هذا المقال جزء من سلسلة، لمتابعة بقية الأجزاء و10 أمور مثيرة عن كل من: الطاقة، كوكب الأرض، الماء، الهواء، النظم البيئية، الجليد.
في غمرة البحث عن بديل للوقود الأحفوري ليكون مصدرًا وفيرًا قليل التكلفة لتلبية احتياجات الانسان للطاقة، تحوز الرياح على اهتمامٍ كبير. لقد بات من المؤكد أنّ الحصول على طاقة وافرة مستمرة وبيئية سيكون أمرًا مغرٍ لا يجب تجاهله.
وفقًا لدراساتِ قسم الطاقة الأمريكي، تستهلك البشرية جمعاء حوالي 400 كوادرليون وحدة حرارية بريطانية سنويًا (الكوادرليون هو ألف مليون مليون)، ورغم أن هذا العدد لا يبدو حقيقيًا لشدة ضخامته، لكن لو علمت أن الطاقة المحتواة في الوحدة الحرارية البريطانية تكفي لإشعال عود ثقاب، فعندها يمكننك تقبل هذا الرقم! على عكس ما يظن البعض، الاهتمام بطاقة الرياح ليس شيئًا جديدًا، قد سخّرت لقرون عدّة من قبل الانسان لطحن الحبوب و تسيير السفن وحتى لتوليد الكهرباء إبتداءً من ثلاثينات القرن الماضي.

لكن مع ارتفاع طلب الطاقة، بات علينا بذلُ مجهود أكبر لجعل الرياح مصدرًا كفؤًا لتوليدها على نطاق واسع. أوّل ما يتبادر إلى ذهن الانسان عند النقاش حول طاقة الرياح هو التوربينات الهوائية. هذه التوربينات يمكن أن يصل طولها إلى 400 قدم/122 مترًا ويصل وزنها إلى 400 طن.
ومع أننا نعلم الأساسيات لكننا سنستكشف في هذا المقال بعضًا من أهم الحقائق المجهولة المدهشة حول طاقة الرياح.
10- 1.9 % من الطاقة الكهربائية المُنتجة في الولايات المتحدة أنتجتها طاقة الرياح.

فاق الاهتمام بطاقة الرياح حول العالم في السنوات القليلة الأخيرة الاهتمام بالطاقات المتجددة الأخرى، فقد تزايد استعمال هذه الطاقة بحوالي 31 % ما بين 2008 و2009 فقط. بالإضافة إلى كونها طاقةً واعدةً ومهمة للمستقبل، هناك عاملين هامين ساهما في إحداث طفرة لهذا النوع من الطاقة. العامل الأول، أن مولدات طاقة الرياح كانت مؤهلة في سنة 2009 للحصول على حوافز حكومية كبيرة في الولايات المتحدة، مما شجّع المُطورين للدخول في مشاريع من هذا النوع. أمّا العامل الثاني فيتمثل بالقوانين الزراعية في الولايات المتحدة التي أغرت العديد من المزارعين والفلاحين لتنفيذ مشاريع طاقة الرياح في مزارعهم.
لا تبدو النسبة 2% نسبةً كبيرة، لكن عندما ننظر إلى مقدار تزايد شعبية طاقة الرياح يوماً بعد يوم، ستعرف أنها في الطريق لتكون أكبر بديل كفؤ لإنتاج الطاقة على نطاق واسع.
9- إحدى أقدم أشكال الطاقة

يعود إستعمال طاقة الهواء إلى 5000 سنة قبل الميلاد على الأقل فقد استُغلت لتسيير القوارب الشراعية. لعلّ شيء كهذا لا يحتاج ذكاءً كبيرًا، إلا أنّ البحّارين مهدوا به الطريق للإنسانية لإدراك مفاهيم جديدة كالترمودينامك والحمل الحراري. هذه المبادئ كانت المفتاح للعديد من الابتكارات، ابتدأً بأوائل طواحين الهواء التي تعمل بالأشرعة. كانت هذه الآلات تُستعمل كطواحين ومضخات مياه، وقد مهّدت الطريق لثورة زراعية من خلال تقليل الوقت اللازم للقيام بالكثير من المهمات الصعبة.
نُقلت هذه التقنية إلى قارات العالم الجديد، حيث لعبت دورًا كبيرًا في تطوير السهول والمراعي هناك. لكن بظهور تكنولوجيات جديدة كالمحركات البخارية والطاقة الكهربائية الرخيصة، فقدت طواحين الهواء مكانتها لصالحهم وخصوصًا مع تزويد الأرياف الأمريكية بالكهرباء الرخيصة.
ومع ذلك، فإن طاقة الرياح عائدة بقوة إلى دائرة المنافسة، لتميزها بالكلفة والوفرة والآثار البيئية عن الوقود الأحفوري.
8- ميغا واط واحد من طاقة الرياح = تقليل 2600 طن من ثاني أوكسيد الكربون

مع كل هذه الضجة حول الطاقة النظيفة، ماهي المنافع التي يمكن التحدث عنها في طاقة الرياح؟ لنأخذ بعين الاعتبار أن ميغا واط واحد من طاقة الرياح يمكنها أن تقلل مقدارًا يقارب 2600 طن من ثاني أوكسيد الكربون المطروح.
المعادلة البسيطة هي: كل ما قل استهلاك الوقود الأحفوري يخفض من انبعاث ثاني أوكسيد الكربون. وقياس نسبة انخفاض ثاني أوكسيد الكربون في الجو أصبح معيارًا رئيسيًا لتقييم التقدّم المُحرز في اعتماد الطاقة البديلة.
مثلًا في ولاية ماساشوستس، أنتج الفرد الواحد بمعدل تقريبي 4.5 طن من ثاني أوكسيد الكربون كنتيجة لاستهلاك الكهرباء سنة 2004. إنّ ميغا واط واحد من طاقة الرياح يمكنه توفير حاجيات 400 منزل بدون انبعاثات كربونية، بالإضافة إلى تخفيف العبء على مخزونات المياه حيث يوفر ما يقارب 1300 غالون من الماء.
7- في سنة 2007 أكدت وكالة ناسا أنّ مزارع الرياح لا تشكل أي خطر على الطيور

من أهم الحجج التي تستعمل ضد مزارع طاقة الرياح هو أنها تشكل خطر على الحياة البرية. فهذه التوربينات الضخمة تدور بسرعات مميتة وهياكلها الضخمة تشغل حيزًا كبيرًا من الفضاء الذي يمكن أن يكون مكان بريًا أو أن يتقاطع مع مسارات تحليق الطيور.
هناك مزرعة رياح واحدة حظيت بتغطية إعلامية مكثفة وهي "التمونت باس" Altamont Pass في كاليفورنيا، وقد كانت مثيرةً للجدل بسبب تأثير سوء التخطيط على الطيور هناك، فبحسب "مركز التنوع البيولوجي" Center for Biological Diversity، فإن أكثر من 1300 نسر وصقر وعقاب والعديد من الأنواع المفترسة الأخرى تَنفَق كل عام بسبب توربينات الهواء الدوارة التي اقيمت على مسار هجرتها.
لقد أظهرت بحوث أجريت على مزارع رياح أخرى عدم تأثر الطيور بمزارع الرياح، هذا وقد أكدت "الأكاديمية الوطنية للعلوم" National Academy Of Sciences أنّ نفوق الطيور الناجم عن الإصطدام بالتوربينات لا يمثل إلا نسبة ضئيلة من العدد الجملي للطيور النافقة بسبب النشاطات البشرية.
6- طاقة الرياح هي طاقة شمسية في الواقع
عندما نتساءل عن مصدر الرياح تكون الاجابة هي الشمس، تسخّن الشمس كوكبنا لكن بسبب عدم انتظام سطح الأرض ودورانها، لا تسخن الأرض بطريقة متساوية. هذه الاختلافات في الحرارة تسبب أيضًا اختلافات في الضغط الجوي، وانتقال جزيئات الهواء من مناطق الضغط المرتفع إلى مناطق الضغط المنخفض، مما يسبب رياحًا تتأثر شدتها ومدتها واتجاهها بعوامل عديدة كالطقس والغلاف النباتي والمياه السطحية وطبوغرافية المكان.
كل هذه المتغيرات تزيد في صعوبة توقع مسار الرياح مما يزيد من المخاوف بأنها لن تكون ثابتة لتلبية كل احتياجاتنا للطاقة. توجد بعض تيارات الرياح الأكثر إمكانية للتنبؤ بمسارها قرب الشواطئ البحرية مما يزيد من تكلفة صناعة توربينات ملائمة للاستفادة منها.
5- تضاعف الانتاج العالمي لطاقة الرياح أربع مرات بين عامي 2000، و2006
تهيئ العديد من الشركات نفسها لكي تستحوذ على منافع الطاقة الريحية ذات الإمكانيات الكبيرة. فقد ارتفع إنتاج هذا النوع من الطاقة في عام 2000. واستمر ذلك الازدهار حتى عام 2009، حيث حققت صناعة طاقة الرياح ازدهارًا ملحوظًا مقابل تراجع الاقتصاد العالمي. وفي ذلك العام ارتفعت سعة طاقة الرياح والتي تعبّر عن كمية الطاقة الممكن إنتاجها من خلال التجهيزات الخاصة إلى ما يقارب 158 ألف ميغا واط أي بنسبة 31%.
ويستطيع الانتاج العالمي الحالي تلبية حاجات 250 مليون شخص، ويتوفر هذا النوع من المنشآت في أكثر من سبعين بلدًا.
قدمت الأمم المتحدة مؤخرًا تقريرًا يؤكّد أنّ الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة يحتاج لأكثر من 12 تريليون دولار خلال العقدين القادمين. ولن يكون الالتزام بهذا الأمر سهلًا، خاصًة وأنّ المصادر الطاقية التقليدية تبقى قليلة التكلفة. لذا من أجل تحقيق منحنى نمو تصاعدي مماثل لما حدث بين عامي 2000 و2006، فإنّ على الحكومات أن تقدم حوافز عديدة لتشجيع حدوث هذا التطور.
4- ولاية تكساس تملك الطاقة الإنتاجية الريحية الأكثر ثباتًا من أي ولاية أمريكية أخرى

كل شيء أكبر في تكساس، بما فيها الرياح، ولذلك فهي تقود طريق الطاقة الريحية مع أكثر من 40 مشروعًا مختلفًا. بلغت الطاقة الانتاجية في 2008 حوالي 7907 ميغا واط، بفارق كبير جداً عن ثاني ولاية من حيث الانتاج، وهي ولاية أيوا التي بلغت طاقتها الانتاجية 2883 ميغا واط. وتنتج في الواقع منشآت تكساس طاقة ريحية تمثل ثلث الطاقة الإجمالية المنتجة في كامل الولايات المتحدة.
تعبتر الجغرافية جزءًا هامًا من نجاح تكساس في هذا المجال، فلسهولها الواسعة المفتوحة إمكانيات مذهلة لحصد طاقة الرياح، كما أن تضاريسها الطبيعية وارتفاعها تعني أنّ الرياح يمكنها أن تهبّ على طول السهول. كل هذا إضافةً إلى القوانين والحوافز الحكومية التي تغذي الاهتمام بنوع كهذا من المشاريع هو ما جعل من تكساس رائدة في هذا المجال.
3- في 2008 ولدت توربينات الهواء في أمريكا كمية من الطاقة كافية لتزويد ولاية كولورادو
أنتجت الولايات المتحدة حوالي 52 مليار كيلو واط في عام 2008، بما يمثل %1 من مجموع إنتاج الكهرباء عالمياً في ذلك الوقت. يمكن أن تقول أن هذه النسبة ضئيلة ولكنها كانت كافية لتزويد حوالي 5 مليون منزل أو ولاية كولورادو برمتها بالكهرباء.
عندما تساهم التكنولوجيا المتطورة في تخفيض التكاليف المتعلقة بمزارع الرياح، سيصبح إنتاج الطاقة الريحية من دون شك أكثر يسرًا. تساهم هذه التطورات مع بضع حوافز أخرى في تقدم إنتاج طاقة الرياح. تعد مثل هذه المبادرات برامج تكلفة خضراء، بمعنى أنها اختيارات متاحة للمستهلك تمنحه اختيار شراء كهرباء ناتجة عن مصادر متجددة.
2- 38 ولاية أمريكية فيها مزارع للرياح
الولايات المتحدة موجودة في قوة في سباق التزود بطاقة الرياح، حيث تحتوي 38 ولاية من أصل 50 ولاية منشئات تولّد هذا النوع من الطاقة. منهم 14 ولاية بطاقة تفوق الألف ميغا واط، وهي كمية الكهرباء التي يمكن إنتاجها بالتجهيزت المتوفرة حاليًا، في الولايات الخمسة الأولى طاقة إجمالية منتجة تقدّر بأكثر من 20 ألف ميغا واط .
في سنة 2008 نشر قسم الطاقة الأمريكي دراسةً تفسِّر الأمور اللازمة لكي توفر طاقة الرياح 20% من إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية للكهرباء في سنة 2030. ويتوقع ازدياد عدد الولايات الأمريكية المستفيدة من هذه الطاقة تزامنًا مع اكتشاف الجدوى التكنولوجية والإقتصادية لهذه الأنشطة وإيجاد طرق أخرى لجعل الرياح أكثر فاعلية وتنافسًا مع أسواق الطاقة الحالية.
الولايات الرائدة في إنتاج طاقة الرياح
- تكساس: 10085 ميغا واط.
- أيوا: 3675 ميغا واط.
- كاليفورنيا: 3177 ميغا واط.
- مينيسوتا: 2192 ميغا واط.
- أوريغون: 2104 ميغا واط.
- واشنطن: 2104 ميغا واط.
1- مصادر الرياح يمكنها تزويد الولايات المتحدة بطاقة أكبر بـ 10 مرات مما تحتاجه

بالرغم من أن التطبيقات الصناعية لطاقة الرياح قد تطورت على مدى عقودٍ، فهي لاتزال تكنولوجيا فتية نسبيًا تحتاج إلى المزيد من التحسين لتُثبت القدرة على استمرارها. الحافز للمضي قدمًا ليس سببه ما تقدم لنا للريح اليوم، بل للقدرة الكاملة التي تملكها. حاليًا هذه المحاولة تستوجب الكثير من الأموال وحماسًا عظيمًا. لكن عندما تأخذ بعين الاعتبار وفرة وانتظام الرياح تصبح إمكانية الوصول لذلك سهلة المنال.
أعلن "مختبر الطاقة المتجددة الأمريكي" National Renewable Energy Laboratory أنّ القدرة الكامنة لمزارع الرياح المُنشأة على اليابسة بدلًا من المحيطات يمكنها أن توفّر لأمريكا كهرباءً أكبر من احتياجاتها الحالية بـ 10 مرات.
وجدت دراسة في عام 2009 أجرتها جامعة هارفرد أن تشغيل شبكة من التوربينات حتى على 20% من طاقتها الكاملة يمكنها توفير أكثر من 40 ضعفًا من الطلب العالمي على الكهرباء. إذا أخذت هذه الدراسة ودراسات مشابهة أخرى في الاعتبار، فإن استمرار البحث عن الرياح كبديل للوقود الأحفوري لا يحتاج وقتًا للتفكير.
: