سديم شبحي هو أبرد جسم معروف في الكون

يسطع سديمٌ شبحيٌ على بعد حوالي 5000 سنة ضوئية من الأرض، وهو أيضاً أبردُ جسمٍ معروفٍ في الكون. يُعاني النجم الميت الذي أنشأ سديم Boomerang فقداناً في الغاز الموجود في درعه، ما أدى إلى إنتاج جسمٍ كونيٍ غريبِ الشكل قام الفلكيون باكتشافه. يبرد الغاز مع جريانه بعيداً عن القزم الأبيض الموجود في عملية مشابهة لما يجري في الثلاجات التي تبقى باردةً جراءَ استخدام الغاز المتمدد.


وقد قام الباحثون بقياس درجة حرارة السديم باستخدام الصفيفة التلسكوبية الميليمترية/دون المليمترية آتاكاما (ALMA) واكتشفوا أن درجة حرارته هي 458 درجة فهرنهايت دون الصفر (-272 درجة سيلسيوس)، وهي درجة حرارةٍ أبرد من البقايا الباردة الناجمة عن الانفجار العظيم والتي انتشرت في الكون –الظاهرة التي نعرفها باسم الخلفية الكونية الميكروية.


صَرّح راغافندرا ساهي (Raghvendra Sahai) من مختبر الدفع النفاث في باسادينا وهو العالم الرئيسي الذي قاد البحث: "هذا الجسم فائق البرودة شاذٌ جداً، ونحن نتعلم الكثير حول طبيعته الحقيقية باستخدام ALMA، ما كان يبدو كفصٍ مضاعف أو (بومرانج) عند النظر إليه بالتلسكوبات الأرضية، هو في الواقع عبارة عن بنية أكثر اتساعاً وتقوم بالتمدد بسرعة في الفضاء''.
 

يُعتبر سديم بومرانج سديماً كوكبياً شاباً، أو جسماً تشكل عندما قام نجم ميت –نجم كان مشابهاً للشمس– بسكب طبقاته الخارجية تاركاً وراؤه سحابةً من الغاز. يحترق هذا النوع من النجوم بشكلٍ مشابهٍ للشمس على مدى مليارات السنين قبل أن ينمو ليُصبح عملاقاً أحمر وينفد وقوده، ليُقوم بعدها بالتلاشي إلى قزم أبيض.


وفي المراحل المتأخرة من تطور السديم الكوكبي، يُرسل القزم الأبيض الموجود في الوسط أشعةً فوق بنفسجية تجعل الغاز يتوهج منتجاً ألواناً لامعةً داخله، لكن وفقاً للباحثين فإنَّ سديم بومرانج ليس في هذه المرحلة، إنه مرئي الآن لأن ضوء النجم ينعكس على حبيبات الغبار. ووفقاً للباحثين، فعند فحصه للمرة الأولى -بالاعتماد على تلسكوبات أرضية- بدا السديم مشوهاً قليلاً. وفي العام 2003، كشف تلسكوب هابل الفضائي ان السديم يبدو مشابهاً قليلاً لربطة العنق أو الساعة الرملية عند النظر إليه بالاعتماد على الأطوال الموجية المرئية، لكنّ مراقباتٍ لاحقةً كشفت عن وجود لغز!


من الشائع أن تمتلك السدم الكوكبية شكلاً مشابهاً لربطة العنق، لكن هذا يحصل في العادة عندما تُقذف الغازات بسرعات عالية جداً انطلاقاً من النجم، وتقوم تدفقات المواد بصنع ثقوب في سحابة الغاز المحيطة التي نتجت عندما كان النجم قزماً أحمراً، ويجب أن يكون الباحثون قادرون على رؤية ربطة العنق هذه عند استخدام الأطوال الموجية الملونة أيضاً، لكن المراقبات القادمة من التلسكوبات دون الميليمترية أظهرت شكلاً مختلفاً. وتمكن ALMA، الذي يمتلك أعلى دقةٍ موجودةٍ في مجال الأطوال الموجية دون الميليمترية، من حل اللغز.


كانت جزيئات أحادي أكسيد الكربون –اللامعة جداً عند هذا الطول الموجي للضوء –موجودة في الشكل المشابه للساعة الرملية وتحديداً في الأجزاء الداخلية من السديم. إلى الخارج، وُجدت الجزيئات داخل شكل أكثر كروية، وفي الوقت نفسه، قامت حبيبات الغبار المحيطة بالنجم –المرئية أيضاً عند الأطوال الموجية الميليمترية –بإخفاء بعض الضوء النجمي عند الأطوال البصرية، ما أعطى للسديم شكل الساعة الرملية. يقول ساهي: "هذا الأمر مهمٌ من أجل فهم كيفية موت النجوم وكيف تُصبح سدماً كوكبية. باستخدام ALMA، كنا قادرين تماماً وبشكلٍ تصويري على تسليط ضوءٍ جديدٍ على مخاض موت النجوم المشابهة للشمس''.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات