دراسة توضح إمكانية التحكم في التحول الطوري السريع للمواد ذات الرابطة الرنينية

تدين كل من الأقراص المضغوطة القابلة لإعادة الكتابة، وأقراص الفيديو الرقمي، و أقراص البلوراي بوجودها إلى مواد التحول الطوري، والتي تعرّف بأنها تلك المواد التي تستطيع تغيير بنيتها الداخلية عند تعرضها إلى الحرارة، والتي يتحول هيكلها ذهاباً وإياباً بين الطور البلوري و الطور اللابلوري. وتلوح في الأفق إمكانية استخدام مواد التحول الطوري في تطبيقات أكثر إثارة وأهمية، ولكن، تُشكّل قدرتنا المحدودة في التحكم بدقةٍ في التغيرات التي تحصل عند كل طور، عقبةً أمام تطوير تكنولوجيا جديدة.

أحد أهم الاستخدامات الشائعة لمواد التحول الطوري هو استعمالها في مادة (GST). وتتألف هذه المادة من الجرمانيوم  (germanium)، والأنتيمون (antimony)، والتيليريوم (tellurium). وتعتبر هذه المادة على وجه الخصوص مفيدةً جداً للاستخدام، وذلك بسبب قدرتها على التحول من الطور البلوري إلى الطور اللابلوري بسرعةٍ أكبر من أي مادة أخرى تمت دراستها إلى الآن.

 

مخطط لمسار التحول فائق السرعة. المصدر: ICFO/Fritz-Haber-Inst. MPG/SUTD.
مخطط لمسار التحول فائق السرعة. المصدر: ICFO/Fritz-Haber-Inst. MPG/SUTD.

 

تنشأ هذه التغيرات في الأطوار نتيجة حدوث تغيرات في الروابط بين الذرات، ويؤدي هذا التغير في الروابط بدوره إلى تعديل الخصائص الإلكترونية والضوئية لمادة GST، كما هو الحال أيضاً بالنسبة لبنيتها الشبكية. فعلى وجه التحديد، تؤثر الروابط الرنينية  (resonant bonds)، والتي تتشارك الإلكترونات فيها في عدة روابط متجاورة، على الخصائص الكهروضوئية للمادة. بينما تؤثر الروابط التشاركية  (covalent bonds)، والتي يتم فيها تشارك الإلكترونات بين ذرتين، على البنية الشبكية للمادة. وعلى هذا المنوال، تقوم معظم التقنيات التي تستخدم مادة GST بتغيير كلٍ من الخصائص الكهروضوئية والبنيوية على حد سواء. ويعد هذا الأمر في الواقع مشكلةً وعيباً كبيرين بالنسبة إلى عملية تكرار التغيرات البنيوية، مثل عمليتي تسخين وتبريد المواد، لأنه يؤدي إلى خفض العمر الافتراضي للأجهزة التي تستخدم هذه المادة.

وفي دراسة نشرت مؤخراً في مجلة Nature Materials، استطاع فريق أبحاث في معهد العلوم الضوئية ICFO بقيادة الأستاذ سايمون وول Simon Wall، بمساعدة فاليريو برونييري Valerio Pruneri من المؤسسة الكتالونية للبحث والدراسات المتقدمة ICREA والباحث أيضاً في معهد ICFO، بالتعاون مع معهد فيرتز هابر التابع لشركة ماكس بلانك Haber-Institut der Max-Planck-Gesellschaft، استطاعوا أن يظهروا كيفية تَغيُّر الخصائص المادية والكهروضوئية لمادة GST خلال أجزاء من تريليون من الثانية عندما يحدث تحول في طور المادة. وقد تم استخدام ضوء الليزر بشكل ناجع في تعديل الروابط التي تتحكم بالخصائص الكهروضوئية، دون المساس بالروابط التي تتحكم في البنية الشبكية. ويسمح هذا التكوين الجديد بحدوث التغيرات العكسية السريعة في الخصائص الكهروضوئية، والتي تعتبر مهمة في تطبيقات الأجهزة، دون التسبب في خفض عمر الجهاز الافتراضي عن طريق تغيير بنيته الشبكية. وفضلاً عن ذلك، يعتبر التغيير الحاصل في الخصائص الكهروضوئية لمادة GST، والذي تم قياسه في هذه الدراسة، أكبرَ بأكثر من عشر مراتٍ من التغير التي تم قياسه في مواد السيلكون المستخدمة لنفس الغرض. وتشير هذه الدراسة إلى أن مادة GST ستكون ربما بديلاً مناسباً لمواد السيلكون المستخدمة بشكلٍ شائع وواسع.

ومن المتوقع أن يكون لهذه الدراسة آثارٌ مهمةٌ وبعيدة المدى على تطوير أجهزة التكنولوجيا الحديثة مثل شاشات العرض المرنة، والدوائر المنطقية (البوابات المنطقية) في الإلكترونيات، والدوائر الضوئية، والذاكرات العامة لتخزين البيانات. كما تشير هذه النتائج إلى إمكانية استخدام مادة GST في مجموعةٍ أخرى من التطبيقات، التي تتطلب مواد تتمتع بحدوث تغيراتٍ في خصائصها الضوئية بشكلٍ سريعٍ جداً وبدقةٍ عالية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات