يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
الكشف عن غبار بارد يحيط الثقوب السوداء النشطة

 تُظهر الصورة تصوير الفنان لحلقةٍ سميكةٍ من الغبار، يمكنها حجب العمليات النشطة، التي تحدث بالقرب من الثقب الأسود الهائل للنوى المجرية النشطة، وتشير دراسات مرصد صوفيا إلى أنّ الغبار يقل بنحو 30% عما كان يُعتقد سابقًا. حقوق الصورة:  NASA/SOFIA/Lynette Cook

وجد باحثون في جامعة تكساس سان أنطونيو University of Texas San Antonio، استنادًا إلى الملاحظات التي سجلها مرصد الستراتوسفير للأشعة تحت الحمراء Stratospheric Observatory for Infrared Astronomy، واختصارًا صوفيا SOFIA، التابع لناسا NASA، أنّ الغبار المحيط بالثقوب السوداء النشطة والفعّالة، هو أكثر تعقيدًا مما اعتُقد سابقًا.

معظم المجرات الكبيرة، إن لم تكن جميعها، تحتوي ثقبًا أسودَ هائلًا في مراكزها، ومعظم هذه الثقوب السوداء هادئةٌ وغير نشطةٍ نسبيًا، كالثقب الأسود القابع في مركز مجرة درب التبانة Milky Way galaxy.

ومع ذلك، تستهلك بعض الثقوب السوداء الهائلة كمياتٍ كبيرةً من المواد، نتيجةً لعملية سحب الثقوب لهذه المواد إليها، ما يؤدي إلى انبعاث كمياتٍ هائلةٍ من الطاقة، وتُسمّى الثقوب السوداء النشطة بـ"النوى المجرية النشطة Active Galactic Nuclei".

اقترحت الدراسات السابقة أن لدى جميع النوى المجرية النشطة البنية ذاتها، كما تُشير النماذج إلى أنّ النوى المجرية النشطة لديها بُنية غبارٍ شبيهةٍ بكعكة الدونات، تُدعى "النتوء المستدير" Torus، تحيط بالثقب الأسود الهائل، وباستخدام أداةٍ تُسمّى كاميرا تصوير الأشعة تحت الحمراء الخاصة بالمواد الخافتة "The Faint Object Infrared Camera"، التابعة لمرصد صوفيا، اختصارًا تُدعى بـ "FORCAST"، لاحظ الفريق وجود انبعاثاتٍ للأشعة تحت الحمراء حول أحد عشر ثقبًا أسوداً هائلًا في النوى المجرية النشطة، الواقعة على مسافةٍ تصل إلى مئة مليون سنةٍ ضوئيةٍ وأكثر، كما استطاع الفريق تحديد حجمها، ودرجة تعتيمها، ومقدار توزع الغبار حول كلّ نتوءٍ.

كما أفاد الفريق في ورقةٍ نُشرت في إحدى المنشورات الشهرية التابعة للجمعية الفلكية الملكية Monthly Notices of the Royal Astronomical Society، أنّ النتوء المستدير يُعدّ أصغر بنسبةٍ تُقدر بـ 30% مما كان متوقعًا، وأنّ ذروة انبعاث الأشعة تحت الحمراء هي في أطوالٍ موجيةٍ أطول من التقديرات السابقة، لذا أصبحت النتيجة أنّ الغبار يحجب مركز الثقب الأسود بصورةٍ أكثر تعقيدًا مما اعتُقد سابقًا.

بالإضافة إلى ذلك، أشار الباحثون إلى أنّ النوى المجرية النشطة تطلق معظم طاقاتها في أطوالٍ موجية لا يمكن ملاحظتها من على الأرض، لأنّ بخار الماء المتواجد في الغلاف الجوي يمتص الطاقة، لذا يحلّق مرصد صوفيا على مسافةٍ تزيد عن 99% من الغلاف الجوي المحتوي على بخار الماء (تطير طائرة صوفيا فوق طبقة تروبوسفير الجوية التي تمتص الأشعة تحت الحمراء، وتمنع الساكن على الأرض من رؤيتها -المترجم-)، ما يمنح فريق البحث القدرة على توصيف خصائص هياكل الغبار ذات الشكل الحلقي، في الأطوال الموجية للأشعة تحت الحمراء البعيدة.

وتوضح ليندسي فولر Lindsay Fuller، طالبة الدراسات العليا في جامعة تكساس سان أنطونيو، والباحثة الرئيسة للورقة المنشورة بقولها: "تمكنا من الحصول على ملاحظاتٍ فلكيةٍ أكثر تفصيلًا من أيّ وقتٍ مضى في هذه الأطوال الموجية، ما سمح لنا بإجراء مزيدٍ من الاكتشافات في مجال توصيف نتوءات أغبرة النوى المجرية النشطة".

وتبقى الملاحظات المستقبلية ضروريةً لتحديد ما إذا كانت الانبعاثات المُلاحظة تنشأ بوجود النتوء فقط، أو أنّ هناك عنصرًا إضافيًا يُضاف إلى إجمالي انبعاثات النوى المجرية النشطة.

ويبين إنريك لوبيز ردودريجيز Enrique Lopez Rodriguez، الباحث الرئيس في هذا المشروع، وعالم في مركز صوفيا للعلوم التابع لرابطة الجامعات لأبحاث الفضاء Universities Space Research Association، بقوله: "هدفنا التالي هو استخدام مرصد صوفيا لمراقبة عيناتٍ كبيرةٍ من النوى المجرية النشطة على أطوالٍ موجيةٍ طويلةٍ، ما سيمنحنا القدرة على فرض قيودٍ مشددةٍ على البنية المادية للبيئة الغبارية المحيطة بالنوى المجرية النشطة".

وصوفيا هي طائرة بوينج SP747، عُدّلت لحمل تلسكوب يبلغ قطره 100 بوصة، كما تُعدّ مشروعًا مشتركًا بين وكالة ناسا الفضائية والمركز الألماني للطيران والفضاء German Aerospace Center، اختصارًا DLR.

ويدير مركز أميس للأبحاث Ames Research Center التابع لناسا في وادي السليكون Silicon Valley في كاليفورنيا برنامج صوفيا وعمليات البعثة العلمية بالتعاون مع رابطة الجامعات لأبحاث الفضاء، ومقرها كولومبيا، في ولاية ميريلاند، بالإضافة إلى معهد صوفيا الألماني German SOFIA Institute، اختصارًا DSI، في جامعة شتوتغارت University of Stuttgart.

ومقر الطائرة حظيرة 703 بمركز أرمسترونغ لأبحاث الطيران التابع لوكالة ناسا Armstrong Flight Research Center's Hangar 703، في بامديل، كاليفورنيا.
 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المجال تحت الأحمر (Infrared): هو الإشعاع الكهرومغناطيسي ذو الطول الموجي الأكبر من النهاية الحمراء للضوء المرئي، والأصغر من الأشعة الميكروية (يتراوح بين 1 و 100 ميكرون تقريباً). لا يمكن لمعظم المجال تحت الأحمر من الطيف الكهرومغناطيسي أن يصل إلى سطح الأرض، مع إمكانية رصد كمية صغيرة من هذه الأشعة بالاعتماد على الطَّائرات التي تُحلق عند ارتفاعات عالية جداً (مثل مرصد كايبر)، أو التلسكوبات الموجودة في قمم الجبال الشاهقة (مثل قمة ماونا كيا في هاواي). المصدر: ناسا
  • المجرة (galaxy): عبارة عن أحد مكونات كوننا. تتكون المجرة من الغاز وعدد كبير (في العادة، أكثر من مليون) من النجوم التي ترتبط مع بعضها البعض، بوساطة قوة الجاذبية. و عندما تبدأ الكلمة بحرف كبير، تُشير Galaxy إلى مجرتنا درب التبانة. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات