استعراض المطر: انضم إلى ناسا في جولة عالمية من الهطول العالمي

المطر، والثلج، والبرد، والجليد، وكل مزيج بينهم يشكل الهطول، الذي يمس كل شخص في كوكبنا. إلا أن الهطول لا يتساقط بالتساوي في كل مكان حول العالم، كما هو موضح في فيلم الرسوم المتحركة الجديد لناسا، والذي يصوّر كل زخة مطر، وعاصفة ثلجية، وإعصار مداري، خلال فترة ستة أيام في أغسطس/آب 2014. تم إنشاء الفاصل الزمني باستخدام بيانات، التُقِطت بواسطة بعثة القمر الصناعي لقياس الهطول العالمي (GPM)، والتي أتمت الآن سنة واحدة فقط، ويستخدمها العلماء من أجل فهم أفضل لموارد المياه العذبة، والكوارث الطبيعية، وصحة المحاصيل والكثير غير ذلك.


تدور بعثة (GPM) في الفضاء لمراقبة الهطول حول العالم، في حين تشمل توقعات التلفزيون المحلي بيانات الأقمار الصناعية، أو صور الرادار المأخوذة من محطات أرضية. تُؤخذ لقطة فوتوغرافية للهطول كل 30 دقيقة، ويتم مُعالجتها لتصبح متاحة للمستخدمين بعد 18 ساعة. ويتم إنشاء خرائط مطرية جديدة دورياً بواسطة برامج تَدمج البيانات القادمة من المرصد الرئيسي لبعثة قياس الهطول العالمي –(GPM) وهي بعثة مشتركة بين ناسا ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية (JAXA)- ومن مجموعة أخرى من الأقمار الصناعية للطقس، تضم اثني عشر قمراً. هذه الخرائط التي تدعى الاسترداد المتكامل من الأقمار الصناعية المتعددة لقياسات الهطول العالمي (Integrated Multi-satellite Retrievals for GPM) أو اختصاراً (IMERG) تكون ملونة بألوان غير حقيقية، فالمطر يُلون بالأخضر والأحمر، ويظهر التساقط الثلجي بالأزرق والبنفسجي.

وقال غيل سكوفرونيك-جاكسون Gail Skofronick-Jackson، العالِم في مشروع بعثة (GPM)، في مركز جودارد لرحلات الفضاء في غرينبيلت، ولاية ماريلاند: "لأول مرة، تسمح لنا هذه الخريطة العالمية بتتبع الأمطار والثلوج بشكل مستمر فوق خطوط العرض وعبر المحيطات".


تسمح هذه الصور للعلماء ومراقبي أحوال الطقس بالحصول على الصورة الأشمل لأسبوع في شهر أغسطس/آب. تتحرك الأنظمة المطرية غرباً قرب خط الاستواء في مجرى ثابت. عند خطوط العرض العُليا، تنتقل جبهات العواصف التي تمتد لمئات الأميال شرقاً، عبر أمريكا الشمالية وأوروبا في نصف الكرة الشمالي، وعبر المحيط الجنوبي الذي يحيط بالقارة القطبية الجنوبية. تكون هذه الجبهات هادئةً بين تلك النطاقات. يمكن أن توفر عملية التقريب ضمن بيانات (IMERG) التصورية، لمحةً عن مجال الهطول خلال زمن معين على الأرض.

المحيط الجنوبي


يُظهِر تصور (IMERG) جبهات عاصفة كبيرة تتحرك حول المحيط الجنوبي. يطوف المحيط الجنوبي جنوب افريقيا، وأمريكا الجنوبية وأستراليا. بدون وجود أرض تعترضها، تقوم جبهات العواصف الكبيرة التي تلُف عبر مئات الأميال، بالدوران باستمرار حول القارة القطبية الجنوبية، مُشكِلةً بعضاً من بحار العالم الأكثر عنفاً.

قال جورج هوفمان George Huffman، العالِم المُمثل لمشروع بعثة (GPM) لدي مركز جودارد التابع لناسا: "المحيط الجنوبي هو بالفعل أحد المناطق الكبيرة الغير المعروفة في مجال الأرصاد الجوية". وأضاف: "إنه منعزل، ويصعب الوصول إليه، كما أن لديه بعض الجزر التي يصعب وضع أدوات القياس المطرية عليها. قبل بعثة (GPM)، كان لدى العلماء فقط تقديرات تقريبية لهطول الأمطار، والأكثر صعوبة في تحديد تساقط الثلوج، والتي يُمكن رؤيتها باللون الأزرق في بيانات (IMERG).

 

وقال هوفمان: "لقد رأينا في صور السحب الدوامات التي تُسببها العواصف، لكن يوجد دوماً بعض التساؤلات حول ما يجري تحت السحب. لأول مرة هنا نرى تفاصيل ما يقوم به الهطول". وأضاف: "كل جزء هنا موجود بالشدة التي توقعناها".

الأعاصير المدارية في المحيط الهادئ


للمرة الأولى، تستطيع (IMERG) رصد دورة الحياة الكاملة للأعاصير المدارية، أثناء رحلتها خارج المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، المُراقبة بالأقمار الصناعية السابقة. يُمكن لبعثة (GPM) أن تعرض من الكرة الأرضية أكثر بكثير من سابقتها، وهي بعثة قياس الهطول المطري المداري (TRMM)، ويمكنها أن تلتقط عدداً من الأعاصير المدارية النامية خلال فترة التصور بين 6 إلى 14 أغسطس/آب. تُعرف الأعاصير المدارية بـ الهوريكانات (Hurricanes) في شرق ووسط المحيط الهادئ، وبـ التايفونات (Typhoons) في غرب المحيط الهادئ، وبـ السيكلونات (Cyclones) في نصف الكرة الجنوبي.

قال سكوفرونيك-جاكسون: "إن المفتاح هو معرفة أين تكون هذه العواصف. بحيث أنها عندما تقترب أكثر من الأرض، يمكن للمُدراء اتخاذ القرارات بشأن إجلاء السكان".

في 7 أغسطس/آب، 2014، شاهدت بعثة (GPM) العاصفة المدارية إيسيل (Iselle)، في وسط المحيط الهادئ، بينما كانت تؤثر على هاواي. جلبت العاصفة مطراً غزيراً إلى الجزيرة الكبيرة ومن الممكن رؤيته باللون الأحمر.


وخلال نفس الأسبوع في غرب المحيط الهادئ، رصدت بعثة (GPM) الإعصار القوي هالونج (Halong)، أثناء تحركه عبر اليابان. بعد ذلك اشتدت العاصفة، بتفاعلها مع جبهة باردة، وأصبحت عاصفة فوق مدارية عبر انتقالها شمالاً. غطّت بعثة (GPM) دورة الحياة الكاملة لإعصار هالونج، وذلك باستخدام أول رادار فضائي قادر على تعقب الأعاصير المدارية وتقدّمها إلى خطوط العرض العالية.


 

يقدم مرصد (GPM) الرئيسي صوراً للأنظمة فوق المدارية، مثل الإعصار القوي هالونج فوق المحيطات الشمالية، ويوفر فهماً عميقاً وهاماً لكيفية تحرك واشتداد هذه العواصف. توفر هذه الصور معلومات عن ارتفاع السحب، والذي يكشف عن الأعمدة الدافئة أو العواصف الرعدية العنيفة التي أظهرها بحث ناسا، وهي تُشير عادة إلى عاصفة ستشتد خلال ست ساعات. البيانات ذات ألوان رمزية، وأتاح ذلك للعلماء رؤية مكان حدوث الهطول المطري الأشد. في حين توفر بعثة (TRMM) بيانات لصور العواصف فوق المناطق الاستوائية فقط، وبعثة (GPM) تُمدد خطوط العرض عندما يكون ذلك ممكناً.

 

الأمطار الموسمية غرب الهند


في 9 أغسطس/آب، 2014، أظهرت نتائج خرائط (IMERG) مجموعة من العواصف المطرية عبر الهند، مرتبطة بالرياح الموسمية. أثرت هذه العواصف على جبال غات (Ghat) الغربية، في الساحل الغربي للهند.


 

الآن، يستطيع مُدراء الكوارث والنكبات باستخدام بيانات بعثة (GPM)، الحصول على معلومات حول الرياح الموسمية، وأحداث الهطول الأخرى بعد 18 ساعة من وقوعها، كما أشار داليا كيرشباوم Dalia Kirschbaum، عالم التطبيقات في بعثة (GPM)، في مركز جودارد التابع لناسا. يعمل العلماء على الحد من ذلك الوقت وصولاً إلى أربع ساعات. تساعد هذه البيانات علي الاستجابة للطوارئ، بتطوير خطط الإنقاذ والإنعاش بعد مرور العواصف.


قال كيرشباوم: "إن القدرة الزمنية شبه الحقيقية تلك، هي أمر حاسم بالنسبة للمدراء، وبالنسبة لفهم مكان حصول الفيضانات والانهيارات الأرضية حول العالم". وأضاف: "إن صور (IMERG) أظهرت حدوث هطلٍ مطري غزير أدى إلى حدوث كوارث".

 

الإعصار بيرثا


رصدت مجموعة الأقمار الصناعية لبعثة (GPM) دورة الحياة الكاملة للإعصار بيرثا. التقطت بعثة (TRMM)، صوراً للعاصفة المدارية بيرثا (Bertha) وهي تُسقِط مطراً غزيراً فوق منطقة البحر الكاريبي في 1 أغسطس/آب، وتعقبت باقي الأقمار الصناعية طريقها.


في 4 أغسطس/آب، تم ترقية العاصفة إلى إعصار، بعد أن تزايدت سرعة رياحها إلى حوالي 80 ميل/ساعة (130 كم/ساعة)، لكنها رجعت مرة أخرى إلى عاصفة مدارية في صباح اليوم التالي، وفقاً لما أفاد به موقع ناسا على الإنترنت حول العاصفة.


انتقلت العاصفة عبر المحيط الأطلسي، جالِبةً مطراً غزيراً للمملكة المتحدة. ستفقد الأقمار الصناعية الأقدم، حدث نهاية (موت) العاصفة بيرثا في 16 أغسطس/آب، بما إنها كانت على خط عرض عالٍ، إلا أن بعثة (GPM) تلتقط الهطول، وصولاً إلى دوائر القطب الشمالي والقطب الجنوبي.


قال كيرشبام: "من خلال قدرتها على مراقبة الأعاصير المدارية منذ بدئها في المناطق الاستوائية، ورؤيتها كيف تتحرك في كل الطرق إلى خطوط العرض العالية، فإنها تعطينا أدلة هامة حقاً حول كيفية تطور العواصف واشتدادها".

 

العواصف اليومية فوق أفريقيا والأمازون


سلطت صور (IMERG) الضوء أيضاً على العواصف الرعدية التي تظهر فوق أفريقيا الاستوائية وأمريكا الجنوبية، حيث تتطور وتتلاشى يومياً، من خلال التدفئة الحاصلة أثناء النهار. بينما تُسخِن الشمس الأرض خلال اليوم، فإن الرطوبة التي تتبخر من الأشجار والنباتات الأخرى ترتفع وتتكثف ضمن السحب، لتصبح عواصف رعدية. هذه العواصف سريعة التشكل والتلاشي، وتتنقل غرباً بالرياح وتتبدد في الليل.


 

وقال هوفمان: "في بعض الأحيان تتشكل العواصف الرعدية في الأمازون في خطوط من العواصف، تُعرف بخطوط الزوابع. يمكن تعقّب هذه الخطوط، عبر كامل الحوض على مدى يومين، كما هو موضح على المُصوّرات. ويزول الحمل الحراري (الهواء المرتفع) عندما يصطدم خط العواصف بالتضاريس الوعرة لجبال الأنديز، والذي ينتقل من الشمال إلى الجنوب لمسافة 4500 ميل على طول الساحل الغربي للقارة".

وكما أشار هوفمان، فإنه في شرق أفريقيا، تبدأ خطوط العواصف في المرتفعات الأثيوبية، وذلك بملاحظة النبضات الواضحة على الصور المأخوذة بواسطة (IMERG).
وقال: "عندما تأتي قبالة الساحل، تُعرف بالأمواج الشرقية". وأضاف: "تكون هذه بوادر لبعض الأعاصير التي نراها في الولايات المتحدة".
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات