حواء تغزو المريخ!

هل تود الذهاب في رحلة إلى المريخ؟ حسناً، يجب أن تعلم أن متوسط الحرارة على سطح المريخ يبلغ 81 درجة تحت الصفر. على الرغم من ذلك، يقول العلماء إنه في غضون 15 سنة سنكون قادرين على زيارة الكوكب الأحمر، وحتى السكن هناك. نرى في هذه الصورة أربع رائدات فضاء وهنّ: نيكول أونابو مان Nicole Aunapu Mann، وآن ماكلين Anne McClain، وجيسيكا ماير Jessica Meir، وكريستينا هاموك كوخ Christina Hammock Koch. تم التقاط هذه الصورة في مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة ناسا ومقره في هيوستن.

عندما كانت جيسيكا ماير طالبة في الصف الأول، قامت برسم صورة لنفسها وهي واقفة على سطح القمر. على ما يبدو، إن جيسيكا قد قللت من تقدير طموحها الخاص، فاليوم في عمر الثامنة والثلاثين قد تصبح جيسيكا أول إنسان يهبط فوق سطح المريخ. وبالطبع، يعتبر هذا الأمر خطوة كبيرة للبشرية، لكنه يمثل أيضاً قفزة عملاقة بالنسبة للجنس اللطيف.

لن تنطلق البعثة المتوجهة إلى المريخ قبل 15 سنة أخرى، حيث سيتم خلال هذه المدة الطويلة صناعة واختبار كل قطعة من معدات المركبة الفضائية. هذا ومن المتوقع أن تكون هذه الرحلة أكثر عملية استكشاف فضائي تحظى بالاهتمام والمتابعة حيث يترقبها العالم بأسره.

 

فعدد كبير من الحكومات في مختلف أنحاء العالم مثل الصين وأوروبا وروسيا لديها بالفعل خطط قيد التنفيذ تهدف إلى إرسال الروبوتات لتهبط على سطح المريخ، أما في الولايات المتحدة الأميركية فإن العديد من الشركات الخاصة مثل SpaceX قد دخلت في شراكة مع وكالة ناسا بخصوص إرسال بعثة استكشافية تقل البشر على متنها، إضافة طبعاً إلى التخطيط لإرسال مجموعة من الرحلات التجارية.

 

وخلافاً لسباق الوصول إلى القمر في ستينيات القرن الماضي، فإن للنساء أدواراً محورية وهامة للغاية في هذه البعثة مثل بناء الصواريخ، وتصميم بزات رواد الفضاء، إضافة إلى التحكم في المركبة المتحركة التي بدأت بالفعل بإرسال رؤىً هامة حول المريخ.

حسناً، إذا أردنا أن نكون صريحين مع أنفسنا فيجب علينا الاعتراف بأن هبوط الإنسان على سطح المريخ ليس أمراً في غاية السهولة، حيث يبلغ أقصر طريق إلى المريخ حوالي 35 مليون ميل (56 مليون كم). وعليه فإن الوصول إلى هناك سيستغرق مدة تتراوح ما بين 6 إلى 9 أشهر، أي أن الرحلة الكاملة ذهاباً وإياباً ستستغرق ما بين عامين إلى ثلاثة أعوام.

 

وفي هذا الصدد، تقول البروفيسورة دافا نيومان Dava Newman، وهي نائبة مدير وكالة ناسا: "ستكون هذه الرحلة أطول وأبعد وأكثر رحلات استكشاف الفضاء طموحاً في التاريخ". وبالطبع، لن يكون طول مدة الرحلة هو مصدر القلق الوحيد لناسا، فعندما يهبط رواد الفضاء على سطح المريخ سيتوجب عليهم التنقل عبر عواصف الغبار العملاقة، ودرجات الحرارة الباردة التي يمكن أن تنخفض إلى 284 درجة فهرنهايت تحت الصفر في الشتاء (-140 درجة مائوية)، إضافة طبعاً إلى خطر التعرض للإشعاع المجري المسبب لمرض السرطان.

 

أما في حال حصول خلل ما في معدات رواد الفضاء، فإنه لن يكون بمقدور الوكالة سماع نداءات الاستغاثة إلا بعد مرور 10 دقائق، كما لا يوجد أي مجال للتراجع. وتعليقاً على هذا الأمر، يقول جيسون كروسان Jason Crusan، وهو مدير أنظمة الاستكشاف المتقدمة في وكالة ناسا: "إن هذه البعثة مختلفة كلياً عن الرحلات إلى القمر التي تستغرق مدة قصيرة لا تتجاوز ثلاثة أيام، لذا إذا أردت الذهاب إلى المريخ فإنك ستستمر في رحلتك بدون توقف أو تراجع" .

وعلى الرغم مما سبق، لا يمكن مقاومة إغراء الذهاب إلى المريخ، حيث كشفت مركبات المريخ هناك عن أرض مليئة بالفوهات والكثبان الرملية الحمراء. كما تم العثور على أدلة حول وجود الماء السائل وليس المتجمد فقط على سطح المريخ، وهو أمر يدل في الغالب على إمكانية الحياة هناك. تقول ماير تعليقاً على هذا الأمر: "يمكن للمريخ أن يخبرنا الكثير من المعلومات حول ماضي وحاضر ومستقبل الأرض، وهذا بالطبع أمر رائع للغاية".


هذا وللمرة الأولى على الإطلاق ستشكل الإناث نصف فريق رواد الفضاء الجديد في وكالة ناسا، حيث تتكون المجموعة من نساء شجاعات لا يعرفن معنىً للخوف أبداً. تضم المجموعة كلاً من ماير وزميلاتها كريستينا هاموك كوخ (37 سنة) Christina Hammock Koch، وآن ماكلين (36 سنة) Anne McClain، ونيكول أونابو مان (38 سنة) Nicole Aunapu Mann، واللواتي شاركن في عدد من المهام القتالية في العراق كما تحدين المناخ القاسي في القطب الجنوبي، وقمن بالغوص تحت طبقات الجليد السميكة في القارة الفطبية الجنوبية. وفي فصل الخريف الماضي، أعطين مجلة Glamour حق التغطية الحصرية لتدريباتهن في منشآت وكالة ناسا في هيوستن، كما تكلمن عن مغامراتهن الرائعة.

"لا أستطيع تذكر أنني لم أرد في يوم من الأيام أن أكون رائدة فضاء".


تقوم وكالة ناسا بقبول تطوع مجموعة من رواد الفضاء المستقبليين كل 4 أو 5 سنوات، وبالطبع فإن المنافسة بينهم ستكون محتدمة للغاية. هذا وتستغرق المدة ما بين تقديم الطلبات ونيل القبول حوالي سنة ونصف السنة، وتشمل الإجراءات مجموعة من الاختبارات النفسية والطبية المكثفة. وقد أعلنت وكالة ناسا عند اختيار أولائك الإناث ضمن مجموعة عام 2013، أنه من المحتمل اختيارهن ليكنّ على متن الرحلة الأولى إلى سطح المريخ.

تقول آن ماكلين: "كان هناك حوالي 6100 متقدم للتطوع في المجموعة الذي يبلغ العدد الكلي لأفرادها 8 فقط، لذا قمت بتقديم طلبي دون أن أتوقع أنه سيتم قبولي. وطبعاً، لا أزال أذكر حالتي عندما تلقيت اتصالاً هاتفياً يخبرني بأنه تم قبولي ضمن الفريق، حيث لم أعد قادرة وقتها على التنفس أو التكلم من فرط سعادتي وبعدها بدأت بالبكاء فرحاً.

 

لقد نشأت في سبوكان بولاية واشنطن، وكنت أريد على الدوام أن أصبح رائدة فضاء. كما أنني تعلمت الكثير خلال وجودي في الجيش حيث خدمت 15 شهراً في العراق، قمت فيها بالتحليق بطائرات الهيلكوبتر الهجومية فوق خطوط المواجهة الأمامية. وبالطبع، كان قرار انضمامي إلى الجيش نابعاً من شعوري العميق بالواجب، ولكني أشعر أن قدري هو أن أكون رائدة فضاء.

 

ومع وجود جميع هذه الصراعات والحروب في العالم، فإن استكشاف الفضاء قد يغدو بارقة أمل بمستقبل أفضل للبشرية، حيث لا أحد يهتم بالدين أو العرق أو الجنسية عند السفر في الفضاء، لأننا ببساطة نكون عندئذ جزءاً من فريق يمثل البشرية بأكملها".

أما البروفيسورة جيسيكا ماير فتقول: "لقد كان مشهد النجوم في السماء رائعاً وبديعاً عند النظر إليه من بلدتي الواقعة في ولاية ماين، وربما هذا هو السبب الكامن وراء رغبتي منذ الصغر في أن أصبح رائدة فضاء. كما أنني أيضاً أحب الذهاب إلى الأماكن النائية وخوض التحديات القاسية، فعلى سبيل المثال قمت بالعيش في القطب الجنوبي أثناء إجرائي بحثاً عن البطريق الإمبراطوري من أجل نيل شهادة الدكتوراة. هذا طبعاً إضافة إلى الغوص لمسافة عدة أقدام تحت سطح الجليد".

ومن جانبها، تقول كريستينا هاموك كوخ: "كانت غرفة نومي في مدينة جاكسونفيل بولاية نورث كاليفورنيا، مليئة بصور مكوك الفضاء جنباً إلى جنب مع صور فرقة New Kids on the Block. ومنذ الصغر، وضعت نصب عيني العمل مع وكالة ناسا، ولكنني لم أرد طبعاً أن أحقق ذلك عبر اتباع الطرق التقليدية من قبيل تعلم الطيران أو الغوص، بل على العكس أردت أن أحقق ذلك نظراً لأنني جد متحمسة للعلوم وللحدود المقبلة للكون.

 

وعندما جاءتني الفرصة لقضاء سنة في القطب الجنوبي، فإنني انتهزتها وذهبت إلى هناك، حيث كنت مسؤولة عن أكثر من 10 آلاف غالون من الهيليوم السائل للحفاظ على التبريد الفائق للتلسكوبات. وقد كان شعارنا هناك: "إذا كانت برودة القطب الجنوبي غير كافية، فاطلبوا مساعدتنا!".

هذا وتقول العضو الأخير في المجموعة نيكول أونابو مان: "أنا على الأرجح واحدة من بين عدد قليل من رواد الفضاء الذين لم يعرفوا ما يريدون فعله عندما كانوا صغاراً، حيث بدت لي كلمة "رائدة فضاء" حلماً بعيد المنال. لقد ولدت وترعرعت في بينغروف بولاية كاليفورنيا، ولم ألحظ أنني مرشحة مناسبة لأكون رائدة فضاء إلا بعد تحليقي مع مشاة البحرية على متن الطائرات المقاتلة المتوجهة إلى العراق. وبالطبع، سيكون السفر عبر الفضاء اروع شيء في العالم بأسره".


"لن تنس مطلقاً لحظة شعورك بانعدام الوزن للمرة الأولى"


خلال مدة التدريب التي استمرت لعامين، كان على المرشحين تعلم المهارات الضرورية للسفر عبر الفضاء ليصبحوا رواد فضاء. فقد حلقوا على متن طائرة T-38 التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، حيث تستطيع قطع مسافة تقدر بـ 20 ميلاً ( 32 كيلومتراً) خلال الدقيقة الواحدة. كما تم تدريبهم على تشغيل المركبة الفضائية، إضافة إلى إتقان تنفيذ المهام تحت عمق 40 قدماً (12 متراً) من الماء الموجود في حوض كبير يدعى بـ مختبر الطفو المحايد، وذلك كي يعتادوا على حالة انعدام الوزن، والنجاة خلال تجربة محاكاة للفضاء تدعى بـ مذنب القيء vomit comet.

تقول كوخ: "لقد كان الأمر الأكثر إثارة بالنسبة إلي هو التحليق على متن الطائرة T-38، فأنا كمهندسة معتادة دائماً على التوجه إلى مكتبي للتفكير بهدوء في حل إحدى المشاكل، ولكن عند التحليق على متن طارة أسرع من الصوت فبالطبع لن تحظ بهذه الرفاهية!".

أما ماير فتقول: "بالنسبة لي يعتبر التدريب على السير في الفضاء بمثابة مكافأة عظيمة، فعندما ترتدي بدلة رائد الفضاء سيصبح وزنك حوالي 400 باوند (181 كلغ)، لذا فقد ساعدني شخصان بارتدائها إضافة طبعاً إلى استخدام الرافعة لإنزالي إلى داخل الحوض. لقد استمرت جلسة التدريب لحوالي ست ساعات مرهقة كانت عبارة عن تحدٍ جسماني، حيث أن ذراعاي كانتا في وضعيات وزوايا صعبة نظراً لوزن البدلة الإضافي، كما أن القفازان كانا ضخمين جداً ومضغوطين.

 

ولذا، فإن أي حركة مهما كانت بسيطة مثل إحكام قبضة اليد ستتطلب مني جهداً كبيراً للغاية. وبالطبع، ستتعلم أن الاندفاع وأنت مرتدٍ للبذلة لن يوصلك إلى اي مكان (وكما يقولون دائما: عندما ترتدي البدلة، فإن الحركة المتأنية ستوصلك إلى هدفك بشكل سريع). في إحدى المرات رأيت زميلاً وهو يرتدي بدلة الفضاء، وقلت لنفسي حينها: يا إلهي إنه رائد فضاء. واليوم، بعد مضي 30 عاماً على حلم الطفولة بأن اصبح رائدة فضاء، يمكنني القول أنني قد حققت ذلك بالفعل".

وأيضاً تقول مان: "لقد أذهلتني تجربة مذنب القيء بشكل كبير".

 

تتابع ماير حديثها فتقول: "لقد كانت عبارة عن طائرة كبيرة ذات تجويف بداخلها، فعندما يكون القبطان في الجزء العلوي من القطع المكافئ وتقوم بالسقوط الحر باتجاه الأرض، فإنك ستشعر بانعدام الوزن لمدة تبلغ 25 ثانية. وبعدها، سيتكرر الدوران لحوالي 30 أو 40 مرة، الأمر الذي يجعل الكثير من الأشخاص يصابون بالغثيان، ومن هنا أتت تسميته بـ "مذنب القيء". ولكن على الرغم من هذا كله، فإنك لن تنس شعورك أثناء تجربتك الأولى لانعدام الوزن، لقد أحببت الأمر حقاً".

وتعلق ماكلين أيضاً بقولها: "نحاول الاستعداد لكل احتمال ممكن، فعلى سبيل المثال دعونا نتخيل أن أحد رواد الفضاء أصيب بوجع في الأسنان، عندها يجب أن يكون أحد أفراد الطاقم قد تم تدريبه لمعالجة هذا الأمر. وأيضاً، عند الوصول إلى هناك "بعد 9 أشهر"، فما هو مقدار الثقة الذي ستتمتع به؟ حسناً، أنا كلي ثقة أن وكالة ناسا ستجد الحلول المناسبة لهذا الأمر. وهناك أمر آخر، عند مغادرة منصة الإطلاق، هل سنشعر بالخوف؟ إطلاقاً، ولكن في حال تجنبت مواجهة مخاوفك، فإنك لن تحقق أي اكتشافات مهمة على الإطلاق.


نرى رائدة الفضاء ماكلين وهي تحاول تجربة نموذج تجريبي من بدلة رواد الفضاء. تقول ماكيلين: "ارتداء بدلة الفضاء هو أمر شاق للغاية، إنه يشبه الدخول إلى طائرة صغيرة الحجم".
نرى رائدة الفضاء ماكلين وهي تحاول تجربة نموذج تجريبي من بدلة رواد الفضاء. تقول ماكيلين: "ارتداء بدلة الفضاء هو أمر شاق للغاية، إنه يشبه الدخول إلى طائرة صغيرة الحجم".


"هل يمكن مقاومة إغراء الوقوع في حب الذهاب في رحلة إلى المريخ؟"


على مدار الـ 15 سنة القادمة، سيعمل رواد الفضاء على صقل مهاراتهم سواء على الأرض أم في الفضاء. وعلى الأرجح، سيذهب رواد الفضاء بواسطة كبسولة الإطلاق الخاصة ببعثة المريخ في رحلة إلى كويكب موجود قرب القمر، وذلك في اختبار تشغيل للمركبة.

 

هذا وبمجرد البدء بالبعثة الفعلية فإنها ستسير على النحو التالي: سيمضي رواد الفضاء الأربعة الذين تم اختيارهم (من هذه المجموعة أو من مجموعات أخرى) فترة تتراوح بين 2 إلى 3 أسابيع داخل كبسولة الإطلاق، وبعده سيلتقون مع سفينة فضاء أكبر حجماً تعرف باسم "المنزل"، وذلك لإمضاء ما تبقى من الرحلة الطويلة إلى المريخ.

 

وعندما يصلون إلى هناك، فإنهم سيمضون فترة سنة قبل العودة إلى الأرض داخل مقر جاهز، عملت الروبوتات الآلية على تشييده قبل وصولهم. في الواقع، إنها فترة طويلة جداً ليمضيها الأشخاص الأربعة مع بعضهم البعض لوحدهم، ألن يسبب ذلك حدوث شجارات بينهم؟ أو حدوث بعض مشاعر الود والحب الرومانسية؟.

 

حسناً، للإجابة عن هذه التساؤلات، قامت وكالة ناسا بتمويل سلسلة من الدراسات التي تبحث في هذا الموضوع والتي تعرف باسم: HI-SEAS، حيث تم وضع فريق مؤلف من ستة رجال ونساء داخل قبة حيوية biodome تبلغ مساحتها 1300 متر مكعب تقع بالقرب من بركان جزيرة هاواي، وقد امضوا هناك سنة كاملة لوحدهم.

وفي معرض تعليقها على هذا الأمر تقول سوزان بيل Suzanne Bell، وهي أخصائية نفسية في مجال ديناميكا التفاعل بين أعضاء المجتمع، كما تساهم في دراسة مولتها وكالة ناسا بخصوص البعثات طويلة الأمد: "تتمتع البعثة إلى المريخ بجميع المقومات التي تجعل من نشوء علاقة حب بين أفراد الطاقم أمراً ممكنا، وقد شاهد الباحثون هذا الخطر خلال تجربة المحاكاة.

 

ففي إحدى الحالات، بادر أحد الرجال بتوجيه إشارات جنسية غير مرغوب فيها نحو امرأة موجودة ضمن جماعة أخرى، لذا فقد قرروا إغلاق الطريق الواصل بين أماكن المجموعتين. وعليه، يعتبر هذا الموضوع أمراً جدياً للغاية يتوجب على وكالة ناسا التفكير فيه ملياً عند إرسال الرجال والنساء معاً في رحلة تستغرق 3 سنوات".

وتعلق أيضاً على هذا الموضوع مارثا لينيو (35 سنة) Martha Lenio، وهي حاصلة على شهادة الدكتوراة كما أنها متطوعة سابقة في أبحاث HI-SEAS، بالإضافة إلى أنها ترغب في أن تصبح رائدة فضاء كندية: "لقد حدثت بيننا الكثير من المشاجرات والنزاعات ربما بسبب الملل والفراغ، ولكننا كنا قادرين على إيجاد وسيلة ما لحلها جميعاً.

 

وبشكل عام، ما كنت قلقة جداً حياله هو الشعور بالملل نتيجة تناول الطعام المجفف أو المجمد، لم يكن مشكلة على الإطلاق، فقد كنا نتنافس على إيجاد طرق جديدة لتناول التاكو مع البيتزا. وفي النهاية بعد مضي حوالي 8 أشهر، كان بعض أفراد الطاقم على استعداد للخروج وإنهاء التجربة، أما أنا فقد كنت مستعدة لقضاء المزيد من الوقت".

وفي هذا السياق، تقول شيري جيفورد (37 سنة) Sheyna Gifford، وهي طبيبة في سانت لويس، كما أنها تعيش حالياً لمدة سنة في القبة كجزء من تجربة HI-SEAS: "يقدم لنا الباحثون في التجربة على الأرض (نعتبر أنفسنا محاكاة لرواد الفضاء في محاكاة لرحلة إلى الفضاء) أدوات تساعدنا على التعامل مع العزلة، على سبيل المثال لدينا بعض ألعاب الواقع الافتراضي التي يمكن أن نلعبها مع أحبائنا الموجودين بالمنزل، وبالتالي نستطيع التواصل مع بعضنا وترك الملاحظات والصور لبعضنا البعض إضافة إلى اللعب سوياً. وربما قد يستخدم باحث آخر الواقع الافتراضي كي يأخذنا في جولة لعدة دقائق إلى الشاطئ، حيث يمكن أن يبدو الأمر كالانتقال من مكان إلى آخر في لمح البصر".


"ستتغير حياة ابني عند ذهابي على متن الرحلة"


لن يكون بمقدور طاقم البعثة أن يأخذوا معهم في رحلتهم إلى المريخ سوى صندوقين صغيرين يحتويان على أغراضهم الشخصية، ولكن الأمر الصعب جداً هو فراق العائلة، حيث أن ثلاثة من أعضاء الطاقم متزوجات واثنتان من الطاقم هما أمهات.

تقول كوخ: "بالتأكيد سأفتقد زوجي. عندما كنت في القطب الجنوبي، أخذت معي صندوقين وضعت فيهما بعض الأغراض الشخصية، ولم افتحهما إلا مرة واحدة كل بضعة أشهر وذلك كي أبقى متحمسة حيالهما. أما بالنسبة إلى الرحلة إلى المريخ، فإنني سأطلب من عائلتي وأصدقائي أن يجهزوا عدة مفاجآت كي أقوم بفتحها في الفضاء وفق مواعيد محددة، وبالطبع فإن بطاقة مكتوبة بخط اليد هي أفضل شيء يمكن أن تتخيله عندما تكون غائباً لفترة طويلة تمتد لـ 15 شهراً".

أما ماكيلين فتقول: "في حال كانت هذه البعثة الطويلة الأمد مقررة اليوم، فإن ما أتمناه حقاً هو وجود اتصال مرئي مع ابني الذي يبلغ من العمر 3 سنوات ومع حبيبي. إن فراق العائلة هو الأمر السلبي الوحيد في رحلات الفضاء، فهي تعني كل شيء بالنسبة إلي. وأيضاً أرغب في أخذ دمية القرد العائدة إلى ابني وذلك لأنه سيعجب كثيراً برؤيتها وهي تطفو في الفضاء".

ومن جانبها تقول ماير: "ما سأحتاجه قعلاً في هذه الرحلة هو سماع بعض الموسيقى، تحديداً أغاني فرقة Red Hot Chili Peppers، لذا سأطلب من بعض الأصدقاء أن يحضروا مجموعة من المقاطع لهذه الفرقة. وبالطبع، سأحاول أيضاً قراءة صحيفة نيويورك تايمز".

أما مان فتعلق قائلة: "إذا تم اختياري للذهاب إلى البعثة، فسأخبر ابني حول ما سأقوم به. يبلغ عمر ابني الآن حوالي 4 سنوات، ولكن في ذلك الحين سيكون في سن المراهقة أو في العشرينيات من عمره، وعليه فإن حياته ستتغير بشكل كبير أثناء ذهابي في الرحلة وهذه تضحية كبيرة جداً".


"في الفضاء لا وجود للحدود والحواجز"


إذا تم اختيارهم للذهاب إلى البعثة، فإن هؤلاة النسوة إضافة إلى زملائهن من رواد الفضاء سيقدمون على تضحيات كبيرة للغاية، إلا أنهم، في الآن ذاته، سيكتبون أسماءهم بأحرف من ذهب لإقدامهم على تحقيق ما قد يكون الاكتشاف الأعظم للبشرية حتى يومنا هذا، وهي تجربة لم يكن بمقدور الأشخاص الذين سبقوهم سوى تخيلها فقط.

في هذا السياق، يقول ريتشارد جاريوت دي كيو (54 عاماً) Richard Garriott de Cayeux، وهو رائد فضاء خاص كان سافر إلى محطة الفضاء الدولية: "عندما تطفو في علبة من قصدير ذات رائحة وضجة صاخبة، فإنك ستختبر ما يطلق عليه رواد الفضاء اسم تأثير النظرة العامة: حيث يمكنك رؤية كيفية تشكل وتحرك الطقس، كما يمكنك رؤية الصفائح التكتونية للأرض إضافة إلى الصحاري والمحيطات. وعندها ستشعر فجأة بأن هذا العالم الذي كنت تفكر فيه على أنه مكان واسع، يبدو صغيراً وهشاً. حينها، يستحيل ألا تشعر بحاجةٍ ماسة لحماية كوكبنا وبيئتنا".

وأما تريسي كالدويل دايسون (46 سنة) Tracy Caldwell Dyson، وهي رائدة فضاء عاشت لمدة 6 أشهر تقريباً في محطة الفضاء الدولية وهي حائزة على شهادة الدكتوراة فتقول: "أمضيت 90 دقيقة كل ليلة في المراقبة أثناء دوران المحطة حول الأرض، حيث كنا نعبر بسرعة تقدر بحوالي 17 ألف ميل بالساعة، لذا لم يكن لدي سوى لحظة قصيرة للمشاهدة قبل أن يتحول المنظر إلى مكان آخر.

 

أما التجربة الأصعب برأيي فهي عندما أجريت أول عملية سير في الفضاء لإصلاح مضخة التبريد، ولكنها للأسف منيت بالفشل. لقد كنت على دراية تامة بمدى الخطورة الكامنة في الخروج إلى الفراغ في الفضاء (مرتديةً فقط بدلة رواد الفضاء). كما أنني سعيدة جداً من أجل النساء اللواتي سيذهبن إلى الفضاء، ولا أطيق الانتظار حتى أرى إلى أين سيذهبن في رحلتهن وما الذي سيقمن به".

تقول ماكلين: "إذا ذهبنا إلى المريخ فسنكون ممثلين للجنس البشري بأكمله في مكان لم يسبق للبشر الوصول إليه من قبل، وبالنسبة لي فإن هذا الهدف هو الهدف الأسمى الذي يمكن لأي إنسان تحقيقه في حياته".

أما ماير فتقول: "ما الذي يستطيع البشر تحقيقه؟ لطالما شكلت فكرة استكشاف المناطق الجديدة جزءاً لا يتجزأ من التجربة الإنسانية، لذا فإن محاولة فهم مكاننا الحقيقي في النظام الكوني هو ما دفعني للقيام بهذا الأمر أكثر من أي شيء آخر".

وتعلق ماكلين أيضاً: "عندما تكون في الفضاء، فإنك لن تستطيع مشاهدة الحدود، كل ما ستراه هو هذا الكوكب الوحيد الذي نقيم عليه حيث تملؤنا مشاعر الغضب والكراهية نحو بعضنا البعض. لذا فإنني أتمنى أن يتمكن الناس من مشاهدة مدى صغر الأرض، وبالمقابل، مدى اعتمادنا على بعض البعض في حياتنا".

وختاماً تقول مان: "مجرد التفكير بهذا الأمر يصيبني بالرهبة الشديدة".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات