بطارية جديدة تنُذر بقرب نهاية عصر الوقود الأحفوري

وسط المعمعة الإعلامية لتدشين جدار الطاقة، هل وجه إيلون موسك ضربة حاسمة لصالح الطاقة المتجددة؟
مصدر الصورة: YouTube/Tesla Motors


لقد حققت طاقة الرياح والطاقة الشمسية تقدماً كبيراً في السنوات الأخيرة، حيث أنها كانت مسؤولة عن 56٪ من صافي الإضافات إلى قدرة الطاقة العالمية في العام 2013. ولكن ما يعطل تقدمها، هو ما تتسم به من آنية وتقطُع. فالشمس لا تشرق ليلاً، والرياح لا تهب على مدار السنة. هذه هي العبارات التي لا يكف معارضو تقدم الطاقة المتجددة عن ترديدها.

أما الآن، فقد نسف ملياردير الطاقة المتجددة إيلون موسك Elon Musk الدفاع الأخير. إذ أنه قدم للعالم، في مايو/ أيار الماضي، بولاية كاليفورنيا، وحدته الجديدة الأنيقة "جدار الطاقة" (Powerwall)، وهي وحدة تُعلق على الحائط لتخزين الطاقة، وتتسع لـ 10 كيلوواط ساعة من الطاقة الكهربائية، وتنقلها بمعدل 2 كيلوواط، وكل هذا مقابل 3500 دولار.

يُترجَم هذا (مع الأخذ بعين الاعتبار تكلفة التركيب والمحولات) إلى تكلفة الكهرباء تقارب 500 دولار لكل كيلوواط في الساعة، أي أقل من نصف التكلفة الحالية، وفقاً لتقديرات البنك الألماني.

وهذا يُترجَم بدوره إلى إيصال الطاقة المخصصة للاستهلاك بتكلفة تقارب 6 سنتات لكل كيلوواط في الساعة، مما يعني أن تكلفة النظام المنزلي، بالإضافة إلى التخزين، تتقدم أيضاً عن الطاقة الناتجة عن الفحم التي يتم توصيلها عبر الشبكة التقليدية.

علاوة على ذلك، سيقوم موسك بتصنيع البطاريات في الولايات المتحدة الأمريكية، في مصنع جيجا gigafactory، الذي يعمل على إنشائه في موقع لا يبعد كثيراً عن حدود مدينة كاليفورنيا في ولاية نيفادا. وهو لا ينتظر تقنية جديدة تماماً، ولكنه يحسِّن بطارية الليثيوم-أيون (lithium-ion) المجربة والمختبرة، والتي يستخدمها بالفعل في سياراته الكهربائية.

ليس للبيوت فقط


الآن، ستصبح شركات الوقود الأحفوري، بدءاً من موردي الوقود مثل المنقبين عن الفحم إلى مرافق الطاقة الكهربائية التي تعمل على حرق الفحم، في موقفٍ دفاعي لمحاربة المعيار الجديد للتكلفة الأقل لإمدادات وتخزين الطاقة المتجددة. وبدلاً من أن تسأل المجتمعات "هل نستطيع أن نحصل على نظام خاص بنا للطاقة؟" سيصبح السؤال: "لماذا لا نحصل عليه؟".

نظام تيسلا للطاقة، الذي أُطلق في الأسبوع الماضي، هو نظام شامل ذو تداعيات عالمية. يستهدف نظام جدار الطاقة، الذي يوفر 10 كيلوواط في الساعة، المستخدمين في المنازل، ويتممه نظام تجاري يسمى "حزمة الطاقة" (Powerpack)، وهو الذي يوفر بدوره سعة تخزين تبلغ 100 كيلوواط في الساعة، ومجموعة مكونة من 100 وحدة مماثلة لتشكيل وحدة تخزين تبلغ سعتها 10 ميجاواط في الساعة، يمكن استخدامها على نطاق شبكات الكهرباء الصغيرة.

سوف تتمكن مجتمعات بأكملها من بناء أنظمة شبكات إمداد طاقة صغيرة حول نظام تخزين الطاقة بسعة 10 ميجاوات، والذي تغذيه الطاقة المتجددة (طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية على أسطح المباني)، وبتكلفة أصبحت لتوها تنافسية للغاية.

في حفل التدشين، الذي أقيم الأسبوع الماضي، زعم موسك أنه من الممكن مضاعفة شبكة الطاقة الكهربائية في الولايات المتحدة بأكملها باستخدام 160 مليون وحدة فقط من وحدات التخزين على مقياس المرافق (صغيرة الحجم) (utility-enscale). كما يمكن لملياري وحدة على مقياس المرافق أن توفر سعة تخزين تبلغ 20 تريليون كيلوواط في الساعة، طاقةً كهربائية للعالم.

الثورة تبدأ


من المفيد أن نضع هذه الأرقام في سياقها. هناك بالفعل حوالي بليوني سيارة ومركبة تجارية على الطرقات في العالم، وهناك حوالي 100 مليون سيارة جديدة تضاف إليها سنوياً.

وإذا كان من الملائم تصنيع هذه الآلات المعقدة التي تضخ العوادم، فإنه لمن الملائم بالضرورة تصنيع وحدات التخزين التي سوف تساعد على جعلها غير ضرورية. علاوة على ذلك، فقد أعلن إيلون موسك للتو أنه يعتزم القيام بذلك.

يعد موسك شخصية على غرار هنري فورد، الذي يأخذ ابتكارات الآخرين ثم يطورها، ليقفز بها قفزات تجارية مذهلة لا يملك الآخرون إلا أن يحلموا بمثلها. وفجأة انتقل عالم الطاقة المتجددة لتوه ليصبح المعيار الجديد، لأنه عندما يقترن بقدرة تخزين فعالة من حيث التكلفة، فسيصبح عَصِياً على الهزيمة.

لكن موسك لن يكون وحده، إذ أن الصين تستعد لكي تصبح القوة العظمى في العالم في مجال الطاقة المتجددة، وذلك لامتلاكها أكبر محطة مثبتة لإنتاج الطاقة من الرياح. وربما في العام الحالي، سيصبح لديها أكبر محطة مثبتة لإنتاج الطاقة الضوئية الشمسية (فوتوفولطية) (photovoltaic)، أو اختصاراً (PV)، في العالم لإنتاج الطاقة، إضافة إلى امتلاكها أكبر نظام تصنيع في العالم لإنتاج توربينات الرياح والخلايا الضوئية الشمسية.

وهناك بالفعل شركات صينية، مثل BYD، تُنتج وحداتها الخاصة لتخزين الطاقة بناءً على تقنية أيون الليثيوم، لكل من الاستخدامين التجاري والمنزلي، على الرغم من أنها ليست بأناقة ورخص عرض تيسلا الجديد.

لكنهم، مع الوقت، سوف يتمكنون من الإنتاج على مستوى مشابه من حيث الحجم والتكلفة، بل وربما أفضل منه. هذه منافسة رأسمالية، واتساعها، هو ما يجعل إعلان تيسلا بداية لثورة حقيقية في مجال الطاقة المتجددة.

لا تراجع


ولكن ماذا عن أستراليا، والوضع المؤسف لحكومة أبوت (Abbott)، التي لا تستطيع رؤية ما هو أبعد من تصدير الفحم، ولا توفر جهداً لوقف الانتقال إلى الطاقة المتجددة؟ لقد زلزل إعلان تيسلا الأرض تحت أقدامهم للتو.

لم يعد بوسع أحد في أستراليا الادعاء بأن الطاقة المتجددة ستكون "لطيفة"، لو أنها أتت مع إمكانية التخزين. فهذه الإمكانية صارت متاحة الآن.

إن حكومة ذكية في أستراليا سوف تتطلع لركوب هذه الموجة، وتشجيع التقنيات الأسترالية للطاقة المتجددة كمصدر للدخل القومي فيما بعد عصر الوقود الأحفوري.

وأخيراً سنتمكن من تجاوز الجدل العقيم في أستراليا حول فرض ضريبة الكربون من عدمه، والانتقال إلى قضية أكثر إلحاحاً وعمليةً لتشجيع صناعة وتقنيات الطاقة المتجددة.

لقد أعطت الصين العالم درسا كبيراً في منهج الأعمال الذي اتبعته في بناء وتشجيع صناعات الطاقة المتجددة لديها، عبر استيراد التقنيات من كل أرجاء العالم، وكذلك تحسينها، ورفع مستوى الإنتاج لخفض التكلفة.

أما الآن، فلقد خطى موسك، ونظامه تيسلا للطاقة، بهذه العملية خطوة أخرى حاسمة، لتشمل تخزين وكذلك توليد الطاقة المتجددة. ومن هنا، لن يكون هناك تراجع.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات