هل سنتمكن من استخدام سم العناكب المميتة في منع أذية الدماغ بعد السكتات الدماغية؟

التاريخ: 21 آذار 2017

ينبع الأمل من أكثر الأماكن غير المُتوَقَّعة. بيتر دوكريل PETER DOCKRILL

يعدُّ عنكبوت الشبكة القمعية الأسترالي أكثر العناكب المميتة في العالم، ولكن قد يملك هذا المفترس السامّ الحلّ لمنع أذية الدماغ الناتجة عن السكتة الدماغية.

يعاني خمسة ملايين شخصٍ كلّ عامٍ من أذيةٍ دماغيةٍ بعد نجاتهم من السكتة الدماغية، ولكن قد يتمكن بروتين مُكتَشَف حديثًا وُجِد في سمّ عنكبوت الشبكة القمعية (والذي يُدعى هادرونيش إنفينسا Hadronyche infensa) من حماية الخلايا العصبية من الموت الخلوي حتى وإن قُدِّمَ بعد عدّة ساعاتٍ من حدوث السكتة الدماغية.

يقول الباحث في السموم غلين كينغ Glenn King من جامعة غوينسلاند Queensland في أستراليا: "نعتقد أننا وجدنا وللمرة الأولى طريقةً لتقليل آثار الأذية الدماغية بعد سكتةٍ دماغيةٍ. يثبّط هذا البروتين الصغير الذي اكتشفناه واختصاره (Hi1a) القنوات الأيونية الحساسة للحمض في الدماغ والتي هي عواملُ أساسيةٌ بالأذية الدماغية بعد السكتة".

في معظم السكتات التي تُدعى بالسكتات الإقفارية ischemic strokes يتوقف إمداد الدماغ بالدم والأوكسجين ويبدأ الجسم بتفكيك الغلوكوز ليعوّض عن جوعه للأوكسجين ونتيجةً لذلك تتشكّل حموضٌ قادرةٌ على قتل خلايا الدماغ. ولكن يستطيع البروتين Hi1a (والذي اختبره العلماء عند الجرذان) إيقاف حدوث هذه العملية حيث يثبط قدرة الخلايا الدماغية على كشف التركيب الحمضي وبالتالي يمنع موت الخلايا العصبية.

اكتُشِفَ هذا البروتين مصادفةً عندما كان الباحثون يتابعون الحمض الريبي النووي المنزوع الأوكسجين DNA عند العنكبوت Hadronyche infensa ولاحظوا أنَّ الببتيد يشابه جزيئيًا البسالموتوكسين Psalmotoxin الذي يُرمَز له اختصارًا PcTx1 (وهو مركبٌ معزولٌ من سمّ الرتيلاء، العنكبوت الذئبي، والذي أظهر سابقًا حمايته لأدمغة الجرذ أثناء سكتاتٍ استحَثّها العلماء).

شجع هذا التشابه الباحثين على استخراج السم من ثلاث عيناتٍ من العنكبوت Hadroyche infensa لمعرفة إن كانوا قادرين على صنع البروتين وزيادة تأثيرات PcTx1 مع Hi1a. يقول King لإيان سامبل Ian Sample من دورية The Guardian:"وقد ثبت البروتين أنه أكثر فعالية".

بالتجربة على جرذان تعرضت لسكتاتٍ دماغيةٍ مُفتَعَلة قللَ البروتين امتداد الأذية الدماغية أكثر من 80% في منطقة penumbral من القشر عند الحيوانات وذلك عند إعطائه بعد ساعتين من السكتة، مقارنةً مع جرذانٍ شاهدةٍ لم تُعطَ المركبّ السابق. يقول King لـ Guardian:"تفاعلت الجرذان غير المُعالجة بشكلٍ سيءٍ جدًّا بعد السكتة، وكان أداؤها العصبي والحركي مريعًا. بينما أعاد العلاج بـ Hi1a هذه الوظائف إلى الحالة الطبيعية". وأثبت البروتين فعاليته في الجرذان عند إعطائه بعد عدة ساعاتٍ من حدوث السكتة، وذلك عاملٌ مهمٌّ فعلًا حيث أنَّ الناس الذين يتعرضون لسكتاتٍ دماغيةٍ قد لا يتمكنون دائمًا من تلقي العلاج المشفوي مباشرةً.

تقلّل جرعةٌ وحيدةٌ تُعطى بعد 8 ساعاتٍ من السكتة حجم الأذية الدماغية في منطقة penumbral بنسبة 65% وتوفر كذلك حمايةً لمنطقة اللب المخطط striatal core القافرة عند الجرذان.

يشرح الباحثون في مقالهم: "النسيج الذي يتأثر مباشرةً بنقص الأكسجة يُعتَبَر مُقاوِم للتدخل العلاجي".

وبالطبع ليس لدينا دليلٌ قاطعٌ على أنَّ قدرات Hi1a على الحماية قابلةٌ للتطبيق على البشر أيضًا، ولكن الباحثين متفائلون ويضعون خططًا لإجراء تجاربَ سريريةٍ تتضمن مرضى السكتات الدماغية في العامين القادمين. يقول أعضاء الفريق في حال نجحت تلك التجارب وأثبتنا سلامة البروتين سنتمكن يومًا ما من إعطاء العلاج على شكل حقنٍ ضمن الدماغ أو عبر الأنف. إن تحقق ذلك فسوف يكون الدواء الأول الذي يقاوم أذية الدماغ الناتجة عن السكتة الدماغية، سادًّا بذلك فراغًا كبيرًا في عالم العلاج الطبي الذي نحن بأشدِّ الحاجة لتعبئته.

يقول King لجون روس John Ross من المجلة الدورية The Australian:"إنه المُسَبِّب الثاني للموت حول العالم وليس لدينا أيّ دواء لإصلاحه".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات