رصد كوازار أثناء انطفائه

التصنيف في الموقع: الكونتحتوي معظم المجرات الكبيرة على ثقب أسود مركزي هائل الحجم؛ وبعضها، مثل الموجود في مركز مجرة درب التبانة، عبارة عن وحوش نائمة، أما الأخرى المعروفة بـ (الكوازارات) أو أشباه النجوم فهي تتفوق على سطوع المجرات الحاضنة لها عندما تقوم بابتلاع الغاز.


على الثقوب السوداء أن تنتقل من حالة النشاط إلى حالة السُّبات، وتحدث كل هذه التغيرات على فترات زمنية فلكية تبدو أمامها فترة حياة الإنسان قزمة؛ لذلك عندما وجدت تيفاني لاماسا (Stephanie LaMassa) نوعان مختلفان جذرياً من الأطياف لجسمٍ واحد، كانت مُندهِشة جداً، علما أن الزمن الفاصل بين أخذ الطيفين يصل إلى 10 سنوات فقط، .


ينتج معظم الضوء المرئي الصادر عن الكوازارات عن قرص التَراكُم الساخن الذي يُغذي الثقب الأسود، إذ يقوم القرص بتسخين وتأيين سحب الغازات التي تدور، مما يجعلها تُساهِم في الطيف المرئي على شكل خطوط إصدارية. 

قد يختلف سطوع هذه الإصدارات الحادة، ذات الأطوال الموجية المحددة، ولكنها لا تُغير الشكل العام. فبعض هذه الخطوط يكون عريضاً، وتنشر إصداراتها على مدى واسع من الأطوال الموجية، بينما تكون خطوط أخرى رفيعة.


في عام 2000، تم قياس الطيف الأول خلال مسح (Sloan) الرقمي للسماء، وكان يُمثل كوازار كلاسيكي، لونه أزرق، مع خطوط إصدار عريضة. لكن الطيف الثاني، الذي رُصِد عام 2010 كجزء من مسح (BOSS) للسماء، لم يُظهر خطوط الإصدار نفسها؛ إذ اختفت مُركبَّة واسعة من أحد الخطوط الإصدارية المعروف باسم (H-beta)، وأصبحت خطوط أخرى، تُعرف باسم (H-alpha)، مرئية بشكلٍ ضعيف.


بغض النظر عن الخطوط الطيفية، فإن سطوع الجسم قد إنخفض إلى عُشر سطوعه السابق، وبعد تحديده على أنه كوازار، بدا الجسم يُشبه المجرة تقريباً، وأصبح السؤال المهم الآن: ما هو سبب هذا التغيير الجذري والفوري؟


حمية غذائية أم سحابة غبار؟

ظاهرياً، تنص أبسط الاحتمالات على قيام سحابة من الغبار بحجي الرؤية، مما أدى إلى تعتيم قرص الكوازار وسحب الغاز التي تدور حوله. لكن لحدوث هذا الأمر يجب حجب خطوط النظر المتعددة، أي خط النظر نحو الكوازار وخط نظر سحب الغاز تجاه قرص التراكم.


يقول غوردن ريتشارد (Gordon Richards) من جامعة دريكسيل: "هذا التشكيل مماثل للنظام الشمسي؛ فحتى بعد غروب الشمس عن جهة من سطح الأرض، إلا أنها ماتزال تُضيء القمر والكواكب الأخرى جراء اختلافهم في خط النظر نحو الشمس؛ وبالتالي، حسب هذا التشبيه، يجب أن يكون هناك شيء ما يقوم بحجب خط النظر لكل من الأرض والأجسام الأخرى".


قامت لاماسا وزملاؤها بإعداد نموذج يُحاكي كيفية قيام سحابة بحجب طيف الكوازار، ووجدوا أنه لايمكن لأي سحابة من الغبار أن تُعيد إنتاج نفس المراقبات الأصلية. ولتفادي سيناريوهات معقدة للغاية؛ فضّل فريق البحث تفسير الظاهرة بأن الكوازار قد أنطفأ تماماً، لكنهم مايزالون في حيرة بسبب عدم معرفة كيفية حدوث هذا التغيير الجذري خلال عشر سنوات أو أقل. 


عند الحديث بالمقاييس الفلكية، فإن هذه المدة تعادل رمشة العين. تمتد معظم أقراص التراكم على مسافات تتعدى مدار أورانوس وتُشع ضوء أكثر بـ 10 لـ 1000 مرة من المجرات الحاضنة لها؛ ولذلك يبدو إنطفاء واحدة منها ضمن هذا الإطار الزمني القصير أمراً مستحيلاً فيزيائياً. وتقول لاماسا: "أنا لست متأكدة من المستوى الذي يجب أن نتوقع موت هذا النشاط عنده: هل سينتهي بإحداث ضجة أم بأنين منخفض".


يبدو أن هذا الجسم قد أثار أسئلة أكثر مما يمكن الإجابة عليها، ويقول بول مارتيني (Paul Martini)، خبير الـ AGN من جامعة ولاية أوهايو: " إنها فرصة كبيرة لدراسة كيفية انتهاء قرص تراكم ثقب أسود  فائق الكتلة، كما أنها وسيلة رائعة لمعرفة ما قد تبدو عليه مجرة مضيفة بعد انتهاء مرحلة الكوازار". 


إذا عاد الكوازار للعمل، سيظهر العديد من الاحتمالات، فعلماء الفلك يعتقدون أن كل المجرات تمر خلال فترة نشطة، ويقول ريتشارد: "السؤال هو: هل هي عملية مستمرة، وهل تُشبه مفتاح التحكم بشدة الإضاءة، حيث تزداد شدة الإضاءة وتنخفض مع الوقت، لكنها في الواقع لا تنطفئ أبداً، أم أنها مشابهة لمفتاح الإضاءة العادي."


رصدت لاماسا هذا الجسم في مرصد بالومر بعد أسبوع واحد فقط من اكتشافه الأولي، وكانت مراقباتها في عام 2014 تشبه إلى حد كبير الطيف الذي تم رصده في عام 2010. المزيد من المراقبات والوقت هما فقط  من سيخبرنا فيما إذا كان هذا الجسم سيستمر بالتلاشي بهدوء أم سيعود إلى حالته الأولية.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات