مفعول دوبلر والانفجارات الصوتية

مفعول دوبلر هو: الانزياح الحاصل في طول موجة وتردد الأمواج، ويحدث جرّاء تحرك المصدر بالنسبة للوسط، أو تحرك المستقبِل بالنسبة للوسط، أو حتى تحرك الوسط نفسه. ويرتبط التردد المُدرك (´f) مع التردد الفعلي (\(f_0\))، والسرعات النسبية للمصدر (\(v_s\))، والراصد (\(v_o\))، وسرعة الأمواج (c) في الوسط، وذلك في العلاقة التالية:



\(f ' = f 0 ( c ± v o c ∓ v S ) \)



يعتمد اختيار إشارة (+) أو (-) على الحركة النسبية لكل من المصدر والراصد، فإذا كانت حركتهما النسبية تقودهما نحو بعضهما البعض، فسيكون حينها التردد المُدرَك (´f) أعلى من التردد الفعلي (\(f_0\))، أما إذا كانت حركتهما النسبية تقودهما بعيداً عن بعضهما البعض، فسيكون التردد المُدرَك (´f) أقل من التردد الفعلي(\(f_0\)).

على الرغم من اكتشاف هذه الظاهرة في مجال الأمواج الصوتية في البداية، إلا أن مفعول دوبلر يبقى موجوداً في كل أنواع الأمواج الأخرى بما في ذلك الضوء والأمواج الكهرومغناطيسية الأخرى "على الرغم من أنه بالنسبة للأمواج الكهرومغناطيسية -وبسبب نظرية أينشتاين في النسبية- تهمنا السرعة النسبية فقط، ولا يهم فيما إذا كان المصدر أو الراصد متحركين".

وبالنسبة للأمواج الضوئية، فإنه عادةً ما يُوصف مفعول دوبلر بدلالة الألوان بدلاً من التردد، إذ يحصل الانزياح الأحمر (red shift) عندما يتحرك كلٌ من الراصد والمصدر بعيداً عن بعضهما، ويحدث الانزياح الأزرق (blue shift) عندما يتحركان نحو بعضهما البعض. لذلك يُعتبر الانزياح الأحمر للضوء القادم من المجرات البعيدة دليلاً على توسّع الكون.

توضح الصور المتحركة الموجودة في بقية المقال هذه الظواهر، وذلك باعتبار وجود مصدر متحرك لأمواج صوتية وراصد ساكن.

 مصدر صوتي ساكن


مصدراً صوتياً ساكناً
مصدراً صوتياً ساكناً

 

تُوضح الصورة في اليسار مصدراً صوتياً ساكناً. حيث تُنتَج الأمواج الصوتية عند تردد ثابت (\(f_0\))، وتنتشر جبهات الموجة بشكلٍ متناظر مبتعدةً عن المصدر بسرعة ثابتة v، وهي سرعة الصوت في الوسط.

تُمثل المسافة الموجودة بين جبهات الموجة الطولَ الموجي. سيسمع كل الراصدين نفس التردد، الذي سيكون مساوياً للتردد الفعلي للمصدر.

 

 

 

مصدر يتحرك بسرعة\( v_s < c\) (أي Mach 0.7)


مصدراً صوتياً يُصدر أمواجاً صوتيةً
مصدراً صوتياً يُصدر أمواجاً صوتيةً

 

نشاهد في الصورة المتحركة الموجودة في اليسار مصدراً صوتياً يُصدر أمواجاً صوتيةً عند تردد ثابت في نفس الوسط. على أية حال، يتحرك المصدر الصوتي في هذه الحالة إلى اليمين بسرعة \( v_s=0.7 v\) (أي برقم ماخ مساوٍ لـ 0.7). يتم إنتاج جبهات الموجة عند نفس التردد السابق، ومع ذلك، ولأن المصدر يتحرك، ينزاح مركز جبهة كل موجة إلى اليمين. ونتيجة لذلك، تبدأ جبهات الموجة بالتّراص في الجانب الأيمن (أمام المصدر) وتتباعد عن بعضها في الجانب الأيسر (خلف المصدر). في هذه الحالة، سيسمع الراصد الموجود أمام المصدر ترددا أعلى من التردد الفعلي (\(f´> f_0\))، في حين سيكون ذلك التردد المسموع لدى راصد موجود خلف المصدر أقل من التردد الفعلي (\(f´< f_0\)).

 

 

 كسر حاجز الصوت: مصدر يتحرك بسرعة \(v_s=c\) (أي برقم ماخ مساوٍ لواحد)


 

يتحرك المصدر بسرعة الصوت
يتحرك المصدر بسرعة الصوت

الآن، يتحرك المصدر بسرعة الصوت في الوسط \(v_s=c\) (أي برقم ماخ مساوٍ لواحد)، حيث تبلغ سرعة الصوت في الهواء عند مستوى البحر حوالي 340 متر في الثانية أو 750 ميل في الساعة. في هذه الحالة، تكون جبهات الموجة موجودة جميعها في نفس النقطة أمام المصدر. ونتيجةً لذلك، لن يكتشف الراصد الموجود أمام المصدر أي شيء حتى وصولها إليه، وسيكون الضغط في مقدمة المصدر شديداً جداً (موجة صدمة) جراء تراكم كل جبهات الأمواج معاً، ولن يتم استقبالها كاهتزاز صوتي، وإنما كصدمة قوية أثناء مرور جدار الضغط.


الطلقة مع صورة طائرة "F-18"
الطلقة مع صورة طائرة "F-18"

وتوضح الصورة التالية تحرك طلقة نارية بسرعة ماخ 1.01، ويُمكنك رؤية موجة الصدمة مباشرةً أمام الرصاصة. في الصورة المجاورة للطلقة، نشاهد طائرة يتشكّل حول ذيلها جدار، إذ يقول طيّاروا الطائرات النفاثة أنه لا بد من اختراق هذا الجدار قبل الوصول إلى سرعات فوق صوتية. ينتج هذا الجدار عن جبهة الضغط الشديدة، ويؤدي التحليق داخل هذه الجبهة إلى حركة مضطربة ومهتزة.

يعتبر تشوك ياجر Chuck Yeager أول شخص اخترق حاجز الصوت، وذلك عندما حلّق بسرعة أكبر من سرعة الصوت بالطائرة الصاروخية "X-1" في 14 تشرين الأول/أكتوبر عام 1947. وتُظهر الصورة في اليمين طائرة "F-18" لحظة انتقالها إلى سرعة فوق صوتية.



 

 

مصدر متحرك بسرعة \(v_s > c\) (أي ماخ 1.4)


حطّم المصدر الصوتي حاجز سرعة الصوت
حطّم المصدر الصوتي حاجز سرعة الصوت

الآن، حطّم المصدر الصوتي حاجز سرعة الصوت، وهو يتحرك في الواقع بسرعة أكبر من سرعة الصوت بـ 1.4 مرة (أي ماخ 1.4)، ولأن المصدر يتحرك بسرعة أكبر من الأمواج الصوتية التي يصدرها، سيقود ذلك إلى وجود جبهة موجة متطورة، كما سيمر المصدر الصوتي براصد ساكن قبل أن يسمع ذلك الراصد الصوت الذي أصدره المصدر.

عند مشاهدتك للصورة المتحركة، لاحظ التشكل الواضح لمخروط ماخ (Mach cone)، حيث تعتمد زاويته على نسبة سرعة المصدر إلى سرعة الصوت. وتُسبب الجبهة ذات الضغط الشديد الموجودة في مخروط ماخ موجة الصدمة، التي نسميها بدورنا "الانفجار الصوتي" (sonic boom) الذي يحصل عندما تعبر طائرة فوق صوتية فوقنا.


رصاصة تتحرك بسرعة 2.45 ماخ
رصاصة تتحرك بسرعة 2.45 ماخ

تتطور موجة الصدمة عند سرعة الصوت، ولأنها تتشكل من جميع جبهات الموجة مجتمعةً، فإن الصوت الذي سيسمعه الراصد سيكون شديداً جداً. في العادة تُنتِج الطائرة فوق الصوتية انفجارين صوتيين: أحدهما أمام أنف الطائرة، والآخر عند ذيلها، مما يُودي إلى حصول صدمة مضاعفة (double thump).

يوضح الجزء الأيمن من الشكل التالي صورة لرصاصة تتحرك بسرعة 2.45 ماخ، ونلاحظ بوضوح كلاً من مخروط ماخ، وجبهات موجة الصدمة.

 

طائرة تدريب فوق صوتية
طائرة تدريب فوق صوتية


ونشاهد في الجزء الأيسر من الصورة، موجةَ صدمةٍ نَتَجَت عن المحرك المزدوج "T-38 Talon" لطائرة تدريب فوق صوتية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً () تعليقات