أقوى 8 حواسيب خارقة في العالم

الحوسبة التنافسية


تختلف تجربة استخدام الحاسوب الآن كليًّا عمّا كانت عليه قبل عدّة عقودٍ. تتضاعف سرعة أنظمة الحاسوب تقريبًا كلّ سنةٍ، إذ إن الترانزستورات التي كان يبلغ حجمها حجم الممحاة الصغيرة المثبّتة على قلم الرصاص أصبحت صغيرةً لدرجةٍ إمكانية وضع المليارات منها على رأس الأصبع. تنفّذ وحدة المعالجة المركزية CPU العادية الموجودة داخل أجهزة اللابتوب اليوم ما يقارب الـ21 مليار تعليمةٍ في الثانية، وهو رقمٌ أكبر بكثيرٍ من قدرة أكثر الحواسيب تطورًا في سبعينيات القرن الماضي.

لكن كلّما كبُرت قدرة الحاسوب، زادت الحاجة لتنفيذ العمليات الحاسوبية التي تزداد تعقيدًا يومًا بعد يومٍ. نجمع المزيد والمزيد من البيانات، وكلّها تحتاج المعالجة. المجالات العلمية الجديدة مثل التنبؤ المتقدّم بالطقس، ومحاكاة التجارب النووية، ونمذجة الخلية على المستوى الجزيئي، وحتى أيضًا محاكاة الدماغ البشري، كلّها أصبحت أكثر تعقيدًا ممّا يتطلّب حواسيب خارقةً أسرع وذات قدرةٍ أكبر.

حيث يكون الابتكار، هناك منافسةٌ. تسعى المنظمات لخلق آلاتٍ يمكنها التفوّق على بعضها في عدد العمليات التي يمكن أن تؤديها في الثانية، وهو معيارٌ يُطلق عليه اسم "عمليات النقطة العائمة في الثانية" "floating-point operations per second"، أو اختصارًا (FLOPS). ولتحقيق هذا الهدف عدّل المهندسون والعلماء مكوّنات الحواسيب لتتمكّن من التنافس مثلما تفعل سيارات فورمولا 1 في المضمار. بعضٌ من هذه المكوّنات (كما في جهاز الحاسوب المكتبي العادي) هي:
 

  • الترانزستورات: هي داراتٌ إلكترونية تتطلّب الحركة الدقيقة والسريعة للإشارات الإلكترونية. تعمل الترانزستورات على تكبير أو تحويل اتجاه هذه الإشارات لإتمام أنواع مختلفةٍ من التعليمات متباينة التعقيد. وكلّما ازدادت الترانزستورات في الدارة المتكاملة ازدادت قدرتها على المعالجة وتنفيذ عددٍ أكبر من العمليات.
     
  • وحدات المعالجة المركزية: وحدة المعالجة المركزية هي، وكما يشير الاسم، قلب عمليات الحاسوب. فهي تنفّذ كل التعليمات الموجودة في برنامج الحاسوب بالمرور عبر قائمةٍ من العمليات حسب سرعةٍ محدّدةٍ (معدّل الساعة Clock Rate). استخدمت الحواسيب الخارقة سابقًا عددًا صغيرًا من وحدات المعالجة المركزية التي تعمل على التفرع. وأخذت الحواسيب الخارقة الحديثة هذه الفكرة لمستوياتٍ أعلى من ذلك، حيث رُبطت عشرات الآلاف من المعالجات المخصّصة للاستخدام الشخصي لتُكوّن مصفوفاتٍ ضخمةً.
     
  • التبريد: تستهلك الحواسيب الخارقة الكثير من الطاقة، مثلًا يستهلك الحاسوب الخارق Tianhe-2 أربعةً وعشرين ميجا واط، وهذا يكفي لتزويد 24 ألف بيتٍ أمريكيٍّ عاديٍّ بالطاقة لشهرٍ كاملٍ. يُطلَق جزءٌ من تلك الطاقة على شكل حرارةٍ، ولتعمل مكوّناتها بكفاءةٍ يجب أن تبقى باردةً كفايةً، وقد كان ذلك أحد أكبر التحديات العملية التي واجهت الحواسيب الخارقة المبكّرة، وهي الحواسيب التي وُجِدت قبل ترانزستورات السيلكون. الآن بفضل استخدام سوائل تبريدٍ متطورةٍ وبفضل المعالجات منخفضة القدرة ونظم تكييف الهواء الصناعية أصبحت مشكلة الحرارة الزائدة مشكلةً ثانويةً.


تطوّرت هذه الأجهزة أكثر في وقتٍ قصيرٍ جدًا. فحتى الأعوام العشر الأولى من القرن الحالي لم تملك الصين حاسوبًا خارقًا واحدًا في موقع TOP500، وهو موقعٌ يختصّ بتصنيف أقوى الحواسيب الخارقة حول العالم. لكن الآن في عام 2017 تملك الصين تقريبًا ثلث المراكز في ذلك الموقع. وتضمّ القائمة التالية أقوى ثمانية حواسيبَ خارقةٍ في العالم حسب أحدث تصنيف فيه:

(ملاحظة: أداء الحواسيب الحقيقي عادةً أقلّ من أدائها النظري، والذي يُحسب من خلال معيار لينباك بينشمارك Linpack benchmark لتحديد لوائح TOP500. فتزويد حاسوبٍ خارقٍ بالطاقة مكلفٌ أكثر من زيادة عدد عناصر المعالجة فيه، ولذلك تجد الحواسيب الخارقة الحديثة مصمّمةً لتحتوي عقدًا أكثر ممّا يمكنها تشغيله. الذروة النظرية للأداء هي الحدّ الأعلى لأداء الحاسوب ويقوم معيار لينباك بينشمارك بتقديرها بالإضافة لقيامه باختباراتٍ رياضيةٍ معياريةٍ للسرعة.)

8. كاي K من شركة فوجيتسو Fujitsu


حقوق الصورة: فوجيتسو Fujitsu
حقوق الصورة: فوجيتسو Fujitsu


كان حاسوب K الخاص بشركة فوجيتسو Fujitu أوّل حاسوبٍ يكسر حاجز سرعة 10 بيتافلوبس petaFLOPS وذلك في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2011. يرمز حرف K للكلمة اليابانية "كاي kei" التي تعني 10 كوادريليون، ويشير لعدد عمليات النقاط العائمة في الثانية FLOPS. للوصول إلى الحوسبة في هذا المستوى يجمع الحاسوب K بين قدرة 80 ألف وحدة معالجةٍ مركزيةٍ منفصلةٍ عبر موصلاتٍ متخصصةٍ صُمّمت لنقل البيانات بسرعاتٍ عاليةٍ، ويقلّل نظام التبريد بالماء احتمالية تعرض نواة كلٍّ من وحدات المعالجة لحرارةٍ زائدةٍ.

7. أوكفوريست– باكس Oakforest – PACS


حقوق الصورة: JCAHPC
حقوق الصورة: JCAHPC


نتج حاسوب أوكفورست– باكس الخارق من تعاونٍ بين جامعة طوكيو The University of Tokyo وجامعة تسوكوبا The University of Tsukuba وشركة فوجيتسو ليميتد Fujistu Limited، وكسر حاجز 25 بيتافلوبس بفضل أحدث أجيال معالجات إنتل Intel ذات الاسم زيون فاي Xeon Phi، ممّا جعله أسرع حاسوبٍ خارقٍ في اليابان. يتكوّن النظام من 8208 عقدةٍ حاسوبيةٍ، ويُستخدَم لإحداث تقدّمٍ في أبحاث العلوم الحاسوبية وتعليم الباحثين الشباب كيفية إجراء حوسبةٍ عالية الأداء.

6. كوري Cori من NERSC


حقوق الصورة: NERSC
حقوق الصورة: NERSC


أطلق المركز الوطني للحوسبة العلمية لأبحاث الطاقة The National Energy Research Scientific Computing Center (NERSC) الواقع بقرب مدينة أوكلاند Oakland في ولاية كاليفورنيا California حاسوبًا خارقًا جديدًا اسمه كوري Cori، وذلك كنايةً بجيرتي كوري Gerty Cori وهي أوّل امرأةٍ أمريكيةٍ تفوز بجائزة نوبل. يعمل كوري بنظام Cray XC40 الذي صنعته الشركة المسؤولة عن تحقيق إنجازاتٍ كبيرةٍ في أداء الحواسيب الخارقة في سبعينيات القرن الماضي. يمكن لكوري نظريًا الوصول لسرعة معالجة تعادل 29.1 بيتافلوبس، ويمكنه تحقيق ذلك بفضل بنية هازويل Haswell في معالجات إنتل زيون Intel Xeon و زيون فاي Xeon Phi.

5. سيكويا Sequoia


حقوق الصورة: بوب هيرشفيلد Bob Heschfeld/LLNL
حقوق الصورة: بوب هيرشفيلد Bob Heschfeld/LLNL


بُني الحاسوب الخارق سكويا Sequoia ليقيس مخاطر الحرب النووية عن طريق إجراء حساباتٍ متقدمةٍ في علم الأسلحة. يملكه مختبر لورانس ليفرمور الوطني في ولاية كاليفورنيا Lawrence Livermore National Laboratory in California. وبفضل عُقده الـ 98304 يُعتَبر خامس أقوى حاسوبٍ خارقٍ على الكوكب، ووفقًا لمعيار لينباك بينشمارك تصل سرعة هذه الحاسوب الخارق لـ 17.2 بيتافلوبس.

4. تايتن Titan


حقوق الصورة: مختبر أوك ريدج الوطني Oak Ridge National Laboratory
حقوق الصورة: مختبر أوك ريدج الوطني Oak Ridge National Laboratory


تايتن Titan الموجود في مختبر أوك ريدج الوطني Oak Ridge National Laboratory في ولاية تينيسي Tennessee الأمريكية هو من أشهر الحواسيب الخارقة في الغرب، حيث كان تاتين أسرع حاسوبٍ خارقٍ على الكوكب حتّى حلّ محلّه تيانهي-2 Tianhe-2 (الحاسوب صاحب الترتيب الثالث) عام 2013. تايتن هو أوّل حاسوبٍ يجمع بين معالجات أي أم دي أوبتيرون AMD Opteron CPUs ووحدات معالجة الرسومات نفيديا تسلا NVIDIA Tesla GPUs، ونتج عن ذلك وصول ذروة إنتاج الحاسوب الكلية نظريًا لـ27 بيتافلوبس (يقدّر لينباك إنتاجه بـ 17.6). يسمح هذا القدر من الطاقة للباحثين بإجراء عمليات المحاكاة المعقّدة المطلوبة في علوم الطقس والفيزياء الفلكية والفيزياء الجزيئية.


3. تيانهي-2 Tianhe-2


حقوق الصورة: الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع National University of Defense Technology
حقوق الصورة: الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع National University of Defense Technology


طوّرت الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع National University of Defense Technology في الصين تيانهي-2 Tianhe-2 (أو المعروف أيضًا بـ ميلكيواي-2 MILKYWAY-2)، وقد أصبح أسرع حاسوبٍ خارقٍ في العالم في شهر يونيو/حزيران من العام 2013 بذروة أداءٍ تصل لـ33.86 بيتافلوبس (ويمكن أن تكون ذروة الأداء النظرية أعلى بكثيرٍ)، لكنه تراجع للمرتبة الثالثة منذ ذلك الحين. يحوي 16 ألف عقدة حاسوبٍ تشمل معالجات إنتل آيفي بريدج Intel Ivy Bridge وزيون فاي Xeon Phi وهي تسمح بإجراء محاكاةٍ لتطبيقاتٍ أمنيةٍ حكوميةٍ. كما يعمل هذا الحاسوب كمنصة بحثٍ مفتوحةٍ للعلماء في جنوب الصين.

2. بيز داينت (Piz Daint (2017


حقوق الصورة: hpc – ch
حقوق الصورة: hpc – ch


في أواخر عام 2016، حصل الحاسوب الخارق بيز داينت Piz Daint في مدينة لوغانو Lugano في سويسرا على ترقيةٍ كبيرةٍ لأجهزته. هذه الطاقة الجديدة زادت من أدائه الحوسبي ثلاثة أضعاف حتى وصلت ذروته النظرية إلى 19.6 بيتافلوبس (تشير قياساتهم الخاصة أن الرقم يصل حاليًا إلى 25.3)، وهذا ما يجعله أسرع حاسوبٍ خارقٍ خارج آسيا. أُطلق اسمه عليه نسبةً لأحد جبال سلسلة الألب في سويسرا، ويستطيع هذا الحاسوب خلْق تصوراتٍ متقدمةٍ ومحاكاة تصويرٍ عالية الدقة. قريبًا سيقوم هذا الحاسوب بتزويد قدرته في المعالجة لمصادم الهادرونات Large Hadron Collider في مركزسيرن CERN للأبحاث وذلك لمساعدته في تحليل كمياتٍ ضخمةٍ من البيانات.

1. سنواي تايهولايت Sunway TaihuLight


حقوق الصورة: NSCW
حقوق الصورة: NSCW


هو حاليًا أسرع حاسوبٍ خارقٍ في العالم، حيث تصل ذروة أداء حاسوب سنواي تاهولايت Sunway TaihuLight إلى 125 بيتافلوبس (نظريًا)، أسرع بخمس مراتٍ من الحاسوب الذي يحتل المركز الثاني. تستضيف مدينة ووكزي Wuxi هذا الحاسوب الخارق في المركز الوطني للحوسبة الخارقة National Supercomputing Center، ويتشكّل هذا الحاسوب من 10.6 مليون نواةٍ ويستخدم لأبحاث الطقس ونمذجة أنظمة الأرض وتحليل البيانات. وبالإضافة لأنه أسرع حاسوب في العالم، يقبع سنواي تاهولايت في المركز الرابع ضمن تصنيف أكثر الأجهزة كفاءةً للطاقة، حيث يتطلّب أيضًا عددًا أقل من الميجا وات لكلّ ميجافلوبس.
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات