حقائق مثيرة عن ملك الديناصورات: التيركس

بالإضافة إلى كون التيرانوصور ريكس Tyrannosaurus rex المعروف اختصارًا بـ T.rex واحدًا من أكبر الديناصورات آكلة اللحوم المعروفة، تلقى شهرةً كبيرةً في وسائل الإعلام، كما ظهر في دور رئيسي في العديد من الأفلام مثل سلسلة أفلام Jurassic Park، وله مجسم شهير (وهو معروض في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في مدينة نيويورك).

 
إنّ اسم Tyrannosaurus rex يعني "ملك السحالي الطاغية" تعني كلمة tyranno "طاغية" في اللغة اليونانية. وتعني كلمة saurus "سحلية"، وكلمة rex "ملك" في ذات اللغة.
 
في عام 1905، أطلق هنري فيرفيلد أوسبورن Henry Fairfield Osborn، رئيس المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في ذلك الوقت، أطلق عليه اسم تيراناصوروس ريكس Tyrannosaurus rex.
 
يُعتبر التيركس عضوًا في عائلة Tyrannosauroidea التي تضم ديناصوراتٍ ضخمةً ذات أذرع صغيرة وأيدٍ بأصبعين فقط. وعلاوةً عن التيرانوصورات Tyrannosaurs، تشمل أجناس Tyrannosaurid الأخرى البيرتوصوروس Albertosaurus، والأليكتوصوروس Alectrosaurus ، والأليوراميس Alioramus، والشينكانكوصوروس Chingkankousaurus، والديسبليتوصورس Daspletosaurus، والأيوترانوس Eotyrannus، والغورغوسوروس Gorgosaurus، والنانوتيرانوس Nanotyrannus (جنس مثير للجدل قد يكون في الحقيقة تيركس فتي)، والبرودينودين Prodeinodon، والتاربوسوروس Tarbosaurus، وتشوتشنغترانوس Zhuchengtyrannus.
 
تتواجد حفريات التيركس في غرب أمريكا الشمالية، من ألبرتا إلى تكساس. ولكن من الممكن أن يكون التيركس من الأنواع الغازية من آسيا، وهذا وفقًا لدراسة أُجريت عام 2016 ونشرت في مجلة Scientific Reports. أظهر تحليلٌ للهيكل العظمي للتيركس أن ملك الديناصورات كان أكثر شبهًا لنوعين من التيرانوصورات Tyrannosaurs في آسيا، التربوسوروس Tarbosaurus والتشوتشنغترانوس Zhuchengtyrannus، منه لتيرانوصورات أمريكا الشمالية، كما أخبر باحثون موقع Live Science.
 
ربما عبر هذا الوحش الغابر قبل أكثر من 67 مليون عام تقريبًا المسافة بين آسيا وأمريكا الشمالية عندما انحسر المجرى البحري بينهما، ومع ذلك، فإن النتائج لا تزال أولية، ويؤكد خبراء آخرون أن التيركس قد تطور في أمريكا الشمالية.
 
مظهر مهيب

أطلق على أكبر وأكثر هيكل عظمي مكتمل لتيركس على الإطلاق اسم سو Sue، نسبةً لمكتشفه عالم الحفريات سو هندريكسون Sue Hendrickson. تشير قياسات سو إلى أن التيركس كان واحدًا من أكبر الديناصورات آكلة اللحوم التي عاشت على الإطلاق، حيث وصل ارتفاعه إلى 13 قدمًا (4 أمتار) عند الوركين (أعلى نقطة للوحش حيث لم يقف منتصبًا)، ووصل طوله إلى 40 قدمًا (12.3 م). أظهر تحليل حديث لسو، نُشر في عام 2011 في مجلة PLOS ONE، أن وزنه قد وصل إلى 9 أطنانٍ (نحو 8160 كغ).
 

حقوق الصورة: Calvin J. Hamilton 2003
حقوق الصورة: Calvin J. Hamilton 2003
 
تمتع التيركس بفخذين قويين وذيل قوي وازنَ رأسه الكبير (يبلغ طول رأس سو 1.5 متر) كما سمح له بالتحرك بسرعة. وتشير دراسة عام 2011، التي صاغت أيضًا توزيع عضلات التيركس ومركز كتلته، إلى أنّ سرعة هذا العملاق تراوحت بين 10 و25 ميلًا في الساعة (17 إلى 40 كم في الساعة)، كما قدرت الدراسات السابقة.
 
