نافذة إلى الجحيم أقوى بركان في آيو يتغير

 "آيو".. قمر ملتهب بالبراكين

حقوق الصورة: NASA/JPL/USGS

وُصفت البراكين من أيسلندا إلى تركمانستان بأنها "بوابات نحو الجحيم"، لكن ليس في المجموعة الشمسية مكان يكون فيه هذا الوصف مناسبًا أكثر من "آيو" Io، ذلك القمر التابع للمشتري، الذي نعرف الآن أنه تقريبًا في حالة ثابتة من الثَّوَران.


وترفض الموادّ المنصهرة أن تبقى مختبئة تحت السطح المتجمِّد والمُشِعّ للقمر آيو، وتعطينا بذلك نافذة لمركز القمر اللزج. لدى آيو واحد من أكثر المنافذ المتواصلة للَّافا، واسمه "لوكي باتيرا" (Loki Patera)، وهو أقوى بركان في المجموعة الشمسية، ويتميّز بتغيير سلوكياته في أثناء مراقبتنا له. ولقد صرده أول مرة فوياجر1 (Voyager1) سنة 1979، ويُعتبر لوكي بحرًا على شكل حدوة حصان تمتدّ على طول 200 كيلومتر من الموادّ المنصهرة التي لم تتوقف عن البقبقة منذ اكتشافه.

منفذ العادم الحراري (Thermal exhaust port)


وعلى الرغم من وجهه الناري، يُعَدّ آيو بعيدًا عن الشمس بما يكفي، إذ يبلغ متوسط درجة حرارة سطحه "-130" درجة مئوية. هذه السطوح الباردة تجمع صقيعًا من ثنائي أكسيد الكبريت الذي يعطيها مظهرًا لامعًا.


لكن لوكي دافئ، ومن ثَم فهو يظهر داكنا، ومع ذلك، يتوهج ساطعًا في موجات الأشعَّة تحت الحمراء، ويرسل أكثر من 10% من انبعاث حرارة القمر بأكمله، وبإمكانك أن تتخيله مثل منفذ عادم حراريّ.

ومع دوران آيو حول كوكب المشتري، تتضاعف حركة المدّ والجزر الثقالية بداخله، وتُخَلّف بذلك كمّيات هائلةً من الطاقة التي يجب أن تصعد إلى السطح. لكن القمر ليس فيه صفحات تكتونية تسمح بانزلاق الصهارة بسهولة.

بدلًا من ذلك تصعد الصهارة عبر أنابيب، ولا تختلف عن البراكين التي أسهمت في بناء هاواي. تثور عدّة انفجارات دورية عبر سطح آيو Io ثم تهدأ، لكن في أماكن أخرى -خـصوصًا في لوكي- يبدو أن القناة تبقى مفتوحة باستمرار.

الجحيم وآلية الساعة


ولا يزال لوكي يتغير مع مرور الزمن حسب إيقاعه الخاصّ. على مدى عقود من الدراسة لاحظ المراقبون وجود نمط ما: كل 540 يومًا، تبدأ موجة ساطعة في طرف بحيرة الحمم البركانية، وتدور عكس عقارب الساعة مثل ماسحات الزجاج الأمامي.

هذه الموجة من الحمم الساخنة تتحرك بسرعة كيلومتر واحد في اليوم، إلى أن تتوهج البحيرة بأكملها، ثم يبرد سطح لوكي فتبدأ العملية من جديد.

قد يُعزَى هذا النمط إلى طبقات جديدة من الحمم تنتشر دوريًّا على سطح البحيرة. عندما تلتقي الحمم الجديدة مع الغلاف الجوي الجليدي لـآيو الموجود بالكاد، فإنها تبرد وتغرق إلى أسفل، وتسمح للحمم الجديدة بالتهامها من أسفل.

لكن عام 2002، عندما اعتقدنا أننا ربطنا لوكي، توقفت هذه العمليات. وعام 2009، حسب عمل قامت به مؤخَّرًا كاثرين دي كلير في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، بدأت هذه العمليات مجدَّدًا، لكنها الآن تتحرك وفق عقارب الساعة؛ سلوك مناسب لشيء سُمّي على اسم إله الاحتيال في الميثولوجيا النوردية!

لماذا؟ لا نفهم حتى الآن. دي كلير وآخَرون خمّنوا أن تغييرًا في تركيبة الحمم قد أدّى إلى هذا التوقُّف، وأن الاتجاه الجديد للحركة قد يكون نتيجةً لانفجار مجاور تَسبَّبَ في بداية الغرق على الطرف الخاطئ من البحيرة.

لا توجد بحيرات حمم من نفس الحجم على الكرة الأرضية، إلا إذا عُدْنا إلى البداية الأولى للكوكب، عندما كانت بحيرات أكبر ممتدّة على سطحه. والأصول الفلكلورية لأسماء البراكين لم تكُن خاطئة، فالبركان قد يكون نافذة لعالَم آخر، أو ربما عالَمنا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات