النظرية التي تتحدى فيزياء أينشتاين قد توضع تحت الاختبار قريباً!

قدم الباحثون الذين يقفون خلف نظرية تقول بأن سرعة الضوء متغيرة -وليست ثابتة كما قال أينشتاين- تنبّؤاً يمكن اختباره!

لاحظ أينشتاين أن سرعة الضوء تبقى ذاتها في أي حالة، وهذا يعني أن المكان والزمان يمكن أن يكونا مختلفين في حالات مختلفة. فالافتراض القائل بأن سرعة الضوء كانت وستبقى دوماً ثابتة، يشكل الدعامة الأساسية للعديد من نظريات الفيزياء، كنظرية النسبية العامة لأينشتاين. كما يلعب بالأخص دوراً في نماذج عما حصل في الكون المبكر جداً، بعد ثوانٍ من الانفجار العظيم.

لكن اقترح بعض الباحثين أن سرعة الضوء ربما كانت أعلى بكثير في هذا الكون المبكر. والآن، قدم أحد واضعي هذه النظرية وهو البروفيسور جواو ماغويجو João Magueijo من الكلية الملكية في لندن، والذي يعمل مع الدكتور نيايش أفشوردي Niayesh Afshordi من معهد بيريميتر في كندا، تنبؤاً يمكن استخدامه لاختبار صحة النظرية.

إن البُنى الكونية كالمجرات مثلاً، قد تكونت جميعها نتيجة التقلبات في الكون المبكر، مع وجود فروق ضئيلة في الكثافة من منطقة إلى أخرى. سُجّل موسوم لهذه التقلبات المبكرة على الخلفية الميكروية الكونية -وهي خريطة لأقدم ضوء في الكون- على شكل مؤشر طيفي Spectrar Index.

وبالعمل على نظريتهم القائلة بأن تلك التقلبات تأثرت بسرعة ضوء متغيرة في الكون المبكر، يستخدم البروفيسور ماجويجو والدكتور أفشوردي الآن نموذجاً لوضع رقم دقيق على مؤشر الطيف، وقد نشر الرقم المتنبأ به والنموذج الذي بني عليه في دورية Physical Review D.

ويجدر بالذكر أن علماء الفلك يحصلون حالياً على قراءات أكثر دقةً للرقم، وبالتالي، فذلك التكهن قد يوضع تحت الاختبار قريباً ليثبت أو يستبعد نموذج الفريق عن الكون المبكر. إن الرقم دقيق جداً (0.96478)، وهذا قريب إلى التقدير الحالي لقراءات الخلفية الميكروية الكونية، التي تضعه بالقرب من (0.968)، مع القليل من هامش الخطأ.

 فكرة متطرفة


يقول البروفيسور ماجويجو: "إن النظرية التي طرحناها أولاً في نهاية التسعينيات، قد وصلت الآن إلى مرحلة النضج، فقد أنتجت تنبؤاً قابلاً للاختبار، وإن وجدت عمليات الرصد في المستقبل القريب فعلاً أن الرقم دقيق، فقد يقود هذا إلى تعديل في نظرية أينشتاين في الجاذبية".

ويتابع: "إن الفكرة القائلة بأن سرعة الضوء يمكن أن تكون متغيرة كانت متطرفة عند بداية طرحها، لكن مع التنبؤ المعتمد على الأرقام، أصبحت شيئاً يمكن للفيزيائيين اختباره فعلاً. وإن ثبتت صحته، فهذا يعني أن قوانين الطبيعة لم تكن دوماً ذاتها كما هي اليوم".

إن إمكانية اختبار نظرية تغير سرعة الضوء يضعها بعيداً عن نظرية التمدد الكوني المنافسة والسائدة بدرجة أكبر، حيث ينص التمدد بأن الكون المبكر قد مر بطورٍ من التوسع شديد السرعة، أسرع بكثير من المعدل الحالي لتوسع الكون.

 مشكلة الأفق


إن هذه النظريات ضروريةً للتغلب على ما يدعوه الفيزيائيون بـ "مشكلة الأفق"، فالكون كما نراه اليوم يبدو متشابهاً بشكل كبير في كل مكان، فمثلاً، له كثافة متماثلة نسبياً.

وهذا يمكن أن يكون صحيحاً فقط إن كانت جميع المناطق في الكون قادرةً على أن تؤثر على بعضها البعض. لكن إن كانت سرعة الضوء دائماً ذاتها، فلم يمض الوقت الكافي للضوء ليعبر إلى حافة الكون ولتستقر الطاقة.

وكنظير مشابه لذلك، لترفع درجة حرارة غرفة بشكلٍ متساوٍ، فعلى الهواء الدافئ الصادر من مشعاع التدفئة في أحد طرفي الغرفة أن يعبر الغرفة ويختلط بشكل كامل بهوائها، لكن المشكلة بالنسبة إلى الكون أن "الغرفة" -وهي الحجم المرصود من الكون- تبدو أنها كبيرة جداً أمام هذا الأمر ليحدث خلال الوقت منذ بدء نشوء الكون.

تشير نظرية سرعة الضوء المتغيرة أن سرعة الضوء في الكون المبكر كانت أعلى بكثير، الأمر الذي مكّن الحواف البعيدة للكون أن تتصل أثناء توسع الكون، ولقد انخفضت سرعة الضوء بشكل يمكن التنبؤ به أثناء تغير كثافة الكون، وقابلية التغير هذه هي التي قادت الباحثين إلى التنبؤ المنشور اليوم.

إن النظرية البديلة هي نظرية التمدد الكوني (أو التضخم) والتي تحاول أن تحل هذه المشكلة بقولها أن الكون المبكر جداً استقر عندما كان صغيراً جداً ومن ثم توسع فجأة، بحيث اتسم بالتماثل المسبق. في حين يعني هذا أن سرعة الضوء وقوانين الفيزياء الأخرى كما نعرفها مصونة، فهي تتطلب ابتكار "حقل تضخم"، وهي مجموعة من الظروف التي وجدت في ذاك الوقت فقط.

وقد نشرت "الهندسة النقدية للانفجار العظيم الحراري" للبروفيسور جواو ماغويجو والدكتور نيايش أفشوردي في دورية Physical Review D.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات