عطارد: اقرأ المزيد

يأخذ المدار المنحرف والغريب لكوكب عطارد الكوكب إلى قربٍ من الشمس يبلغ 47 مليون كيلومتر (29 مليون ميل) في أقرب وصول له من الشمس، وإلى مسافة عن الشمس تبلغ 70 مليون كيلومتر (43 مليون ميل) في أبعد نقطة للكوكب عن الشمس. إذا ما أمكن لشخص ما الوقوف فوق السطح المحترق لعطارد عندما يكون موجود في أقرب نقطة له من الشمس، ستظهر الشمس أكبر بثلاث مرات مقارنةً بالحجم الذي نشاهده هنا على الأرض. 

يُمكن أن تصل درجة حرارة سطح عطارد إلى حوالي 800 درجة فهرنهايت (430 درجة سيلسيوس)؛ وبسبب عدم امتلاك الكوكب لغلاف جوي يُحافظ على الحرارة، فإن درجة الحرارة خلال الليل يُمكن أن تهبط إلى -290 درجة فهرنهايت (-180 درجة سيلسيوس).


من الصعب جداً رصد عطارد بشكلٍ مباشر من الأرض بسبب قربه الشديد من الشمس باستثناء وقت الفجر أو الغروب. ولا يظهر عطارد بشكلٍ مباشر من الأرض –إذ يُمكن رصده 13 مرة كل قرن وهو يعبر أمام قرص الشمس، ويُعرف هذا الحادث بالعبور. تحصل ظواهر العبور النادرة هذه خلال بضعة أيام في 8 مايو/أيار و10 نوفمبر/تشرين الثاني؛ وحصل أول عبورين في القرن الحادي والعشرين في 7 مايو/أيار 2003، و8 نوفمبر/تشرين الثاني 2006 وستحصل عمليات العبور القادمة في 9 مايو/أيار 2016 و11 نوفمبر/تشرين الثاني 2019. 


يُنجز عطارد دورة كاملة حول الشمس كل 88 يوم؛ متحركاً عبر الفضاء بسرعة تصل إلى 50 كيلومتر (31 ميل) في الثانية الواحدة، وبذلك يكون أسرع من أي كوكب آخر؛ ويساوي اليوم الشمسي الواحد فوق عطارد حوالي 175.97 يوم أرضي.

بدلاً من الغلاف الجوي، يمتلك عطارد اكسوسفير رقيق جداً ومصنوع من ذرات انطلقت من سطح الكوكب جراء التصادم مع الرياح الشمسية والنيازك الصغيرة؛ وبسبب ضغط الرياح الشمسية، تُفلت الذرات بشكلٍ سريع إلى الفضاء، وتُشكل ذيلاً مؤلفاً من الجسيمات الحيادية.

 
على الرغم من أن شدة الحقل المغناطيسي لعطارد عند السطح تبلغ 1% من قيمة الحقل المغناطيسي الأرضي، إلا أن هذا الحقل يتفاعل مع الحقل المغناطيسي للرياح الشمسية ليقوم بشكلٍ عرضي بخلق أعاصير مغناطيسية تقوم بتسريع بلازما الرياح الشمسية السريعة والساخنة بشكلٍ حلزوني نحو السطح؛ وعندما تصدم الأيونات سطح الكوكب، تقوم باقتلاع الذرات الحيادية وتُرسلها على طول حلقات مرتفعة نحو السماء.


يُشبه سطح عطارد سطح قمر الأرض؛ فهو يحتوي على العديد من الفوهات التصادمية الناتجة عن التصادم مع النيازك والمذنبات. نشأت الأحواض التصادمية الكبيرة جداً –بما في ذلك كالوريس (بقطر 1550 كيلومتر أو 960 ميل)، ورحمانينوف (بقطر 360 كيلومتر أو 190 ميل) –جراء تصادم الكويكبات مع سطح الكوكب خلال المراحل المبكرة من تاريخ النظام الشمسي. 

في الوقت الذي تُوجد فيه مساحات واسعة من الأراضي الناعمة، يُوجد في الوقت نفسه تضاريس ومنحدرات فصية الشكل يبلغ طولها بضعة مئات الأميال وتمتد على ارتفاع يصل إلى ميل؛ وتشكلت هذه المنحدرات جراء انخفاض درجة الحرارة الداخلية للكوكب وانكماشه مع مرور مليارات الأعوام منذ تشكله. 


يوجد في عطارد قلب معدني كبير حيث يصل نصف قطره إلى 2000 كيلومتر (1240 ميل) –يُشكل 80% من نصف قطر الكوكب –ويُعتبر عطارد ثاني أكثر الكواكب كثافة في النظام الشمسي بعد الأرض. في العام 2007، استخدم الباحثون تلسكوبات أرضية راديوية من أجل دراسة القلب ووجدوا أدلة على أنه منصهر جزئياً (سائل). وتبلغ سماكة القشرة الخارجية لعطارد، مقارنة مع سماكة القشرة الخارجية للأرض (المعروفة بالعباءة والقشرة)، حوالي 400 كيلومتر فقط (250 ميل).


كانت المركبة الفضائية مارينر 10 أول مركبة تزور عطارد، وقامت بتصوير حوالي 45% من سطحه. بعدها حلقت المركبة الفضائية مسنجر (اختصار لمهمة ناسا لدراسة سطح عطارد والبيئة الفضائية والكيمياء الجوفية والسلاسل) مروراً بعطارد لثلاث مرات في الأعوام 2008-2009 وهي تدور حول الكوكب منذ 18 مارس/آذار 2011. حالياً، تم تصوير معظم سطح الكوكب تقريباً، ما كشف عن سطح تشكل جراء الأنشطة البركانية الشديدة بالإضافة إلى التصادمات العنيفة. 


قدمت البيانات القادمة من المركبة الفضائية مسنجر كنزاً من الاكتشافات العلمية؛ وتضمّن ذلك تحديد تضاريس جديدة تُعرف بالتجاويف (hollows)؛ إذ تُوضح القياسات أن عطارد يمتلك كميات وفيرة من العناصر المتطايرة كالكبريت والبوتاسيوم. قدمت تلك البيانات أيضاً اكتشاف مثيراً وهو أن الحقل المغناطيسي لعطارد يرتبط نسبياً بخط استواء الكوكب وأن الكوكب يمتلك بنية داخلية استثنائية بشكلٍ كبير. 


في العام 1991، وضح الفلكيون باستخدام التلسكوبات الأرضية احتمالية احتواء عطارد لجليد الماء في القطبين الجنوبي والشمالي داخل الفوهات العميقة جداً. وأثبتت مراقبات مسنجر أن المواد، التي تمَّ تحديدها بوساطة الرادار، موجودة فقط في الأماكن ذات الظلال الدائمة وهو أمر ينسجم مع فكرة أن تلك المناطق باردة إلى درجة كافية من أجل الحفاظ على جليد الماء بصرف النظر عن درجات الحرارة المرتفعة جداً والتي يُعاني منها الأجزاء المضاءة بالشمس فوق سطح الكوكب.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات