أستاذة علم فلك من جامعة أمهرست تكتشفُ توهجاً لثقبٍ أسود يُحطِّمُ الرّقم القياسي

 

في سبتمبر الماضي، وبعد سنوات من المراقبة، رَصد وسجل فريق من العلماء بقيادة أستاذة علم الفلك بجامعة أمهريست داريل هاغارد (Daryl Haggard)، أضخم توهج فى الأشعة السينية تم رصده على الإطلاق، وهو قادم من ثقب أسود فائق الضخامة وموجود في مركز مجرة درب التبانة.

ينقل ذلك الحدث الفلكي، الذي تم الكشف عنه من قِبَل مرصد تشاندرا الفضائي للأشعة السينية التابع لوكالة ناسا، المجتمع العلمي خطوة أقرب نحو فهم طبيعة وسلوك الثقوب السوداء فائقة الضخامة.

ناقشت هاغارد وزملائها التوهج فى مؤتمر صحفي خلال اجتماع هذا العام للجمعية الفلكية الأمريكية في سياتل.

الثقوب السوداء فائقة الضخامة هى الأكبر بين أنواع الثقوب السوداء؛ وتمتلك كل مجرة كبيرة إحدى هذه الثقوب فائقة الضخامة. يُسمى الثقب الأسود فائق الضخامة الموجود فى مركز مجرة درب التبانة برامي القوس (Sagittarius A∗) أو إختصارا (Sag A∗)، ويقول العلماء أنه يمتلك كتلة تُعادل أربعة مليون ونصف كتلة شمسنا.

وقد رصد العلماء، الذين يعملون بمرصد تشاندرا، الثقب الأسود فائق الضخامة (SagA∗) مراراً منذ أن تمَّ إطلاق التلسكوب إلى الفضاء في عام 1999 .

استخدمت هاغارد، وعلماء الفضاء المتعاونين، مرصد تشاندرا فى الأساس لمعرفة ما إذا كان (Sag A∗) يستهلك أجزاء من سحابة الغاز المعروفة بـ G2؛ وتقول هاغارد: "لسوء الحظ، لم تتمكن سحابة الغاز G2 من إطلاق ألعابها النارية التى كنَّا نأمل فيها عند اقترابها من (Sag A∗). بالرّغم من ذلك، فإن الطبيعة غالبا ما تفاجئنا وقد أرتنا شيئا أخر كان بالفعل مذهلا". 

اكتشفت هاغارد و فريقها فى سبتمبر الماضي توهج أشعة سينية وقد كان أقوى بحوالي 400 مرة من التى يُنتجها (Sag A∗) في العادة. كان هذا التوهج العملاق أكثر إشراقا بنحو ثلاث مرات من نظيره حامل الرقم القياسى السابق، الذي رُصد فى أوائل عام 2012.

تم رصد توهج عملاق ثاني للأشعة السينية، وكان أكثر إشرقا بحوالي 200 مرة فى حالته الهادئة عن سالفهُ الحاصل في 20 اكتوبر تشرين الأول بواسطة مرصد شاندرا.

لدى هاغارد و فريقها تصورين أساسيين حول ماهية السبب الذى جعل (Sag A∗) يتوهج على هذا النحو المفرط. 

تقول إحدى الفرضيات بأن جاذبية الثقب الأسود فائق الضخامة قد حطمت زوجين من الكويكبات التى تجولت عند مسافة قريبة جداً منه؛ وأصبح الحطام الناتج التوزع المَدي ساخنا جداً وأنتج الاشعة السينية قبل أن يختفى للأبد عبر نقطة اللاعودة فى الثقب الاسود -تُسمى تلك النقطة بأفق الحدث (event horizon). 

يقول فريد باجانوف (Fred Baganoff)، زميل هاغارد والباحث المشارك من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا في كامبردج والحاصل على درجة الإجازة "MA": "إذا تحطم كويكب فإنه سيتحرك حول الثقب الأسود لبضع ساعات -مثلما تتحرك المياه بحركة دائرية فى مصرف مفتوح قبل أن تسقط فيه. وهذه الساعات هي المدة الزمنية التي مكنتنا من رؤية أقوى توهج للأشعة السينية؛ وبناءً على هذا فهي فرضية مثيرة للإهتمام ويجب أن نأخذها بعين الاعتبار". 

لو كانت هذه النظرية صحيحة، فهذا يعنى أن علماء الفضاء قد وجدوا دليلاً على أكبر كويكب قد تحطم على الإطلاق بواسطة الثقب الأسود الموجود في مجرة درب التبانة.

أما النظرية الثانية؛ فهي أنه خلال تدفق المواد تجاه (Sag A∗)، كانت خطوط المجال المغناطيسى محكمة الترابط بشكلٍ استثنائي، ولو كان هذا هو الواقع، فإن خطوط المجال المغناطيسى سوف ترتبط وتعيد تكوين نفسها بين الحين والآخر. وعندما يحدث ذلك، تتحول طاقتها المغناطيسية إلى طاقة حركية وحرارية، وتتسارع الجزيئات التي يمكن أن تُنتج توهج لامع بالأشعة السينية. 

يظهر مثل هذا التوهج المغناطيسى على الشمس، ويمتلك توهج (Sag A∗) نمط شبية بتلك الوقائع الشمسية؛ وتضيف هاغارد: " فى الوقت الحالي، لا يُمكننا أن نُميز بين هذين التصورين شديدى الإختلاف. إنه أمر مثير أن تميّز التواترات بين النماذج، وأن تكون هناك فرصة لحلها بوجود المراقبات الحالية والمستقبلية". 

بالإضافة إلى التوهج العملاق، جمعت هاغارد وفريقها بيانات عن نجم مغناطيسي –وهو نجم نيوتروني بمجال مغناطيسى قوي- يقع بالقرب من (Sag A∗)؛ ويعاني هذا النجم المغناطيسى من انفجارات بالأشعة السينية طويلة الأمد؛ وتسمح بيانات تشاندرا لعلماء الفضاء بفهم هذا الجِرم الاستثنائي بشكلٍ أفضل.

أما بالنسبة لـ G2، فقد قدر العلماء أن سحابة الغاز قامت بأقرب وصول لها في ربيع عام 2014 –إذ بقيت بعيدة حوالي 15 مليار ميل عن حافة الثقب الأسود. وقدر الباحثون أن توهج الأشعة السينية المحطم للأرقام القياسية تمَّ إنتاجه في مكان أقرب بمئة مرة إلى الثقب الأسود، مما يزيد من احتمالية استبعاد أن يكون التوهج الذي رصده تشاندرا مرافق لـ G2.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • أفق الحدث (Event horizon): هي بعدٌ معين عن الثقب الأسود لا يمكن لأي شيء يقطعه الإفلات من الثقب الأسود. بالإضافة إلى ذلك، لا يُمكن لأي شيء أن يمنع جسيم ما من صدم المتفرد الذي يتواجد لفترة قصيرة جداً من الزمن بعد دخول الجسيم عبر الأفق. ووفقاً لهذا المبدأ، فأفق الحدث عبارة عن "نقطة اللاعودة". انظر نصف قطر شفارتزشيلد. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات