يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
كيف تستخدم العناكب الحرير اللزج للفوز بمباراة مصارعة مميتة؟

يا له من عالمٍ عُدواني! تتغذى فيه العناكب على بعضها البعض، لقد سجّلت أجهزة كاميرا فائقة السرعة أول لقطة تبين كيفية صيد العناكب الأرضية لعناكب أخرى وأحيانا أكبر منها حجمًا وذلك عبر تقييدها بالحرير اللزج.

تُعتبر العناكب الأرضية أحد أنواع عائلة العناكب الأرضية Gnaphosidae التي تضم ألفي نوع من العناكب نجدها في شتى أرجاء العالم، لا تصنع هذه العناكب الأرضية عادةً شباكًا، ولكن بدلًا من ذك، تُطارد فرائسها أرضًا وتقاتلها كخصمين متكافئين.

ولنتعرف أكثر عن تقنية صيدهم تلك، وضع جوناس وولف Jonas Wolff وزملاؤه من جامعة ماكاري بمدينة سيدني في أستراليا بعض العناكبِ الأرضية في وعاء مع عناكب أخرى أو صراصير وصوّروها من الأسفل.

 


قبضة محكمة


في بعض الأحيان لم تستخدم العناكب الأرضية الحرير إطلاقًا، ولكن بدلًا من ذلك، أمسكت مباشرة بفريستها باستخدام قوائمها الأمامية وسحقتها، وفي أغلب الأحيان تتبع هذه العناكب هذه التقنية أولًا، ولكن سرعان ما تنتقل لاستخدام الحرير إذا ما اتضح أن الفريسة كبيرة جدًا، حيث تُلصِقُ العناكب الأرضية الحريرَ في أرضية الوعاء قبل أن تجري حول فريستها بسرعةٍ ملصقةً الخيوط الحريرية بأرجل ضحيتها أثناء محاولتها الهرب.

تُنتِجُ العناكب الأرضية حريرها في أعضاء داخلّية تُسمى الغدد الكمثرية piriform glands، تستخدم معظم العناكب حرير هذه الغدد في لصق خيوط شباكها البنائية بالأسطح، أما في حالة العناكب الأرضية تستطيل هذه الغدد ويطرأ عليها بعض التعديلات تُمكِّن العناكب من بصق طبقة سميكة من الصمغ بسرعة فائقة.

إنّ الأنابيب المسؤولة عن بصق الحرير تبقى عادة منكمشة بداخل جسم العنكبوت، ولكن إذا ما بدأت العناكب بشن هجماتها تستطيل هذه الأنابيب، وتساعد هذه الآلية في منع انسداد الأنابيب.إن اصطياد فريسة أكبر م المفترس هي بلا شك استراتيجية خطيرة، ووُجِد أنّ أحد أنواع العناكب التي درسها فريق وولف تصدَّت لهجمات العناكب الأرضية عبر عضها، بل وتنجح في بعض الأحيان في قتل مفترسيها.

يصرّح وولف: "إنّ الخطر موجود ويمكِن للعناكب الأرضية التقليل من أثره فقط بربط فرائسها بسرعة بالشباك، والعمل على شل حركتها ولكن هذا لا يعني التصدي الكامل للخطر".

حرير شديد الالتصاق


وكشف وولف وزملاؤه لأول مرة خصائص المواد المكونة لحرير العناكب الأرضية المُنتَج من الغدة الكمثرية، كما كان تجميع هذا الحرير وتحليله بمثابة تحدٍ كبير وذلك لقدرته العالية على الالتصاق، وقال وولف: "يتكون الحرير من ألياف مفردة صغيرة للغاية تهيئه للالتصاق بالأرضية، ذلك هو الهدف منها، لذلك استخدمنا بوليمر رغوي يمكننا من إزالته بدون إلحاق أي أذى بالألياف الحريرية."

تَجمع الألياف الحريرية بين خصائص الالتصاق القوي والمرونة، فعندما تكافح الفريسة للتخلص من الحرير فهي تدفع به لكي تتحرر، ولكن مرونة الألياف الحريرية تعني أنها لن تتقطع وبالتالي ستظل الفريسة عالقة به كما هي، ويقول وولف: "هذه الخاصية غير موجودة في الأصماغ الصِناعية".

ويأمل وولف أن يدرس حرير العناكب الأخرى ليتعرف أكثر على كيفية لصق هذه العناكب شبكات حريرها بالأشياء، إذ يقول: "أعتقدُ أنّ بإمكانِنا الاستفادة من هذه الدراسة في صناعة الأصماغ وتصميم المواد اللاصقة".

إنّ دراسة العناكب شيء ممتع كما يصرِّح ستانو بيكار Stano Prkar من جامعة مازاريك في برنو بجمهورية التشيك، ويتابع: "على أي حال، عناكب عائلة العناكب الأرضية في غاية التنوّع، ولا تمتلك كل الأنواع بنية الغدد الحريرية تلك، لذلك سيكون محط نظر الدراسات المستقبلية متمركزًا حول العوامل الغذائية والبيئية التي ساهمت بتشكيل وتطوير هذا التكتيك الهجومي".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات