مومياء من الأسرة الحاكمة الثامنة عشرة (1550 ق.م إلى 1292 ق.م) جزء من اكتشافات أثرية عديدة وُجدت داخل قبر يقع بمدينة الأقصر Luxor بمصر. حقوق الصورة: Ibrahim Ramadan/Anadolu Agency/Getty Images
تمكّن علماء الآثار -بمدينة الأقصر المصرية- من الكشف عن قبرين قديمين لم يريا النور لمدة 3500 سنة واستخراجهما، حسب تصريح لوزارة الآثار المصرية، يحتوي هذان القبران على الكثير من الكنوز الأثرية بما فيها مومياء ملفوفة بكتان، إضافة إلى رسومات جدارية ساطعة وقناع خشبي صغير ملون.
تأمل الحكومة المصرية أن يعطي هذا الاكتشاف نفسا جديدا للسياحة بالبلاد، هذه الأخيرة التي عرفت تراجعاً بسبب اعتداءات المتطرفين من جهة، والاضطرابات السياسية عقب أحداث الربيع العربي في 2011 من جهة أخرى، حسب تصريح لوزير الآثار المصري خالد العناني khaled al-Anani تناقلته وكالة أسوشيتد ربس AssociatedPress.
وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار Supreme Council of Antiquities ورئيس مهمة التنقيب المصرية مصطفى وزيري Mostafa Waziri -في تصريح له بتاريخ 9 ديسمبر/ كانون الأول- أن وزارة الآثار المصرية كانت على علم بكلا القبرين منذ سنة 1991، بعد اكتشافهما آنذاك من طرف عالمة الاثار الألمانية فريديريكا كامب Frederica Kampp والتي أعطت رقما لكل قبر (كامب 161 وكامب 150) "Kampp 161" & "Kampp 150".
من جهته قال وزير الآثار أن كامب قد بدأت بالتنقيب عن القبر "كامب 150" لكنها توقفت عن ذلك عندما وصلت إلى مدخل القبر -أي أنها لم تدخل القبر إطلاقا-، أما بالنسبة للقبر "كامب 161" فإن علماء الآثار لم يعملوا على استخراجه من قبل. وأضاف ذات المتحدث أن كلا القبرين يقعان بمقبرة ذراع أبو الناقة Draa Abul Naga بالضفة الغربية لمدينة الأقصر، بداخل كل منهما غرف عديدة.
تُظهِر أعمال التنقيب عن الآثار الحديثة أن القبر "كامب 161" مبطن بحيطان من الصخور والآجر الطيني، ويحتوي على ممر للدفن Burial shaft بعمق 20 قدما (6 أمتار) وأربع غرف جانبية، ويقول الباحثون أنّه وبالرّجوع إلى الرسومات الجدارية والمدفونات والرموز الموجودة فيه (أي القبر كامب 161)، يتبين أن هذا الأخير يعود إلى الحقبة الممتدة بين فترة حكم الفرعون أمنحوتب الثاني Pharaoh Amenhotep ll والفرعون ثوتموس الرابع Thusmose lV، الذين حكما خلال فتر حكم الأسرة الثامنة عشرة، إلا أن اسم صاحب القبر يبقى مجهولا.
ومهما كانت هوية صاحب القبر فإنه قد حظي بجنازةٍ مهيبة، إذ يصور القبرُ مشهدين احتفاليين اثنين، يُظهر أحد المشهدين رجلاً (يُرجّح أن يكون أخَ صاحب القبر) يهدي صاحبَ القبر وزوجتَه هدايا وأزهاراً، ويُظهر المشهد الآخر (الذي رسم تحت المشهد الأول) جمعاً من المدعوين يقفون في أربعة صفوف.
يقول وزير الآثار المصري: “وجد علماء الآثار داخل القبر "كامب 161" قطعاً أثرية مصنوعة من الخشب، من بينها قناعٌ كبير يُشكّل في الأصل جزءا من كفنٍ يمجّد أوزايريس Osiris (إله ما بعد الحياة والبعث في مصر القديمة)، وقناعٌ ملون صغير، وقطعةٌ من قناعٍ خشبي مطلي بالذهب، إضافة إلى الجزء السفلي من كفنٍ يحاكي صورة أوزايريس يزيّنه مشهد للآلهة إيزيس Isis رافعةً يديها إلى الأعلى (إيزيس في الأسطورة الفرعونية القديمة هي الآلهة التي أعادت إلى الحياة زوجها المتوفي الملك أوزايريس)".
لعبة الأسماء
احتوى القبر الآخر (كامب 150) مومياء لمسؤول سامٍ أو شخص ذي نفوذ لُفّت داخل قطعة كتان ومُدّدَت لتستريح في غرفة طويلة، تُجهل هويةُ الفرد المحنط هذا لكن الباحثين لديهم تخمينان عن اسم هذا الأخير، إذ يعتقد الباحثون أن اسمه قد يكون "جيهوتي مس Djehuty Mes" -وهو اسم منقوش على أحد الحيطان-، أو قد يكون "ماتي Maati" -اسم مكتوب إلى جانب اسم "ميهي Mehi" التي قد تكون زوجته على 50 من المخاريط الطينية المكتشفة داخل القبر. يضيف وزير الآثار المصري أنّ نقشا على السقف لرمزٍ يعود إلى الملك ثوتموس الأول Thutmose l يبيّن أن القبر يعود إلى نهاية حقبة حكم الأسرة السابعة عشرة وبداية حقبة الاسرة الثامنة عشرة.
وقد وجد علماء الآثار داخل القبر جثمان امرأة تدعى إيزيس نفريت "Isis Nefret" التي يُرجّح أن تكون والدة صاحب القبر، وُجِدت هذه الأخيرة داخل كفنٍ أصفر اللون رُسمت عليه 36 صورة لتماثيل أوشابتي Ushabti figurines -وهي تماثيل يُعتَقد أنّها تؤدي مهاماً للمتوفى في الحياة الأخرى-، ويُصوِّر تمثال أوشابتي مميز (بطول 24 بوصه (60 سم) مصبوغ بألوان الأبيض، والأحمر، والأخضر، والأزرق، والأصفر، والأسود) المرأة في شكل أوزايريس. يقول وزير الآثار: "يصوّر المشهد المرسوم داخل القبر رجلاً جالساً يطعم أربعة ثيران، أحد هذه الثيران جاثم أمام الرجل سالف الذكر".
احتوى القبر على قطع أثرية عديدة منها 100 مخروط جنائزي، وأقنعةً جنائزية ملونة خشبية الصنع، ومجموعةً مكونة من 450 تمثالاً منحوتاً باستعمال مواد مختلفة كالطين والخشب والسيراميك، وكذلك علبةً صغيرة على شكل تابوتٍ خشبي له غطاء يُعتقَد أنّه احتوى على أحد تماثيل أوشابتي.
تندرج أعمال التنقيب هذه ضمن سلسلةٍ من أعمال التنقيب التي عمل عليها علماء الآثار بمدينة الأقصر خلال هذه السنة، حيث أعلن الباحثون أنهم قد عثروا في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، على قبرٍ قديم يعود لصائغ ذهب يحوي داخله الكثير من المومياءات بنفس المدينة.