الضغوطات النفسية تؤثر على الجنسين بطرق مختلفة

كيف يؤثر الإجهاد -والذي يجعلنا نصرف موارد أجسامنا عن الوظائف غير الهامة- على التبادل الأساسي للمواد التي تحتاجها أجسامنا في حياتنا اليومية؟ تقصّى باحثو معهد وايزمان للعلوم Weizmann Institute of Science، هذا السؤال بالبحث في مستقبِل receptor في أدمغة الفئران، وتوصلوا إلى جوابٍ مدهش. 

قد تساعد النتائج التي ظهرت مؤخراً في المجلة الدورية Cell Metabolism، على تطوير أدويةٍ أفضل مستقبلاً لمعالجة المشاكل المتعلقة بالإجهاد واضطرابات الأكل.

بدأت الدكتورة يَعِل كوبرمان Yael Kuperman بهذه الدراسة كجزء من بحثها الطبي في مختبر البرفسور ألون جين Alon Chen لقسم البيولوجيا العصبية، وركز كل من الدكتورة كوبرمان -وهي حالياً عالمة في قسم موارد الدراسة البيطرية- والبرفسور جين وطالبة البحوثات ميرا وايس Meira Weiss، على منطقةٍ في الدماغ تسمى الوطاء (أو تحت المهاد) hypothalamus، وتختص هذه المنطقة بأشياء عديدة كمساعدة الجسم على التأقلم مع حالات الإجهاد وضبط الجوع والشبع، وتنظيم غلوكوز الدم وإنتاج الطاقة.

تزيد خلايا الوطاء إنتاج مُستٓقبِل يسمى CRFR1 عند حدوث الإجهاد، وكان معروفاً أن هذا المستقبل يساهم في تنشيطٍ سريعٍ لردة فعل الإجهاد التابعة لشبكة الأعصاب الودية، كزيادة دقات القلب على سبيل المثال. ولكن بما أن هذه المنطقة من الدماغ تنظم تبادل المواد في أجسامنا أيضاً، اعتقد فريق البحث أن مُستٓقبِل CRFR1 قد يلعب دوراً في هذا الشيء أيضاً.

استطاع البرفسور جين وفريقه تمييز الخلايا في منطقةٍ معينةٍ من الوطاء، ووجدوا أن هذا المستقبل يظهر في حوالي نصف الخلايا التي تثير الشهية وتكبح استهلاك الطاقة، حيث تشكل هذه الخلايا واحداً من تجمّعين رئيسين للخلايا في الوطاء، أما الجزء الثاني فيعمل على تعزيز التخمة وحرق الطاقة. 
قالت الدكتورة كوبرمان: "كان هذا مفاجئاً لأننا توقعنا ظهور المستقبل في الخلايا التي تكبح الجوع".

ولكي يكملوا البحث، أزال الباحثون مستقبل CRFR1 فقط من خلايا الفئران التي أثارت الشهية في الوطاء، ثم راقبوا تأثير ذلك على وظائف جسم الحيوان. 

لم ير الفريق أي تغييراتٍ ملحوظةٍ في بادئ الأمر، مؤكدين أن هذا المستقبل خاص في حالات الإجهاد، ولكن عندما عرّض الفئران للإجهاد -البرد أو الجوع- وجدوا مفاجأةً أخرى.

عندما تعرضت الفئران للبرد، قام الجهاز العصبي الودي بتنشيط نوعٍ فريدٍ من الشحوم، يدعى بالشحوم البنية brown fat، والتي تُنتِج الحرارة لتحافظ على درجة حرارة الجسم الداخلية. وعندما أزيل المستقبل، انخفضت درجات الحرارة بشكلٍ كبير -ولكن عند الإناث فقط- ولم تستقر حرارتها حتى بعد إزالة الإجهاد، علمًا أن الذكور من الفئران أظهرت بالكاد تغيراتٍ طفيفةً فقط.

أظهر الصوم ردة فعلٍ شديدةً ومشابهةً في إناث الفئران، فعادةً يبعث الدماغ رسالةً إلى الكبد لينتج الغلوكوز عندما يكون الطعام قليلاً، محتفظاً بكميةٍ قليلةٍ منه في الدم، ولكن عندما منعت إناث الفئران الخالية من مستقبل CRFR1 من الطعام، انخفضت كمية الغلوكوز التي ينتجها الكبد بصورةٍ ملحوظة.

أما في ذكور الفئران الجائعة الخالية من مستقبل CRFR1، كانت التتيجة شبيهةً لنتيجة تأثيرات التعرض للبرد، وبالكاد تأثر تبادل المواد في أجسامهم.

قالت الدكتورة كوبرمان:" لقد اكتشفنا أن لهذا المستقبل تأثيراً مثبطاً على الخلايا، وهذا ما يثير الجهاز العصبي الودي".

تظهر النتائج من بين ما تظهر، أنه قد تتعرض أجسام الذكور والإناث لاختلافاتٍ واضحةٍ في طريقة تبادل المواد تحت الإجهاد، كاشفةً كيف يعمل هذا المستقبل وكيف يساهم في ردة فعل الإجهاد. 

وبالفعل، فإن حقيقة تثبيط المستقبل للجوع في الإناث، قد يساعدنا على فهم سبب إصابة النساء باضطرابات الأكل أكثر من الرجال.

قد تكون النتائج مفيدةً لتطوير علاجاتٍ لتنظيم استجابات الجسم للجوع أو الإجهاد، والتي تتضمن اضطراب القلق والاكتئاب، وذلك لسهولة دخول الأدوية الى الوطاء. 

وبالفعل بدأت بعض شركات الأدوية للتو، بتطوير دواء نفسي لحجب مستقبل CRFR1، ولكن يحذر العلماء من تأثيراتٍ جانبيةٍ يسببها حجب المستقبل، كزيادة الوزن، وذلك لأن الخلايا تساهم في تبادل المواد التي يحتاجها الجسم.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات