السوبرنوفات المنعزلة لغزٌ محير!

 

أقزام بيضاء تصدم نجوم نيوترونية، لتشرح الأسباب الكامنة وراء وجود سوبرنوفات منعزلة.

هذا الاهتمام المقترن بالإذهال راجع إلى كون هذه المستعرات العظيمة تنفجر في أماكن غريبة وغير متوقعة. يحاول العلماء شرح الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة التي تبدو وكأنها لا تخضع لقوانين الطبيعة.


اكتشف فريق بحث، يقوده فلكيون وفيزيائيون من جامعة ورويك، بعض السوبرنوفات المنعزلة في الكون ومن المرجح أنها نتجت عن تصادمات بين نجوم قزمة بيضاء ونجوم نيوترونية. 

الدكتور جوزيف ليمان (Joseph Lyman) من جامعة ورويك هو الباحث الرئيسي في الورقة العلمية "أسلاف لعابرين أغنياء بالكالسيوم لم يتشكلوا في الموقع"، التي نُشرت اليوم في مجلة  Royal Astronomical Society. 

 

يقول الدكتور ليمان: "تفحص ورقتنا ما يُسمى بالعابرين ‘الأغنياء بالكالسيوم‘. وهي عبارة عن انفجارات لامعة وتستمر عند مقياس زمني يمتد على أسابيع. على أية حال، هذه الانفجارات ليست لامعة مثل السوبرنوفات التقليدية ولا تُوجد لفترات زمنية طويلة مثلها، مما يجعل من عملية اكتشافها ودراستها التفصيلية أمراً صعباً".

أوضحت الدراسات السابقة أن الكالسيوم يُكون ما يصل إلى حوالي نصف المواد المقذوفة في مثل هذه الانفجارات مقارنةً بجزءٍ صغير موجود في حالة السوبرنوفات العادية. ويعني هذا الأمر أن هذه الأحداث الغريبة ربما تكون في الواقع عبارة عن منتجي الكالسيوم في كوننا. 

 

ويعلق الدكتور ليمان قائلاً: "أحد اكثر الجوانب غموضاً هو أنها تنفجر في مواقع استثنائية. على سبيل المثال، إذا نظرت إلى مجرة ما، تتوقع أن أي انفجار سيحصل على طول خط الضوء الذي تراه قادماً من المجرة لأن هذا الخط يُوجد حيث تُقيم النجوم. على أية حال، ينفجر قسم كبير منها عند مسافاتٍ ضخمة وبعيدة عن مجراتها، حيث يكون عدد الأنظمة النجمية أقل ما يمكن". 

ويتابع ليمان: "ما قمنا بمواجهته في هذه الورقة هو معرفة فيما إذا وُجد أي أنظمة في الأماكن التي انفجر داخلها أولئك العابرين. فعلى سبيل المثال، ربما تُوجد مجرة قزمة خافتة جداً هناك، مما يشرح بالتالي هذه المواقع الغريبة. قمنا بإجراء مراقبات بحثاً عن مجرات خافتة جداً بقدر ما نملك من قدرة، ولكننا لم نجد في الواقع أي منها في موقع أولئك العابرين –لذلك يُصبح السؤال: كيف وصلوا إلى هناك؟"

 

يُمكن مشاهدة العابرين الأغنياء بالكالسيوم، الذين تمَّ رصدهم حتى يومنا هذا، على بعد عشرات الآلاف من البارثانية عن المجرات الأم المحتملة، مع وجود ثلث تلك الأحداث على بعد حوالي 65000 سنة ضوئية عن المجرة الأم المحتملة. 

استخدم الفريق مراقبات التلسكوب الكبير جداً في تشيلي وتلسكوب هابل الفضائي للحصول على أقرب الأمثلة عن هؤلاء الأجسام العابرة الغنية بالكالسيوم من أجل محاولة كشف أي شيء يُمكن أن تتركه ورائها أو في محيط منطقة الانفجار. 

 

سمحت المراقبات العميقة التي تمَّ أخذها باستبعاد وجود المجرات القزمة الخافتة أو العناقيد النجمية الكروية في مواقع الأمثلة القريبة عن تلك الأجسام. وأكثر من ذلك، فعلى الرغم من كونها أكثر خفوتاً، ينص الشرح المتعلق بالسوبرنوفات ذات القلب المنهار، التي تُشابه العابرين الأغنياء بالكالسيوم، على انهيار قلب نجم فائق الكتلة موجود في نظام ثنائي، حيث يتم تجريد النجم الفائق الكتلة من المواد ليعاني من الانهيار لاحقاً. لم يجد الفلكيون أي أدلة على نجاة المرافق الموجود في النظام الثنائي أو على وجود نجوم فائقة الكتلة في الجوار، مما سمح لهم بالتالي برفض النجوم الفائقة الكتلة كسلفٍ محتمل للعابرين الأغنياء بالكالسيوم.

 

وفي الورقة العلمية، يقول البروفسور اندرو ليفان (Andrew Levan) من قسم الفيزياء في جامعة ورويك: "بدا لنا وبشكلٍ كبير أن النجوم فائقة الكتلة والسرعة لا يُمكنها شرح مواقع هذه السوبرنوفات. يجب أن تكون أقل كتلة وأن تتمتع بحياةٍ أطول، لكنها مع ذلك تبقى نوعاً ما من أنواع الأنظمة الثنائية، حيث لا نعرف أي طريقة يُمكن من خلالها لنجم وحيد منخفض الكتلة أن ينفجر على شكل سوبرنوفا من تلقاء نفسه، أو أن يخلق حدثاً يُشابه السوبرنوفا".

 

بعد ذلك، قارن الباحثون بياناتهم مع ما هو معروف عن الانفجارات غاما قصيرة الأمد (SGRBs). تحصل هذه الانفجارات أيضاً في أماكن بعيدة، حيث لم يتم اكتشاف مجرة. من المعروف أن الـ SGRBs تحصل عندما يتصادم نجمان نيوترونيان، أو عندما يندمج نجم نيوتروني مع ثقب أسود –حفز هذا الأمر اكتشاف الكيلونوفا المرافقة لـ SGRB والفضل في ذلك يعود إلى العمل الذي قاده البروفسور نيل تانفير (Nial Tanvir)، المشارك في هذه الدراسة. على الرغم من أن عملية اندماج نجم نيوتروني مع ثقب أسود لن تشرح مثل هؤلاء العابرين الأغنياء بالكالسيوم، إلا أن فريق البحث أخذ ذلك بعين الاعتبار فيما لو كان التصادم الحاصل قد حدث بين نجم نيوتروني وقزم أبيض، لو كان هذا الأمر صحيح فإنه سيتلائم مع المراقبات والتحليل أيضاً، حيث يُقدم: 

  • الطاقة الكافية لتوليد السطوع الناتج عن العابرين الأغنياء بالكالسيوم. 
  • يُقدم وجود قزم أبيض آلية من أجل إنتاج مواد غنية بالكالسيوم. 
  • يُمكن لوجود النجم النتروني أن يشرح السبب الكامن وراء اكتشاف هذا النظام النجمي في موقعٍ بعيد جداً عن المجرة الأم. 

 

ويقول الدكتور ليمان: "ما قمنا باقتراحه لاحقاً هو أن تلك الأنظمة تم طردها من مجراتها. والمرشح الجيد من أجل هذا السيناريو هو قزم أبيض ونجم نيوتروني موجودين في نظام ثنائي. تشكل النجم النيوتروني عندما عانى نجم فائق الكتلة من سوبرنوفا. تتسبب آلية انفجار السوبرنوفا في جعل النجم النيوتروني يتحرك عند سرعات عالية جداً (100 كيلومتر في الثانية). يُمكن أن تؤدي هذه السرعة إلى إفلات النظام من مجرته، وإذا ما نجا النظام الثنائي من هذه العملية، سيندمج القزم الأبيض والنجم النيوتروني متسببين في انفجار عابر".

 

يلاحظ الباحثون أن مثل هذه الأنظمة الاندماجية للأقزام البيضاء والنجوم النترونية من المرجح أن تقوم بإنتاج انفجارات بالأشعة غاما عالية الطاقة. وبالإضافة إلى ذلك، تُساهم مثل هذه الأنظمة الاندماجية كمصادر معتبرة للأمواج الثقالية، التي من المحتمل اكتشافها خلال التجارب القادمة التي ستسلط الضوء على طبيعة مثل هذه الأنظمة الغريبة.


ملاحظات المحررين

• استخدم العمل مراقبات تمت بوساطة تلسكوب المرصد الأوروبي الجنوبي الموجود في مرصد بارانال ضمن برنامج ID 092.D-0420 وتلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا ووكالة الفضاء الأوروبية، حيث تم الحصول على بيانات من أرشيف هابل الموجود في معهد علوم تلسكوبات الفضاء. 

• تُعبر جامعة ورويك عن امتنانها للدعم القادم من لجنة الكليات العلمية والتكنولوجية في المملكة المتحدة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات