الألسنة الفضائية

عادةً ما يتجنب رواد الفضاء إشعال النار؛ لكن يمكن لبحث جديد يدرس سلوك ألسنة اللهب في مدار فضائي أن يكون ذو فوائد كبيرة إذا ما طُبق على الأرض. فهذا البحث قد يقود لصنع محركات سيارات أكثر فعالية وتساهم في تخفيض التلوث البيئي وذلك بحسب دراسة جديدة.

 

أُجريت سلسلة من التجارب في الفضاء لاختبار الألسنة المشتعلة الباردة؛ وهي نوع من النار يشتعل عند درجات حرارة أقل من الدرجة العادية على الأرض. 

 

فوق الأرض، يتكون اللهب في العادة بين درجتي حرارة 2240 و 3140 فهرنهايت، ما يعادل 1225 و1725 سيليسيوس، ولكن يُمكن أن تنتج ألسنة احتراق أكثر برودة في ظروف الجاذبية الميكروية وعند درجات حرارة ما بين 440 الى 980 فهرنهايت، أي ما يعادل 227 الى 527 سيليسيوس.

 

خلال التجارب التي تمت في محطة الفضاء، تمكن الباحثون، وعلى الرغم من أن النار تدوم لفترات صغيرة في الجاذبية الميكروية، من إشعال قطرات من وقود الهيبتان؛ وهذا النوع من الاشتعال قابل للحدوث على الأرض لكنه لا يصمد طويلا ويتلاشى مباشرةً تقريباً.

 

يقول فورمان وليامز (Forman Williams)، وهو باحث مشارك ومهندس ميكانيكي مختص بالأرض والفضاء في جامعة كاليفورنيا في سان دييجو، في تصريح له "الأشياء التي تحدث هناك لا يمكن أن تحدث هنا. لقد رصدنا وجود شيء ظننا سابقاً أنه غير موجود".

 

حصلت التجارب بشكل مُنعزل داخل مُنشأة راك للاشتعال الكامل والتي أُحدثت في وحدة القياس ديستني في محطة الفضاء عام 2008.

 

قام الباحثون بإشعال قطرات من وقود الهيبتان واكتشفوا عبر الحساسات أن القطرات استمرت في الاشتعال حتى بعدما ظهرت متلاشية بالنسبة للعين المجردة؛ ويعتقد العلماء أن هذه القطرات يمكن أن تستمر بالاشتعال بسبب الفروقات الأساسية بين الارض والفضاء بما يخص شكل الشعلة (قابلية الطفو)؛ فعدم وجود جاذبية في الفضاء، مشابهة لتلك الموجودة على الأرض، يجعل من الغازات الموجودة حول القطرات تتباطأ في اشتعالها سامحة بذلك بحصول تفاعلات كيميائية أولية؛ وبحسب العلماء فأن قابلية الطفو على الارض تُسبب تبدد الغازات بسرعة كبيرة خلال حدوث العملية.

 

ووجد العلماء أن مادة الهيبتان تحترق بأشكال مختلفة ضمن البيئات المختلفة -كالهواء المشابه للغلاف الجوي الأرضي والأغلفة الاخرى ذات مزيج من النيتروجين وثنائي اكسيد الكربون والهيليوم؛ وينتج عن هذا الاحتراق مواد سامة كأحادي اكسيد الكربون والفورمالديهايد والتي تتلاشى بدورها.

 

وقال الباحثون أنه لو نجحت هذه الشعلة الكيمائية على الأرض، فإنه سيكون بالإمكان استخدامها لتحسين عملية الاحتراق الداخلي لمحركات السيارات؛ وسيقلل احتراق الوقد عند درجات حرارة أصغر من إصدار المواد الملوثة والضارة، بما في ذلك ثنائي أكسيد النيتروجين وأكسيد النيتريك والسخام.

 

وأضافوا أن جعل الاحتراق المستمر لهذه النار أمرا ناجحا على الارض سيشكل التحدي القادم، ومن أجل البدء بهذا المشروع، يخطط العلماء لدراسة الألسنة الناتجة عن مكونات مختلفة من الوقود في محطة الفضاء الدولية ابتداءً من الشتاء القادم. 

 

نُشرت النتائج في حزيران في مجلة علوم الجاذبية الضعيفة والتكنولوجيا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات