رسم توضيحي لمركبة صغيرة تمسح حفرةً على سطح القمر. (حقوق الصورة: © William Whittaker/Carnegie Mellon)
نموذج بيترينجر Pitranger الأولي يمهد الطريق هنا على الأرض.
يمتاز سطح القمر بالتضاريس القاسية، إذ تسوده ثقوبٌ ذات جدران شديدة الانحدار تُعرف باسم الحفر pits، قد تتصل هذه الحفر، التي تُسمّى أيضًا المناور skylights، بأنابيب الحمم البركانية الجوفية العميقة التي تشكلت منذ مليارات السنين عندما كان القمر نشطًا جيولوجيًا.
تُسخَّر تقنياتٌ جديدةٌ قد تمكننا من استكشاف المناور وأنابيب الحمم البركانية والكهوف على القمر، وهي بيئات جوفية قد يتمكن المستكشفون البشريون من استغلالها في المستقبل غير البعيد.
قال ويليام "ريد" ويتاكر William "Red" Whittaker، وهو أستاذ باحث في معهد الروبوتات في جامعة كارنيجي ميلون في بيتسبرغ: "يمكن أن تكون الكهوف إذا أمكن الوصول إليها ملاذًا من الإشعاع ودرجات الحرارة القصوى ومخاطر النيازك الدقيقة على سطح القمر".
نوافذ للمجهولات العظيمة
قال ويتاكر، وهو رائدٌ في تصميم روبوتات استكشاف الفضاء، إنه أُحرز تقدم كبير في إنشاء روبوت قصير العمر يتمتع بقدرةٍ على استكشاف الحفر العميقة على القمر لفترات طويلة.
قدّم ويتاكر آخر المستجدات عن عمله خلال اجتماع افتراضي عقده في أيلول/سبتمبر برنامج المفاهيم المتقدمة المبتكرة (NIAC) التابع لناسا. موّل NIAC أبحاث فريقه في التصميمات الفعالة للروبوتات المتنقلة لاستكشاف البيئات الجوفية في عوالم أخرى.
قال ويتاكر: "المناور القمرية هي نوافذُ لأشياء مجهولة على سطح القمر وتحته. يُعتبر استكشاف الحفر بواسطة المركبات الجوالة الصغيرة ميسور التكلفة وقابلًا للتطبيق على المدى القريب".
علاوةً على ذلك، فإن اكتشاف المئات من المناور القمرية على مدار العقد الماضي يزيد احتمالية الوصول إلى الكهوف التي لطالما حلمنا بها.
اختبار البالوعة
كان ويتاكر وزملاؤه منشغلين ببناء بيترينجر PitRanger، وهو نموذج أرضي لروبوت قمري صغير يبلغ وزنه 33 رطلًا (15 كيلوجرام).
نمذجَ الباحثون وقاسوا حفرة أرضية لكي يتمكنوا من تحسين تصميم الروبوت وقدراته، أُنشيء نموذج تصويري للحفرة يتكون من 10,000 صورة التقطتها العربة الجوالة، والتُقطت من 26 موقعًا مختلفًا حول حفرة الصحراء الغربية في ولاية يوتا، يبلغ عمق هذه الحفرة نحو 330 قدمًا (100 متر) وعرضها نحو 246 قدمًا (75 مترًا).
زُودت عربة بيترينجر بكاميرا ذات عدسات مقربة ووحدة دوران في الجزء العلوي من اللوحة الشمسية. يستخدم الروبوت الصغير آلية إمالة اللوحة لتوجيه الكاميرا إلى الحفرة.
قال ويتاكر إنه يجب بالضرورة أن تكون المركبات الجوالة الخاصة ببعثات استكشاف حفرة القمر مختلفةً عن تلك التي سبقتها، ويضيف إنه يجب أن تكون متوافقةً مع مركبات الهبوط الصغيرة، وأن تكون قادرةً على التعامل مع الحفر شديدة الانحدار، وتوفير حوسبة قوية، والتقاط الصور المطلوبة عبر الحفرة.
استكشاف سريع
قال ويتاكر: "يقتضي السيناريو نقل عربة تجوال صغيرة إلى الحفرة، والنظر إلى داخل الحفرة، والتقاط صور للجدران والأرضيات والكهوف، ثم إنشاء نماذج للحفرة"، وأضاف أن الاستقلالية هي التكنولوجيا الحاسمة للاستكشاف السريع، لأن المركبات الجوالة الصغيرة التي تعمل بالطاقة الشمسية لن تكون قادرةً على حمل راديو ذي بث مباشر إلى الأرض من أجل الإشراف أو التوجيه.
وأضاف ويتاكر: "يجب أن تنجح المركبة الجوالة في فترة إضاءة واحدة على القمر"، لأنها تحتاج إلى الشمس من أجل الطاقة والتدفئة، (يدوم اليوم القمري نحو 14 يومًا أرضيًا، والليل القمري كذلك). أمامها 12 يومًا فقط، وليس 12 عامًا لإكمال مهمتها".
ستُزوَّد المركبة الجوالة الصغيرة ببرمجياتٍ ذكية لتصفية ومعالجة "أفضل" للصور التي التُقطت للحفرة القمرية، ثم نقلها إلى المسبار من أجل نمذجتها، يقوم الروبوت الصغير بهذا العمل بشكل متكرر، ويعود إلى الحفرة عدة مرات للحصول على صور وقياسات إضافية.
من شأن العربة الجوالة المستقلة أن تتخذ سلوكياتٍ، وخططًا، وقراراتٍ تتعلق بالتصوير توجه الآلة إلى اتخاذ إطلالات إستراتيجية حول الحفرة، ستلتقط في كل زيارة آلاف الصور ذات الصلة للعودة الدورية إلى المسبار وتنزيلها.
في المتوسط، ستكون السرعة القصوى للمركبة الجوالة بوصة واحدة (2.5 سم) في الثانية.
سمات "البيتبول" Pit bull
ستتحسن نماذج الحفرة الأولية المنقولة من المسبار إلى الأرض مع وصول المزيد من الصور. وقال ويتاكر إن النتيجة النهائية ستكون نموذجًا عالي الدقة ذا جودةٍ ثلاثية الأبعاد.
وأضاف ويتاكر أنه ستُحدَّد إطلالات الحفرة من خلال موازنة قيمة الصور مقابل المخاطر التي تواجهها العربة الجوالة أثناء تحركها إلى حافة الحفرة، في كل إطلالة، سيُحصل على الصور من خلال الجمع بين صور الدوران والإمالة من أجل رؤية الجدران البعيدة وأرضية الحفرة.
قال ويتاكر بأنه ستكون نتيجة كل هذا العمل صورةً مذهلةً ومقربةً للحفرة القمرية المستهدفة، وهي نتيجةٌ متفوقةٌ للغاية مقارنةً بتلك المركبة المدارية التي تدور حول القمر.
إلى جانب إمكانية استخدام هذه الحفر كموائل لمستكشفي القمر، فإن الحفر القمرية هي أيضًا نوافذ لعلم فريد.
يقول وايتاكر: "إن جدران الحفر تمثل الجيولوجيا الأصلية الوحيدة التي يمكن رصدها على القمر. إنها فرصة فريدة لدراسة علم البراكين وعلم التشكل وغير ذلك الكثير".
في النهاية، يتعلق الأمر كله بالاستفادة من قوة التصغير التي تجعل سمات "البيتبول" للمركبة الصغيرة قابلة للتحقيق.
وخلص ويتاكر إلى القول: "إنه يشبه إلى حد ما أخذ أول هاتف من ألكسندر جراهام بيل وإدخاله في الهواتف النقالة التي نحملها جميعًا".