثل القلق والفصام ، على سبيل المثال إذا كان غياب الانتباه متعلق بصعوبات النوم أو بعض الأمراض النفسية، من الممكن أن نكون قادرين على فهم آلية عمل المهاد.


يقول هالاسا : "بيّن هذا المفهوم الجديد دور المهاد في العيوب المعرفية التي تحدث في الأمراض التي تتضمن مشاكل بالاتصال في القشر الدماغي، وتدعم نتائجنا نظرية أنّ الإدراك بشكل عام من الممكن أن يتحسن بتعديل وظيفة المهاد" .


نُشرت نتائج البحث في دورية Nature.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات