يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
ما هي أسباب التغير المناخي؟

رسم مبسط لظاهرة البيت الزجاجي .
حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech



يعزو العلماء نزعة الاحتباس الحراري العالمية التي رُصدت منذ منتصف القرن العشرين إلى أنشطة البشر التي زادت من "ظاهرة البيت الزجاجي " وهو ما ينتج عندما يحبس الغلاف الجوي الحرارة التي تُشعها الأرض نحو الفضاء.

تمنع غازات محددة في الغلاف الجوي الحرارةَ من الخروج إلى الفضاء. توصف الغازات "طويلة الأمد" التي تظل في الغلاف الجوي بشكلٍ شبه دائم، ولا تستجيب فيزيائياً أو كيميائياً للتغيرات في درجة الحرارة بأنها "تفرض" تغير المناخ. وتُعرف الغازات التي تستجيب فيزيائياً أو كيميائياً للتغيرات في درجة الحرارة، مثل بخار الماء، بأنها ذات "تغذية راجعة".


تشمل الغازات التي تساهم في ظاهرة البيت الزجاجي:

.
.


1- بخار الماء: يعتبر أكثر الغازات الدفيئة وفرةً؛ ولكن الأهم من ذلك، أنه يعمل كغاز تغذية راجعة للمناخ. يزداد مستوى بخار الماء مع ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض، ومعهما يزداد أيضاً احتمال تكون الغيوم وهطول الأمطار، ما يجعل منهما من أهم آليات التغذية الراجعة لآثار ظاهرة البيت الزجاجي .


2- ثاني أكسيد الكربون CO2: يوجد بنسبةٍ قليلةٍ في الغلاف الجوي لكنه مهمٌ جداً، ينطلق ثاني أكسيد الكربون من خلال عملياتٍ طبيعية مثل: التنفس، وثوران البراكين، وأنشطةٍ بشرية مثل: إزالة الغابات، وتغيرات استخدام الأراضي، وحرق الوقود الحفري. زاد البشر من تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بأكثر من الثلث منذ بدء الثورة الصناعية. ويُعتبر أهم غاز طويل الأمد "فارضٍ" للتغير المناخي.


3- الميثان: غاز هيدروكربوني ينتج من خلال مصادر طبيعية وأنشطة بشرية، بما في ذلك تحلل النفايات في مكبات القمامة، والزراعة، خاصةً الأرز، بالإضافة إلى هضم الحيوانات المجترة وتصريف الأسمدة الناتجة من تربية الماشية. على المستوى الجزيئي، فإن الميثان أكثر تأثيراً من ثاني أكسيد الكربون كغازٍ دفيء، ولكنه أقل وفرةً بكثير في الغلاف الجوي.
4- أكسيد النيتروز: يُعتبر غازاً دفيئاً قوياً ينتج عن ممارسات زراعة التربة، وخاصة استخدام الأسمدة التجارية والعضوية، وحرق الوقود الحفري، وإنتاج حمض النيتريك، وحرق المواد العضوية.


5- مركبات الكلوروفلوروكربون CFCs: هي مركبات اصطناعية بالكامل تستخدم في عددٍ من التطبيقات، ولكن يجري تنظيم إنتاجها وانبعاثها إلى الغلاف الجوي إلى حدٍ كبيرٍ تنفيذاً لاتفاقية دولية بسبب قدرتها على المساهمة في تدمير طبقة الأوزون، وبالتالي تُعتبر من الغازات الدفيئة.

على الأرض، تعمل الأنشطة البشرية على تغيير تأثير البيت الزجاجي  الطبيعي. خلال القرن الماضي، أدى حرق الوقود الحفري مثل الفحم والنفط إلى زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. هذا يحدث لأن عملية حرق الفحم أو النفط تجمع الكربون مع الأكسجين في الهواء لإنتاج ثاني أكسيد الكربون. وبتأثير أقل، زادت عمليات تطهير الأراضي إعداداً لزراعتها، والصناعة، والأنشطة البشرية الأخرى من تركيز الغازات الدفيئة.

نسبة غير كافية من تأثير البيت الزجاجي : الغلاف الجوي في كوكب المريخ رقيق جداً، فيتكون بأكمله تقريباً من غاز ثاني أكسيد الكربون. ولكن بسبب الضغط الجوي الضعيف، وقلة (أو ربما عدم وجود) غاز الميثان وبخار الماء اللذان يزيدان من تأثير البيت الزجاجي ، فسطح المريخ متجمد في معظمه ولا يظهر أي دليل لوجود حياة عليه.
نسبة غير كافية من تأثير البيت الزجاجي : الغلاف الجوي في كوكب المريخ رقيق جداً، فيتكون بأكمله تقريباً من غاز ثاني أكسيد الكربون. ولكن بسبب الضغط الجوي الضعيف، وقلة (أو ربما عدم وجود) غاز الميثان وبخار الماء اللذان يزيدان من تأثير البيت الزجاجي ، فسطح المريخ متجمد في معظمه ولا يظهر أي دليل لوجود حياة عليه.


نسبة كبيرة جداً من تأثير البيت الزجاجي : يتكون الغلاف الجوي لكوكب زحل في معظمه من غاز ثاني أكسيد الكربون، تماماً مثل المريخ، ولكن كميته في زحل تماثل كميته على الأرض 154 ألف مرة تقريباً (وتماثل كميته على المريخ 19 ألف مرة تقريباً) ما ينتج تأثير صوبة زجاجية لا يترك مفراً للغازات الدفيئة جاعلاً درجة حرارة زحل كافية لصهر الرصاص.
نسبة كبيرة جداً من تأثير البيت الزجاجي : يتكون الغلاف الجوي لكوكب زحل في معظمه من غاز ثاني أكسيد الكربون، تماماً مثل المريخ، ولكن كميته في زحل تماثل كميته على الأرض 154 ألف مرة تقريباً (وتماثل كميته على المريخ 19 ألف مرة تقريباً) ما ينتج تأثير صوبة زجاجية لا يترك مفراً للغازات الدفيئة جاعلاً درجة حرارة زحل كافية لصهر الرصاص.


يصعب التنبؤ بعواقب تغيير ظاهرة البيت الزجاجي الطبيعية في الغلاف الجوي، لكن يوجد تأثيرات معينة من المرجح حدوثها، فمثلاً:


1- في المجمل سوف تصبح الأرض أكثر دفئاً. قد تستحسن بعض المناطق درجات الحرارة الأكثر دفئاً، بينما قد لا ترحب مناطق أخرى بذلك.


2- ستؤدي درجات الحرارة الأعلى في الغالب إلى معدلات أعلى من التبخير والأمطار، ولكن سيختلف تأثير ذلك على شتى المناطق، بعضها سيصبح أكثر رطوبة، وبعضها الآخر سيصبح أكثر جفافاً.


3- سيؤدي ازدياد تأثير البيت الزجاجي إلى تسخين المحيطات وانصهار الجبال الجليدية جزئياً وغيرها من المسطحات الجليدية، مما سيؤدي لارتفاع مستوى سطح البحر، كما ستتمدد مياه المحيطات نتيجة ارتفاع حرارتها، ما سيساهم أيضاً في ارتفاع مستوى سطح البحر.


4- في غضون ذلك، قد تستجيب بعض المحاصيل الزراعية والنباتات الأخرى بشكلٍ إيجابي لزيادة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، لتنمو بحيويةٍ أكبر وتستخدم الماء بشكل أكثر كفاءة. في الوقت نفسه، قد تؤدي درجات الحرارة المتزايدة وتغير أنماط المناخ إلى تغير المناطق المثالية لنمو المحاصيل وتأثُّر تكوين مجتمعات النباتات الطبيعية.

تأثير الأنشطة البشرية


في تقرير تقييمها الخامس، توصلت اللجنة الدولية المعنية بتغير المناخ، وهي مجموعة مؤلفة من 1300 خبير علمي مستقل من جميع أنحاء العالم تحت رعاية الأمم المتحدة، إلى أنّ هناك احتمال يزيد عن 95 % على أنّ الأنشطة البشرية على مدى السنوات الخمسين الماضية قد زادت درجة حرارة كوكبنا.

رفعت الأنشطة الصناعية التي تقوم عليها حضارتنا الحديثة من مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من 280 جزءٍ في المليون إلى 400 جزءٍ في المليون خلال المائة والخمسين عاماً الماضية. كما توصلت اللجنة أيضاً إلى أنّ هناك احتمال يزيد عن 95 % على أنّ الغازات الدفيئة التي ينتجها الإنسان مثل ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروز قد تسببت في الكثير من الزيادة المرصودة في درجات حرارة الأرض على مدار الخمسين سنةً الماضية.


يمكنك أن تجد هنا ملخصاً وافياً لتقرير اللجنة لصناع القرار السياسي


الإشعاع الشمسي


يقارن الرسم البياني أعلاه التغيرات العالمية في درجة حرارة سطح الأرض (الخط الأحمر) بطاقة الشمس التي تستقبلها الأرض (الخط الأصفر) بوحدة الواط (وحدة قدرة) لكل متر مربع منذ عام 1880. تُظهر الخطوط الفاتحة/الرفيعة المستويات السنوية بينما تُظهر الخطوط الغامقة/السميكة متوسط القيم خلال 11 عاماً. تُستخدَم متوسطات فترة الأحد عشر عاماً لتقليل التشويش في البيانات التي تتغير من عامٍ إلى آخر، مما يجعل التغيرات المهمة أكثر وضوحاً.   اتبعت كمية الطاقة الشمسية التي تتلقاها الأرض دورة الشمس الطبيعية التي تستمر لـ 11 عاماً من ارتفاعات وانخفاضات طفيفة دون زيادة كُليّة منذ الخمسينيات. ولكن خلال نفس الفترة، ارتفعت درجة الحرارة العالمية بشكلٍ ملحوظ. ولذا فمن غير المرجح على الإطلاق أنّ الشمس قد تسببت في نزعة ارتفاع درجات الحرارة العالمية المرصودة خلال نصف القرن الماضي. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech
يقارن الرسم البياني أعلاه التغيرات العالمية في درجة حرارة سطح الأرض (الخط الأحمر) بطاقة الشمس التي تستقبلها الأرض (الخط الأصفر) بوحدة الواط (وحدة قدرة) لكل متر مربع منذ عام 1880. تُظهر الخطوط الفاتحة/الرفيعة المستويات السنوية بينما تُظهر الخطوط الغامقة/السميكة متوسط القيم خلال 11 عاماً. تُستخدَم متوسطات فترة الأحد عشر عاماً لتقليل التشويش في البيانات التي تتغير من عامٍ إلى آخر، مما يجعل التغيرات المهمة أكثر وضوحاً. اتبعت كمية الطاقة الشمسية التي تتلقاها الأرض دورة الشمس الطبيعية التي تستمر لـ 11 عاماً من ارتفاعات وانخفاضات طفيفة دون زيادة كُليّة منذ الخمسينيات. ولكن خلال نفس الفترة، ارتفعت درجة الحرارة العالمية بشكلٍ ملحوظ. ولذا فمن غير المرجح على الإطلاق أنّ الشمس قد تسببت في نزعة ارتفاع درجات الحرارة العالمية المرصودة خلال نصف القرن الماضي. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech


من المنطقي افتراض أنّ التغيرات في حصيلة الطاقة الشمسية ستؤدي إلى تغير المناخ، وذلك لأنّ الشمس هي المصدر الأساسي للطاقة التي تدير نظامنا المناخي على الأرض.

وبالفعل، تُظهر الدراسات أنّ تقلبات الطاقة الشمسية أدت دوراً في التغيرات المناخية السابقة. فعلى سبيل المثال، يُعتقد أنّ انخفاضاً في النشاط الشمسي مقروناً بزيادة في النشاط البركاني ساعدا في بزوغ العصر الجليدي الصغير بين عامي 1650 و1850 تقريباً، عندما بردت جزيرة غرينلاند من عام 1410 إلى عام 1720 وازدادت الأنهار الجليدية في جبال الألب.

لكن هناك العديد من الأدلة التي تبين أنّ الاحتباس الحراري الحالي لا يمكن تفسيره بالتغيرات في الطاقة الصادرة عن الشمس:


1- منذ عام 1750، بقي متوسط كمية الطاقة القادمة من الشمس إما ثابتاً أو زاد قليلاً.


2- إذا كان الاحترار ناتجاً عن زيادة نشاط الشمس، فإنّ العلماء يتوقعون رصد درجات حرارة أعلى في جميع طبقات الغلاف الجوي. وبدلاً من ذلك، فقد رصدوا انخفاضاً في درجة حرارة الطبقة العليا للغلاف الجوي، وارتفاعاً في درجة حرارة السطح والمناطق السفلية من الغلاف الجوي، وذلك لأن الغازات الدفيئة تحبس الحرارة في الطبقة السفلية للغلاف الجوي.


3- لم تتمكن النماذج المناخية التي تشمل تغيرات الإشعاع الشمسي من إعادة إنتاج نزعة الارتفاع في درجة الحرارة المرصودة خلال القرن الماضي أو أكثر دون تضمين ارتفاع نسبة الغازات الدفيئة.


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات