الفيزياء العامة (General Physics)

على الرغم من أنَّ موقعنا متخصص بعلم الفلك، إلا أننا نتلقى العديد من الأسئلة المتعلقة بالفيزياء بشكلٍ عام. وهذا الأمر ليس مفاجئاً، لأن علم الفلك والفيزياء مرتبطان ببعضهما في النهاية. الفيزياء هي دراسة القوانين التي تُطبق على الكون. ووفقاً لأفضل فهم حصلنا عليه، فإنَّ هذه القوانين هي نفسها هنا، والآن كما كانت كذلك قبل وقتٍ طويل وفي أماكن بعيدة جداً.

 

لتفسير ما نراه في سماء الليل، نحتاج إلى نظرية طُورت لتشرح ظواهر فيزيائية على الأرض. بالإضافة إلى ذلك، تُقدّم البيئات المتطرفة التي نواجهها في حالات الفيزياء الفلكية "مختبراً" لاختبار تلك النظريات بوجود ظروف لا يُمكننا تأمل خلقها بأنفسنا.


الفيزياء وعلم الفلك

قدَّم اسحاق نيوتن Isaac Newton أول الأمثلة على الصلة الموجودة بين الفيزياء وعلم الفلك في القرن السابع عشر عندما قال بأن قوة الجاذبية التي تسحب الأجسام نحو الأرض هي نفسها القوة التي تُحافظ على دوران الأرض والكواكب الأخرى حول الشمس.

 

في وقتٍ لاحق من القرن التاسع عشر، بدأ علماء الفلك الذين كانوا يدرسون الطيف النجمي (Stellar Spectra) -الأضواء القادمة من النجوم والتي تنشطر إلى مكوناتها اللونية- ملاحظة وجود أنماط محددة شاهدوها وطابقت تلك التي تحصل عندما يسطع الضوء عبر غازات مختلفة موجودة في المختبرات الأرضية.

 

سمح هذا الاكتشاف لعلماء الفلك بحساب التركيب الكيميائي (Chemical Composition) للأغلفة الجوية النجمية (Stellar Atmospheres) وفي الحقيقة، ساعد عملهم في وقتٍ لاحق علماء الفيزياء،  واكتُشف عنصر الهليوم في أطياف الشمس قبل ثلاثين عاماً من اكتشافه هنا على الأرض.

 

في السنوات الحالية، حافظت التطورات السريعة الحاصلة في مجال الفيزياء وعلم الفلك على السباق بينهما. ساعد عملاقا الفيزياء النظرية في القرن العشرين -النسبية العامة (General Relativity) وميكانيك الكم (Quantum Mechanics)- في تفسير عدد ضخم من التطورات الحاصلة في مجال علم الفلك، ويمتد ذلك انطلاقاً من الثقوب السوداء، ومروراً بعلم الكون ووصولاً إلى العمليات المتنوعة التي تؤدي إلى إصدار الضوء وامتصاصه في النجوم، والمجرات، والفضاءات الكائنة بينها.

 

في الوقت نفسه، تتنبأ الفيزياء النووية -وتم اختبار ذلك بوساطة التفاعلات الحاصلة في مراكز النجوم- بالأحداث التي يُمكن أن تحصل في نجوم مثل الشمس أو تلك الحاصلة في الأحداث العنيفة كالمستعرات الفائقة (Supernovae).

 

بصرف النظر عن النجاح المحقق، لا يزال هناك حاجة لبذل الكثير من العمل في مجال الفيزياء وخصوصاً في المجالات المتعلقة بعلم الفلك. يُعرف عن ميكانيك الكم (الذي يتعامل مع الأجسام الصغيرة) والنسبية العامة (التي تتعامل مع الأجسام فائقة الكتلة) تناقضهما مع بعضهما البعض، مما يعني أننا لا نملك في الوقت الحالي فهماً للقوانين التي تُغطي بعضاً من أكثر الظواهر أهمية في كوننا، مثل مراكز الثقوب السوداء، أو الجزء الأول من الثانية التالية للانفجار العظيم (Big Bang).

 

يستمر علماء الفيزياء بالسعي للحصول على كأسهم المقدسة المتمثلة بنظرية موحدة (Unified Theory) تكون قادرةً على شرح كل شيء في الكون ومرة واحدة.  تكمن إحدى الطرق المحتملة من أجل توحيد النسبية العامة وميكانيك الكم معاً في نظرية الأوتار (String Theory) -نموذج نظري للكون لا يزال قيد التطوير وسيتضمن العديد من الأبعاد إضافةً إلى الزمكان (Space-Time) المقبول حالياً.

 

هل ستنجح نظرية الأوتار في النهاية، أم شيء ما جديد سيأخذ مكانها؟ لا نعرف حتى الآن الإجابة عن هذا السؤال، لكن سعي علماء الفيزياء لفهم الكون سيستمر، وستستمر عواقب فهمنا المتزايد بالنمو في كافة المجالات الفلسفية، والدينية، والمجتمعية وغيرها.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • النسبية العامة (General Relativity): هي النظرية الهندسية للجاذبية. تم تطوير هذه النظرية من قبل البرت اينشتاين، و هي توسعة و مزج مع النسبية الخاصة. تقوم هذه النظرية بتوسيع مفهوم نظرية النسبية الخاصة، لتشمل جمل الإحداثيات التي تتحرك بتسارعٍ معين وتقدم هذه النظرية مفهوم التكافؤ بين قوى الجاذبية وقوى القصور الذاتي، كما أن لهذه النظرية مجموعة من النتائج التي تتعلق بكل من هذه المواضيع، كانحناء الضوء جرّاء وجود الأجسام فائقة الكتلة، و طبيعة الثقوب السوداء، و نسيج الزمان والمكان. المصدر: ناسا
  • المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernovae): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا
  • الغلاف الجوي (Atmosphere): هو الغلاف المكون من الغازات المُحيطة بالأرض أو أي كوكب آخر.
  • المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernova): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات