الثانية الكبيسة تُضاف لتُصبح الدقيقة 61 ثانية

شهدت ليلة الثلاثين من حزيران/يونيو 2015 إضافة "ثانية كبيسة" (Leap Second) إلى ساعات العالم الذريّة، وذلك لضبط التوقيت العالمي وُفقاً للتباطؤ التدريجي الحاصل في دوران كوكب الأرض.

حقوق الصورة: وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"
Credit: NASA


حَلَّ علينا شهر تموز/يوليو متأخراً قليلاً هذا العام، ولأكون أكثر دقة، فقد أتى متأخراً ثانية واحدة عن المعتاد.

من ناحية أخرى، فقد تجمَّد الوقت حول العالم لمُدة ثانية واحدة مساء يوم الثلاثين من يونيو/حزيران، وذلك بسبب إضافة ثانية كبيسة (leap second) إلى التوقيت العالمي المُنسّق Coordinated Universal Time أو اختصاراً UTC، والذي يُعتبرُ المعيارَ الذي يتم على أساسه تنظيم وضبط معظم الساعات على الكوكب. من جهته، قَرّر الجهاز الدولي المعني بدوران الأرض والأنظمة المرجعية International Earth Rotation and Reference Systems Service أو اختصاراً IERS، والذي يتولى مُهمة تتبُع الوقت حول العالم، أن هناك حاجة لإضافة ثانية أخرى إلى التوقيت العالمي من أجل التعامل مع دوران الأرض غير المُنتظم والآخذ بالتباطؤ تدريجياً.

 

هذا وقد تم إدراج الثانية الإضافية قبل مُنتصف الليل بِقليل حسب التوقيت العالمي المُنسق، وقبل مُنتصف الليل بقليل وِفقَ توقيت غرينتش GMT، وقبل الساعة الثامنة مساءً بقليل حسب التوقيت الصيفي الشرقي EDT. وبَدَلَ أن تَدُقّ ساعات التوقيت العالمي المُنسّق مُعلنة انتهاء اليوم بانتقال الوقت من الرقم 23:59:59 إلى الرقم 00:00:00، فإنها انتظر ثانية إضافية قبل إعلان انتهاء اليوم حيث كانت صيغة الوقت كالتالي: 23:59:60.

 

ما سبب حدوث هذا الأمر؟


تُعزى الحاجة لإضافة ثانية كبيسة إلى وجود بعض الاختلافات بين الوقت الذي تُسجله ساعاتنا الذريّة، والوقت الذي يُسجله دوران كوكب الأرض أثناء دورانه حول الشمس. لكن السؤال هنا: ما هو السبب وراء هذا التباطؤ في حركة الأرض؟

 

للإجابة على هذا السؤال أذكر لكم اللقاء الذي جمعني مؤخراً بعالم الفيزياء الفلكية الشهير، الأمريكي نيل ديغراس تايسون Neil deGrasse Tyson، الذي يشغلُ منصب مُدير قبة هايدن السماوية في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية New York’s Hayden Planetarium in USA. خلال اللقاء، تناقشت مع تايسون حول عدد من المواضيع الفلكية المتنوعة والتي كان من بينها قضية الثانية الكبيسة المُنتظر إضافتها للتوقيت العالمي.

 

بُخصوص هذا الموضوع، علق الدكتور تايسون قائلاً: "القمر يُبطئ من سُرعة كوكبنا". وأضاف: "إنه يشُدنا بجاذبيته، وإن نجح في ذلك؛ فسيصبح دوران الأرض بطيئاً في النهاية لدرجة يكون فيها مُساوياً للشهر القمري. عندها، ستعلق الأرض والقمر في حالة تقييد حركةٍ مُزدوجة تُعرف بالقيد المدّي (double tidal lock)، وستكون النتيجة أن كل واحد منهما سيُظهر وجهاً واحداً فقط للآخر".

 

يُضيف تايسون: "لكن، إذا قُمت بحساب الأمر رياضياً، ستجد أن حدوث هذا القيد المدّي بين الأرض والقمر سيستغرق وقتاً طويلاً جداً قد يتجاوز عمر الشمس نفسها. لذا، فهو أمر لا يستدعي أن نقلق حياله الآن".

 

من ناحية أخرى، هناك عوامل أخرى تُساهم في إبطاء حركة دوران الأرض، إلى جانب تأثير القمر، ومن هذه العوامل: الحركة العنيفة التي يشهدها قلب كوكبنا المُنصهر، وحركة محيطات العالم، وذوبان جليد القطب، وتأثيرات الجاذبية الشمسية.

 

التباطؤ غير المنتظم


منذ عام 1972، تمت المحافظة على عملية ضبط الوقت بالتوافق مع النطاق الزمني الذري (atomic time scale)، وذلك بناءً على اتفاقية دولية أُبْرِمَت بهذا الخصوص. قبل إضافة الثانية الكبيسة، كانت الأرض تخسر ما مقداره ثلاثة على ألف من الثانية كل يوم، وبَلَغَت سرعة الساعات الذريّة قبل عملية الإضافة مباشرةً أكثر بقليل من ستة أعشار الثانية. لذا، فقد ضمنت عملية إضافة الثانية الكبيسة عدم تجاوز الفَرق لحاجز تسعة أعشار الثانية.

 

إلى جانب عملية إدراج الثانية الكبيسة التي تمّت مساء الثلاثين من حزيران/يونيو، شهدت الفترة الممتدة منذ عام 1972 حتى الآن 25 عملية إضافة للثواني الكبيسة، كان آخرها في شهر حزيران/يونيو عام 2012.

 

تتم إضافة الثواني الكبيسة عندما يكون هناك حاجة لها، حيث تُضاف إما في 30 حزيران/يونيو، أو في نهاية السنة تماماً، أي في 31 كانون الأول/ديسمبر. من ناحية أخرى، شهد عام 1972 إضافة ثانيتين كبيستين (مع العلم أن تلك السنة -أي 1972- كانت بحد ذاتها سنة كبيسة). أما الفترة الممتدة من عام 1973 وحتى عام 1979، فقدت شهدت عملية إضافة سنوية للثانية الكبيسة، وذلك في ليلة رأس السنة تحديداً. لكن في الفترة الممتدة من عام 1999 إلى عام 2011، تمت إضافة ثانية كبيسة على التوقيت مرتين فقط، وكان ذلك في شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 2005 وعام 2008.

 

يعمل جو راو Joe Rao (كاتب المقالة) كمدرس ومُحاضر زائر في قبة هايدن السماوية في مدينة نيويورك New York’s Hayden Planetarium. كما أنه يكتب عن مواضيع علم الفلك لصالح مجلة التاريخ الطبيعي Natural History Magazine، وتقويم الفلاحين Farmers’ Almanac، وهي مجلة دورية سنوية تصدر في أمريكا الشمالية، إلى جانب غيرها من المنشورات. كذلك، يظهر على شاشات التلفاز في نشرات الأرصاد الجوية، ويعمل لصالح قناة "نيوز 12 ويستتشستر" في مدينة نيويورك.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات