جسم كوكبي جديد يُعيد فرضية الكوكب التاسع إلى الواجهة

اكتشف العلماء جسمًا غامضًا موجودًا في ضواحي النظام الشمسي، ولأننا لا نعرف الكثير عنه حتى الآن، فما نعلمه لا يبدو منطقيًا كثيرًا.

يبدو أن هذا الجسيم الملقب بـ نيكو Niku عبارة عن جسم ما بعد نبتوني (trans-Neptunian)، أي إنه كوكب ثانوي (minor planet) يقع بعد كوكب نبتون، وهنا تبدأ الأمور بأن تصبح أكثر غرابة بقليل. 

ففي الوقت الذي نعرف فيه أن الكواكب الثانوية كثيرة -هي أجسام أصغر من الكواكب وليست مذنبات- ويجد العلماء المزيد والمزيد منها في كل الأوقات، لا يتصرف نيكو مثلها. فأولًا: يدور نيكو حول الشمس بمستوٍ يميل بـ 110 درجة عن مستوي النظام الشمسي -وهو القرص المداري المسطح الذي تدور فيه الكواكب حول الشمس. ويقع نيكو حاليًا فوق المستوي وارتفاعه يزداد، لكنه في نهاية المطاف سيبدأ بالانخفاض في مسار الرجعة.

يبقى ذلك الجسم غريبًا، فكل الأجسام تقريبًا في نظامنا الشمسي تدور حول الشمس في الاتجاه نفسه -يسمى اتجاه الحركة المباشرة (prograde)- أما نيكو فيخالف العادة بمداره المعروف بالحركة الرجعية (retrograde) حول الشمس. وهذه ليست المرة الأولى التي يُكتشف فيها جسم ما بعد نبتوني بمدار رجعي، لكن عندما تجمع ذلك بميل مدار نيكو، يصبح من الواضح وجود شيء استثنائي يتعلق بهذا الكوكب.

يقول عالم الفيزياء الفلكية ماثيو هولمن Matthew Holman من مركز هارفارد-سميثونيان للفيزياء الفلكية لشانون هول من موقع نيوساينتست: "يقترح ذلك وجود ما يفوق توقعاتنا عن النشاط في الجزء الخارجي من النظام الشمسي". كان هولمان واحدًا من فريق العلماء الدولي الذي اكتشف نيكو باستعمال تلسكوب المسح البانورامي ونظام الاستجابة السريع (Pan-STARRS)، الموجود في ماوي بولاية هاواي.

يشير خفوت الجسم الشديد، الذي يقل عن خفوت نبتون بـ 160 ألف مرة، إلى أن نيكو صغير نسبيًا، وقد يكون قطره أقل من 200 كيلومتر. لكن ما يحير الباحثين هو السبب الذي جعل نيكو في هذا المدار الغريب -عكس كل شيء في النظام الشمسي، وبزاوية مجنونة للإقلاع.

يقول عالم الفلك ميشيل بانيستر Michele Bannister من جامعة الملكة في مدينة بلفاست بالمملكة المتحدة، والذي لم يكن مشاركًا في الاكتشاف، لمجلة نيوساينتست: "يجبر الزخم الزاوي كل شيء على الدوران بذلك الاتجاه وبالطريقة نفسها، إنه الشيء ذاته الذي يحصل مع لعبة البلبل الدوّار، إذ يدور كل جسيم في الاتجاه نفسه".

وليحطم تلك القاعدة، يعتقد العلماء أنه على الجسم أن يتصادم مع شيء آخر، أو يتعرض لسحب ثقالي من مصدرٍ ما. لكن لا يعرف أحد أي شيء عن ماهية ذلك الجسم أو تلك الأجسام. فمن الممكن أن يكون نيكو جزءًا من مجموعة من الأجسام التي تتحرك بتحاذي استثنائي بالنسبة لمستوي النظام الشمسي.

وإذا ما كان هذا التجمع مألوفًا، فذلك ناتج عن كونه نوعًا من التجمع لأجسام تتحاذى بشكلٍ استثنائي داخل حزام كايبر (Kuiper belt) الذي كان السبب وراء فرضية الكوكب التاسع، وهو الكوكب المحتمل (لكن غير المؤكد) وهائل الكتلة الموجود عند أقاصي النظام الشمسي والذي يكمل دورةً كاملة حول الشمس كل 10 آلاف إلى 20 ألف سنة.

درس فريق هولمان ونيكو احتمالية أن تكون التحركات غير الاعتيادية لنيكو ناتجة عن كوكبٍ تاسع، أو ربما عن كوكب قزم (dwarf planet) موجود في الجوار، لكن هذا الكوكب الثانوي قريب جدًا من مركز المجموعة الشمسية، وبالتالي لايزال التفسير غائباً حتى الآن. ووفقاً لآدم هولمن: "نحن لا نعرف الإجابة".

من الجدير ذكره أن دراسة الفريق لم تصدّق حتى الآن من لجنة تحكيم مجلة علمية، لكنها متاحة على موقع arXiv.org حيث يحصل الباحثون على التحديثات السابقة لعملية النشر. وحتى ذلك الحين، أو حتى نعرف المزيد، يُشكك البعض بنتائج نيكو.

يقول كونستنتاين باتيجن Konstantin Batygin، أحد الباحثين الذين اقترحوا فكرة وجود الكوكب التاسع، لمجلة نيوساينتست: "يقولون في الورقة إن ما لديهم الآن هو تلميح"، ويضيف: "إذا تطور هذا التلميح إلى قصة كاملة، سيكون الأمر رائعًا".

لكن ذلك لا يعني أننا لا نستطيع الحصول على بعض الإثارة المرتبطة بهذا الشذوذ الكوكبي المجنون. فقد غرد بانيستر على تويتر عندما سمع الأخبار: "أرجو أن يكون الجميع قد وضع حزام الأمان لأن الجزء الخارجي من النظام الشمسي يزداد غرابة بشدة".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات