تُوضح هذه الصورة منطقة العمود الجنوبي من منطقة التشكل النجمي المعروفة بـ "سديم عارضة السفينة كارينا" (Carina Nebula). وبشكلٍ مشابه لعملية تقطيع بطيخة والبحث عن بذورها، وُجه تلسكوب عامل في مجال الأشعة تحت الحمراء، للكشف عن الأجنة النجمية المختبأة داخل أعمدة غبارية سميكة ومشابهة للإصبع.
قدمت دراسة جديدة، نُشرت في مجلة الطبيعة Nature واحداً من أكثر النماذج اكتمالاً عن المادة في الكون، وتنبأت بمئات من عمليات الاندماج الضخمة للثقوب السوداء (black holes) كل عام، والتي يمكن رصدها باستخدام الجيل الثاني من أجهزة الكشف عن الموجات الثقالية (gravitational wave).
وقد رُصد النموذج المتوقع للثقوب السوداء فائقة الكتلة بواسطة مرصد التداخل الليزري للأمواج الثقالية (Laser Interferometer Gravitational-wave Observatory). وقد خلقت الكتلتان المتصادمتان أول الأمواج الثقالية التي رُصدت، مؤكدة بذلك النظرية النسبية العامة لأينشتاين.
وقال ريتشارد أوشانيسي Richard o' Shaughnessy الأستاذ المساعد في كلية العلوم الرياضية بجامعة روتشستر للتكنولوجيا، والمؤلف المشارك للدراسة، التي قادها كرزيستوف بيلسنكي Krzysztof Belcz، والتي انطلقت من جامعة وارسو: "إن الكون ليس متشابهاً في كل مكان، وبعض الأماكن تنتج الثقوب السوداء الثنائية أكثر من غيرها، ودراستنا تأخذ في اعتبارها هذه الاختلافات".
وقال أوشانيسي: "النجوم الضخمة التي تنهار وتنتهي حياتها كثقوب سوداء، مثل الزوج الذي اكتشفه مرصد LIGO، نادرة جداً. والنجوم الأقل تطوراً، والأكثر بدائية هي التي تحدث في تكوينات خاصة من الكون. وقد تكونت هذه النجوم في بدايات تشكل الكون من الهيدروجين الأصلي، الذي جعلها نجوماً عملاقة بين النجوم، حيث تراوحت كتلتها ما بين 40-100 كتلة شمسية. في المقابل، استهلكت الأجيال الشابة من النجوم بقايا أسلافها، التي تحتوي على العناصر الثقيلة التي توقف نموها.
وقال أوشانيسي: "مرصد LIGO حساس جداً لهذه الثقوب السوداء فائقة الكتلة، وهذه المناطق للغاز الأصلي تجعل الثقوب السوداء الضخمة في غاية الأهمية، حيث أن هذه المناطق مثل مصانع لبناء أزواج محددة من الثقوب السوداء.
وقد تنبأ أوشانيسي وزملاؤه بأن مثل هذه الثقوب السوداء فائقة الكتلة تدور بطريقة مستقرة مع المدارات التي تبقى في نفس المستوى، ويظهر من خلال النموذج أن توافق هذه الثقوب السوداء الهائلة يجعلها منيعة للركلة الصغيرة التي يتبعها انهيار النجوم الأساسية، ومن الممكن أن تغير الركلة نفسها توافق الثقوب السوداء الصغيرة واهتزاز مستوى مدارها .
وذكر أوشانيسي أن الحسابات التي أُعلن عنها في مجلة Nature، هي الحسابات الأكثر تفصيلاً من نوعها التي أجريت حتى الآن. ويشبه هذا النموذج مختبراً لتقييم الآفاق المستقبلية لعلم فلك الموجات الثقالية. ويستخدم الآن علماء آخرون متخصصون في علم فلك الموجات الثقالية ذلك النموذج في الأرصاد الخاصة بهم .
وقال أوشانيسي: "رأينا للتو أنه باستطاعتنا تعلم الكثير عن نظرية أينشتاين والنجوم فائقة الكتلة من هذا الحدث"، وأضاف : "لن يرصد LIGO ألفاً من هذه الثقوب السوداء كل عام، ولكن كثيراً منها سوف يكون أفضل وأكثر إنارمع لتواجد معدات أفضل، وتقنيات أحدث، ذات عدسات أفضل للرؤية".
أوشانيسي هو عضو في مركز جامعة روتشستر للتكنولوجيا الحاسوبية RIT لدراسة الجاذبية والنسبية باستخدام الحاسوب، حيث يتعاون مع كارلوس لوستو Carlos Lousto أستاذ في جامعة RIT في العلوم الرياضية، وعضو في جمعية LIGO التعاونية العلمية.
وقد ذكر لوستو: "نشعر كما لو كنا والدين لإبنة جميلة تُسمى علم فلك الموجات الثقالية، ولدت منذ بضعة أشهر، ونراها تكبر بروعة أمامنا يوما بعد يوم".