حصل علماء من معهد الفيزياء الفلكية في جزر الكناري (IAC)، بالتعاون مع علماء آخرين من مركز البيولوجيا الفضائية (CAB)، وجامعة البوليتكنيك في كارتاخينا (UPCT)، على صورةٍ لكوكب عملاق تفوق كتلته كتلة المشتري بإحدى عشرة مرة، ويدور حول نجم قزم أحمر يبعد عنا 40 سنةً ضوئية، ونُشرت هذه النتائج في مجلة الفيزياء الفلكية.
أصبح العديد من الكواكب خارج نظامنا الشمسي معروف في الوقت الحالي، وقد اكتُشِف معظمها بطرق غير مباشرة، مثل دراسة التغيرات في السرعة القطرية للنجوم القريبة منها، أو عن طريق عبور الكوكب من أمام النجم. والعديد من هذه الكواكب هي كواكب غازية عملاقة تدور حول نجوم بعيدة نسبياً عن الشمس، الأمر الذي يزيد من صعوبة اكتشافها، إلا أن علماء الفلك تمكنوا من الحصول على عدد قليل جداً من الصور المباشرة لهذه الكواكب الخارجية.
على أية حال، فقد تحقق ذلك بالنسبة للكوكب المسمّى (VHS 1256b)، وهو آخر كوكب خارجي معروف، على ما يبدو من خلال الصور والأشعة الطيفية الأقرب إلى الشمس. يدور هذا الكوكب حول نجم قزم أحمر يبعد مسافةً تزيد 100 مرة عن المسافة بين الأرض والشمس، ونحو 20 مرة ضعف بُعد المشتري عن الشمس، وهو نظام شاب يتراوح عمره بين 150 و300 مليون سنة، أي أنه أصغر من نظامنا الشمسي بنحو 15 إلى 30 مرة، وهذا الكوكب يشبه كوكب المشتري كما كان قبل 4200 مليون سنة.
القُرب النسبي للنظام يجعل من هذا الكوكب الخارجي أحد ألمع الكواكب الخارجية المُكتشفة إلى الآن، ونظراً لبعده الكبير عن نجمه المصاحب (VHS 1256)، فمن الممكن مراقبته ودراسته بدقة أكبر.
يقول بارتوس غازا (Bartosz Gauza)، وهو باحث درس الدكتوراة في الأكاديمية الدولية (IAC)، والمؤلف الأول للورقة البحثية: "إنه كوكب غازي عملاق، لا يزال غلافه الجوي حاراً نسبياً، حيث تُقدر حرارته بحوالي 1200 درجة مئوية، وهو لا يزال مضيئاً بشكلٍ كافٍ بالنسبة لنا حتى نتمكن من رصده بواسطة تلسكوب فيستا (VISTA) التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي (ESO)".
VHS 1256b أحمر اللون عند رصده بواسطة الأشعة تحت الحمراء القريبة، فهو يُشع معظم ضوئه، ويبدو لغلافه الجوي معالم مميزة، ما قد يؤهله ليكون مرجعاً لأحد الدراسات المستقبلية.
هذا وقد علّق فكتور سانشيز بيجار Victor Sánchez Béjar، الباحث في الأكاديمية الدولية، والمؤلف المشارك في المقال، قائلاً: "لقد عثرنا في غلافه الجوي على آثار لبخار الماء ولفلزات قلوية، وهو أمر مألوف في هذا النوع من الكواكب، إلا أنه لا وجود للميثان الذي يُتوقع وجوده ضمن درجات الحرارة هذه. ونظراً لحداثته وقربه، فقد أصبحنا قادرين وللمرة الأولى على الحصول على تفاصيل أكبر للطيف المرئي لكوكب خارجي، فقد استخدمنا تلسكوباً ذو فتحة قطرها كبير وهو تلسكوب غران (Gran) في جزر الكناري، بالإضافة إلى معدات نظام التصوير عن بُعد باستخدام المعدات البصرية والطيفية وتحت الحمراء (OSIRIS instrument)".
عُثِرَ على الكوكب عن طريق الربط بين قاعدتي بيانات كبيرتين: وهي فهرس المسح الشامل للسماء بدقة 2 ميكرون (2MASS) والتي تغطي كل السماء باستخدام الأشعة تحت الحمراء، وفهرس (VHS) التي تغطي السماء الجنوبية بشكلٍ كامل، وكذلك باستخدام الأشعة تحت الحمراء التي تُستخدم حالياً في تلسكوب فيستا في المرصد الأوروبي الجنوبي.
يقول أنطونيو بيريز غاريدو Antonio Pérez-Garrido، الباحث في جامعة البوليتكنيك في كارتاخينا، والذي شارك في المقال: "لقد كانت هذه الدراسة ممكنة بفضل التقنيات والبرامج التي طورناها في فريقنا، والتي مكنتنا من رصد المصادر المتحركة في السماء من بين عشرات الملايين منها، ومن ثم اختيار تلك التي تمتلك نجوماً مصاحبة، وهي في هذه الحالة عبارة عن كوكب يدور حول قزم أحمر ضمن حركة مشتركة منضبطة".
كما أشارت ماريا روزا ساباتيرو أوسيريو María Rosa Zapatero Osorio، الباحثة في مركز الأحياء الفلكي (CAB)، والمؤلفة المشاركة في الدراسة، إلى أن: "مكنتنا دراسة القزم الأحمر، وهو نجم يقع على الحد الفاصل من حيث الكتلة بين النجوم ذات الكتلة المنخفضة والأقزام البُنية، من تحديد بُعد وعمر النظام بدقة كبيرة، والكوكب VHS 1256b هو واحد من الكواكب الخارجية القليلة معروفة المعايير".
ونظراً للمعانه وبعده عن نجمه، يمكن رصد الكوكب VHS 1256b عبر نطاق طيفي كامل، ابتداءً بالموجات المليمترية، والراديوية، وحتى الأشعة السينية، وفوق البنفسجية ومروراً بالأشعة تحت الحمراء، التي بإمكانها الكشف عن ظواهر مستحيلة، أو صعبة القياس بالنسبة للأنظمة الكوكبية الأخرى، وذلك يتضمن تصادم المذنبات، أو اكتشاف أقمارٍ مماثلةٍ لحجم الأرض.