امتلك التيركس ساعدين ضعيفين، ما يستبعد فرضية أنه استخدمها للقتل أو حتى لإيصال الطعام إلى فمه. ومع ذلك، من المحتمل أن يكون سبب امتلاكه لذراعين صغيرين جدًا يعود إلى عضته القوية، وفقًا لبحث قام به مايكل حبيب Michael Habib، وهو أستاذ مساعد في الخلية الإكلينيكية وعلم الأعصاب في جامعة جنوب كاليفورنيا، وباحث مشارك في معهد الديناصورات في متحف التاريخ الطبيعي في مقاطعة لوس أنجلوس.
 
كان ملك الديناصورات بحاجة إلى عضلات رقبة سميكة لحمل جمجمته الكبيرة ومنح عضاته القوة اللازمة. تتنافس عضلات الرقبة والأذرع على المكان فوق الكتف، ويبدو أن عضلات الرقبة قد برزت من عضلات الذراع في حالة التيركس، وفقًا لأبحاث حبيب. علاوةً على ذلك، يمكن أن تُكسر الأذرع الطويلة، كما أنها عرضة للإصابة بالأمراض، وتستهلك طاقةً أكثر، لذا، فإن وجود أذرعٍ قصيرة قد يكون مفيدًا للملك على المدى البعيد، كما يُظهر بحث حبيب.
 
صورة فنية تكشف عن الهيكل العظمي للتيركس. حقوق الصورة: Scott Hartman / All rights reserved
صورة فنية تكشف عن الهيكل العظمي للتيركس. حقوق الصورة: Scott Hartman / All rights reserved
 
ونتيجةً لصغر حجم ذراعي التيركس، فقد تُرك العمل الحقيقي للقبض على الفريسة لجمجمته الضخمة. فقد تمتع التيركس بأقوى عضةٍ لأي حيوان بريٍّ عاش على الإطلاق، وفقًا لدراسة أُجريت عام 2012 ونُشرت في مجلة Biology Letters. يمكن لقوة عضة هذا الديناصور أن تصل إلى 12814 رطلًا (57000 نيوتن)، وهذا ما يعادل تقريبًا القوة الناجمة عن جلوس فيل متوسط الحجم.
 
امتلك التيركس فمًا ممتلئًا بالأسنان المحدبة، حيث تمتع بأسنان تعتبر الأكبر بين الديناصورات الآكلة للحوم على الإطلاق بطول 12 بوصة (30 سنتيمتر). ولكن لم تؤدي كل أسنان التيكرس الوظيفة نفسها، وفقاً لدراسة أُجريت عام 2012 ونُشرت في المجلة الكندية لعلوم الأرض. فقد استعمل التيركس أسنانه الأمامية خصيصًا للقبض على الفريسة وسحبها، بينما استعمل أسنانه الجانبية لتمزيق اللحم، واستعمل أسنانه الخلفية لتقطيع اللحم ودفعه باتجاه الحلق، ووجدت الدراسة أن أسنان التيركس كانت واسعة ومملة إلى حد ما (بدلًا من كونها مسطحة ونحيفة)، مما يسمح للأسنان بمقاومة القوى التي تمارسها الفريسة المقاومة.
 
قد يكون التيركس كبيرًا، ولكن أسلافه كانت صغيرة، حيث نشأت أول التايرانوصورات التي تراوح حجمها من حجم الإنسان إلى حجم الحصان، منذ نحو 170 مليون سنة في منتصف العصر الجوراسي، وعلى الرغم من افتقارها إلى القامة، فقد امتلكت هذه التايرانوصورات الصغيرة أدمغة متقدمة وإدراكات حسية متطورة، بما في ذلك السمع، وذلك وفقًا لدراسة مفصلة نُشرت عام 2016 في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences. كما يقترح اكتشافُ تايرانوصور من منتصف العصر الطباشيري اسمه تيمورلنجيا يووتكا Timurlengia euotica، أن العقول المتقدمة التي طورتها التايرانوصورات -في حين كانت لا تزال صغيرة- ساعدت على أن تصبح المفترسات الأشهر بمجرد أن نمت إلى حجم التيركس.
 
ماذا أكل التيركس؟

كان التيركس آكلًا للحوم، وآكلًا في المقام الأول للديناصورات العاشبة، بما في ذلك الإدمونتوصورس Edmontosaurus والترايسيراتوبس Triceratops. يقول ديفيد برنهام David Burnham، عالم الحفريات بجامعة كانساس، أنّ المفترس حصل على طعامه من خلال جمع بقايا الطعام والصيد، ونما بسرعةٍ كبيرةٍ وأكل مئات الباوندات في كل مرة.

يقول بيرنهام في حديثه مع موقع Live Science: "كان التيركس على الأرجح انتهازيًا وربما كان يتغذى على الجثث، ولكن هذا ليس مصدرًا غذائيًا وفيرًا أو ثابتًا. كانت حياة التيركس شاقة، حيث توجب عليه الخروج للقتل من أجل الطعام عندما كان يشعر بالجوع".

 
لسنوات عديدة، كان الدليل على أنّ التيركس اصطاد في الواقع وجباته دليلًا استنباطيًا، وكان يتضمن أشياء مثل عظامٍ تحتوي على علامات عض، وأسنانٍ بالقرب من الجثث وآثار أقدام تدل على حدوث مُلاحقات، وذلك وفقًا لما قاله بورنهام. ولكن في دراسة أجريت عام 2013 ونُشرت في مجلة Proceedings of the National Academy of Science، كشف برنهام وزملاؤه عن أدلة مباشرة على طبيعة التيركس المفترسة: حيث اكتشفوا أسنانًا مغروسةً في عظم ذيل ديناصور منقار البط duckbill dinosaur، والتي التأمت فوق الأسنان (بمعنى أنّ الديناصور قد لاذ بالفرار).
 
يقول برنهام معلقًا على ذلك الاكتشاف: "لقد وجدنا الدليل القاطع، نعلم الآن من خلال هذا الاكتشاف أن الوحش الذي راود مخيلتنا حقيقي". وبالإضافة إلى ذلك، تغذى التيركس على أبناء جنسه أيضًا، وفقًا لتحليل أجري عام 2010 ونُشر في مجلة PLOS ONE لعظام تيركس مع جروحٍ عميقة ناتجة عن أسنان تيركس آخر. ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الديناصورات قد حاربت حتى الموت لأكل لحم أبناء جنسها أو أنها تناولت الجثث فقط.
 
يبقى العلماء غير متأكدين مما إذا كان التيركس قد اصطاد بمفرده أو في مجموعات. في عام 2014، وجد الباحثون آثار أقدام ديناصورات في سفوح جبال روكي الكندية في كولومبيا البريطانية (من بين آثار الأقدام السبعة)، ينتمي ثلاثة إلى تايرانوصورات، وعلى الأرجح إلى ألبيرتوسوروس أو غورغوسوروس أو داسبلتوسوروس. وتقترح الدراسة التي نُشرت في مجلة PLOS ONE، أنّ أقارب التيركس، على الأقل، قد اصطادوا في مجموعات.
 
متى وأين عاش التيركس؟

عُثر على مستحاثات التيركس في مجموعة متنوعة من التكوينات الصخرية التي يرجع تاريخها إلى العصر الماستريخي Maastrichtian age من العصر الطباشيري العلوي، والذي استمر من 67 مليون إلى 65 مليون سنة مضت، إلى نهاية الحقبة الوسطى Mesozoic Era. وكان من بين آخر الديناصورات غير الطائرة التي كانت موجودة قبل انقراض العصر الطباشيري الباليوجيني، الذي قضى على الديناصورات.

بسبب كون التيركس أكثر قدرةً على التحرك من العديد من الديناصورات البرية الأخرى فقد تجول في جميع أنحاء ما يعرف الآن بغرب أمريكا الشمالية، في قارةٍ تُعرف باسم لاراميديا Laramidia. وقد اكتَشِف أكثر من 50 هيكلًا عظميًا وفقًا لـ National Geographic، بعض هذه البقايا عبارة عن هياكل عظمية كاملة تقريبًا، وشملت على الأقل هيكلًا عظميًا واحدًا يحتوي على أنسجةٍ رخوةٍ وبروتينات. 

 
اكتشف جامع الحفريات بارنوم براون Barnum Brown أول هيكل عظمي جزئي لتيركس في جزء مونتانا من تكوين هيل كريك Hell Creek Formation في عام 1902. وفي وقت لاحق، باع هذه العينة إلى متحف كارنيجي للتاريخ الطبيعي في بيتسبرغ. كما يُعرض اكتشاف أحفوري آخر له لتيركس، من هيل كريك أيضًا، في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في نيويورك.
 
في عام 2007، اكتشف العلماء ما قد يكون بصمة قدم تيركس في هيل كريك، ووصفوا اكتشافهم في مجلة Palaios. وإذا كانت آثار الأقدام هذه تعود في الواقع إلى تيركس، فسيكون ذلك ثاني أثر قدم مؤكد لتيركس، حيث اكتشف الأول في ولاية نيومكسيكو في عام 1993.
 
Credit: Ross Toro, Livescience contributor
Credit: Ross Toro, Livescience contributor
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات