عندما يكون دماغك ممتلئًا عن آخره، أنت تسمع بأذنك اليمنى بصورة أفضل 

إن أردت حقًا الاستماع إلى شيءٍ جيدًا، ربما يجب عليك أن تحاول إمالة رأسك قليلًا لتوجه الصوت إلى أذنك اليمنى أكثر من اليسرى. فتبعًا لدراسةٍ جديدةٍ، عندما يكون الدماغ مجهدًا بحملٍ إدراكيٍّ فإن البشر يميلون إلى الاعتماد بصورةٍ أكبر على الأذن اليمنى من أجل معالجة واستبقاء المعلومات الصوتية.

يُعرف هذا باسم Dichotic right-ear advantage أو أفضلية الأذن اليمنى في الاستماع الثنائي، وهو ما لدينا بعض العلم بشأنه منذ بعض الوقت. إذ وُصِف لأوّل مرةٍ عام 1967 ورُبِط بالنصف الأيسر من المخ باعتباره، في الأشخاص الطبيعيين، النصف السائد في عملية معالجة اللغة. وفي 1973، نشر بعض الباحثين ورقةً أوضحوا فيها بأن هذه الأفضلية للأذن اليمنى ظهرت في الأطفال ما بين عمر الـ 5 والـ 13 وكانت بالفعل مكتملةً في عمر الـ 5. بالإضافة لذلك، أظهرت دراسةٌ عام 1974 بأنه مع زيادة صعوبة الاستماع تزداد أفضلية الأذن اليمنى.

يمكن استخدام تجارب الاستماع الثنائي أيضًا في تشخيص اضطرابات المعالجة السمعية واضطرابات الفهم والتي قد تسبب هلاوس سمعيةً مثل مرض انفصام الشخصية schizophrenia.

تشمل هذه التجارب إمداد تيارَين مختلفَين من المعلومات الصوتية عن طريق سماعات الأذن، واحدٍ لكلّ أذنٍ. يكون هذان التياران في الأغلب كلامًا، أو صوتًا يقرأ جملًا، أو سلاسلَ من الأرقام، ويختبر الشخص موضوع الاختبار بالتركيز على جانبٍ واحدٍ (فصلٍ) أو كليهما (تكاملٍ)، ومن ثم تكرار الكلمات.

أراد الكاتب في هذا البحث الجديد أن يحدد ما إذا كانت أفضلية الأذن اليمنى لا تزال قائمةً حتى وعلى الرغم من ضجيج الخلفية والمقاطعات التي يتعرض لها البشر في الحياة اليومية بدلًا من الإعدادات المركزة التي تُقام بها هذه الاختبارات.

يقول الباحث الرئيسي دانيال ساشينيلي Danielle Sacchinelli من جامعة أوبورن بولاية ألاباما Auburn University: "كلما عرفنا عن الاستماع في البيئات المتطلبة، وجهود الاستماع بشكلٍ عامٍ، تصبح أدوات التشخيص والإدارة السمعية (بما في ذلك المساعدات السمعية) والتدريب السمعي أفضل".

وعلى الرغم من وضوح بأن أفضلية الأذن اليمنى لا تزال قائمةً مع البلوغ، إلا أن الباحثين يريدون تحديد مدى المحافظة عليها، ويرجع ذلك إلى كيفية تطور أفضلية الأذن اليمنى. فنحن نسمع أصواتًا مختلفةً قليلًا في كلّ أذنٍ، ثم تُدمَج في النظام السمعي. ومع ذلك، فإن النظم السمعية للأطفال تعاني من صعوبةٍ أكبر مع هذه المهمة المعقدة، لذلك فهي تعتمد بشكلٍ أكبر على الأذن اليمنى.

وقد أوضح فريق البحث بأن أنظمة السمع لدى البالغين هي أفضل في معالجة وجمع الإشارات السمعية، وبالتالي فإن أفضلية الأذن اليمنى تنحسر. تقول معاونة الباحث أورورا ويفر Aurora Weaver: "مع تقدم العمر، يصبح لدينا تحكمٌ أكبر في وعينا لمعالجة المعلومات نتيجةً للنضج والتجربة".

قام الباحثون بإدراج 41 من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و82 للمشاركة في عددٍ من اختبارات فصل وتكامل الاستماع الثنائي. ومع كلّ اختبارٍ، يزداد عدد العناصر في القائمة التي تُتلى من خلال سماعات الرأس بنسبة واحد. ما وجدوه هو أنه لم يكن هناك فرقٌ بين مدى احتفاظ المشاركين بالمعلومات التي تُدخَل في آذانهم اليسرى أو آذانهم اليمنى عندما يكون عدد العناصر يساوي أو أقل من سعة ذاكرة الشخص.

ومع ذلك، عند تجاوز عدد العناصر سعة الذاكرة الخاصة بهم، فإن قدرتهم على تذكر العناصر التي سمعتها آذانهم اليمنى كانت أكبر من قدرتهم على تذكر العناصر التي سمعتها آذانهم اليسرى. في المتوسط، كان هذا التحسن 8%، ولكن في بعض الأفراد، كان يصل إلى 40%.

تقول ويفر: "تظهر الأبحاث التقليدية أن أفضلية الأذن اليمنى تتناقص حول سن 13، ولكن نتائجنا تشير إلى أن هذا يتعلق بمتطلبات المهمة. المهارات المعرفية، بالطبع، عرضةٌ للتراجع مع الشيخوخة المتقدمة، أو المرض، أو الصدمة، ولذلك نحن بحاجةٍ إلى فهمٍ أفضل لتأثير المتطلبات المعرفية على الاستماع".

وقد قدم الفريق أبحاثه في الاجتماع 174 لـ Acoustical Society of America.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات