أين اختفت المادة المضادة؟

صورة لتجربة Large Hadron Collider Beauty في سيرن CERN.
حقوق الصورة: CERN


يرى الباحثون أنه يمكن للفروقات ما بين المادة العادية والمادة المضادة أن تسهم في تفسير العوَز في وجود المادة المضادة اليوم.


كان من الممكن أن نكون اليوم موجودين في كونٍ من المادة المضادة، لكن ذلك لم يحصل. المادة المضادة هي توأم المادة العادية التي نعرفها لكنها معكوسة الصفات، ولكل جُسيمٍ من المادة ندٌّ من المادة المضادة يعاكسه بالشحنة. ويعتقد الفيزيائيون أن الكون بدأ وفيه من المادة المضادة بقدر ما فيه من المادة العادية، لكن غالبية المادة المضادة قد فَنِيت في وقتٍ مبكر، وهُم يظنون أنهم أصبحوا على بعد خطوة من معرفة السبب.

فقد اكتشف الباحثون العاملون في تجربة LHCb في مصادم الهادرون الكبير LHC التابع لمركز الأبحاث النووية الأوربي CERN أن نسخة الكوارك الساحر charm العادية تسلك سلوكًا مختلفًا عن الكوارك المضاد له. والكوارك الساحر هو أحد أنواع، أو "نكهات"، الكواركات الستة والتي هي صنف من أصناف الجسيمات الأولية. ففي الدراسة التي قُدمت في مؤتمر Rencontres de Moriond المخصص للجسيمات الدقيقة في إيطاليا وجد الفيزيائيون أن الجُسيم غير المستقر المسمى ميزون D0، الذي يضم في تكوينه الكوارك الساحر، يتفكك إلى جسيمات أكثر استقرارًا بمعدلٍ يختلف قليلًا عن معدل تفكك مقابله من المادة المضادة، أي الميزون الذي يحوي الكوارك الساحر المضاد. ويمكن لمثل هذه الاختلافات أن تفسر كيفية نشوء عدم التناظر ما بين المادة العادية والمادة المضادة بعد الانفجار الكبير، الأمر الذي أدى إلى كونٍ مكونٍ بالغالب من المادة العادية.

تُفني المادة العادية والمادة المضادة بعضهما البعض عند تلاقيهما، ويرى الباحثون أن هذا أدى إلى اختفاء تقريبًا جميع المادة المضادة التي كانت موجودة في الكون ومعها طبعًا قدرٌ كبيرٌ من المادة العادية. ولكن ما بقي عصيًا على الفهم هو كيف تمكنت قلةٌ قليلةٌ من المادة العادية من النجاة، لتبقى وتُشكِّل النجوم والكواكب وبقية أجرام الكون. وعليه سعى الفيزيائيون في بحثهم إلى اكتشاف المادة العادية التي يكون سلكوها مختلفًا عن المادة المضادة لها، بحيث كان لها من الوقت ما يسمح بنشوء الزيادة التي نراها اليوم للمادة العادية على المادة المضادة.

لكن تبين أن الاختلاف في معدل التفكك المكتشف مؤخرًا لدى الكوارك الساحر العادي والمضاد له ضئيلٌ جدًا لدرجةٍ لا تسمح باعتباره سببًا للوفرة التي نراها في الكون للمادة العادية. ومع ذلك فإن هذه النتيجة "تقربنا خطوةً إلى إيجاد الجواب الصحيح، لأنها تُعلمنا أن أحد الخيارات الممكنة ليس هو الجواب." وفق ما قال يوفال غروسمان Yuval Grossman، الفيزيائي النظري من جامعة كورنيل Cornell المشارك في الدراسة الأخيرة.

لقد سبق للفيزيائيين أن وجدوا تبايناتٍ مشابهة في نكهتين (أي نوعين) من الكواركات، لكنها كانت طفيفةً جداَ بحيث لا يمكن أن نعتبرها سببًا لنشوء كونٍ تُسيطر عليه المادة العادية على حساب المادة المضادة.

ما يزال الأمل يحدو العلماء لإيجاد مبرراتٍ أهم في مكانٍ ما، يمكن أن تكون الجسيمات الشبحية التي نسميها النيوترينونات neutrinos، أو تفاعلات تتضمن بوزونات هيجز Higgs boson، وهو الجسيم الذي يمنح الجسيمات الأخرى كتلها. حيث يقول أحد أعضاء تجربة LHCb شيلدون ستون Sheldon Stone من جامعة سيراكيوز: "هناك العديد من عمليات البحث التي تجري حالياً."

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات